المسؤولية المجتمعية دعاية أم واجب.. بقلم: سامر يحيى

المسؤولية المجتمعية دعاية أم واجب.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩

اعتمدت الأمم المتحدة الخامس والعشرين من أيلول من كل عامٍ يوماً لما سمّي "المسؤولية الاجتماعية" بعد الاتفاق على أجندة "التنمية المستدامة 2030"، وأسوةً بالكثير من المصطلحات التي نأخذها كما هي دون أن ندرسها بشكلٍ جديّ ونضع برنامج عملي لها وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع بشكلٍ سليم بما يتناسب والبيئة والمحيط الذي نعيش به، مما يؤدي لعدم قدرتها على تنفيذ المتوخّى منها.
المسؤولية الاجتماعية ليست دخيلة على مجتمعنا، بل زرعت في عقل وقلب كلٍ منا، منذ نعومة أظافرنا، ومع التطوّر الذي شهده العالم، بات حرياً بأن تقوم المؤسسات والشركات بالدور المنوط به في خدمة المجتمع لا أن يبقى محصوراً بالمؤسسات الحكومية والتصرّفات الفردية، ولكن هل ما ينفق تحت بند التسويق والدعاية والإعلان يعني المسؤولية الاجتماعية، أم المفترض أن تكون المسؤولية الاجتماعية هي الإطار الجامع لعمل أي مؤسسةٍ مهما كانت طبيعة عملها، وبالتالي تكون أداةً إيجابية وبنّاءة لدائرة العلاقات العامة بكل مؤسسة من أجل توجيه هذه البنود بالشكل الذي يساهم في تحقيق العائد الإيجابي للمؤسسة، وبنفس الوقت خدمة المجتمع والقيام بواجبها تجاهه، وكسب الرأي العام وصناعة الصورة الذهنية للمؤسسة بآنٍ معاً... لأن شعور المستهلك بأن المؤسسات أو الشركات الخاصة والعامة تهتم بمشكلاته، وتبحث عن رغباته ومتطلباته، وتساهم في التفكير لإيجاد حلول للتحديّات التي يواجهها، بشكلٍ مدروس ومتقن، لخلق فرص عملٍ وموارد إنتاج، بعيداً عن الهدر والعشوائية، وما ينتج عنه من سوء فهمٍ، لأن البعض من الشركات تحت شعار المسؤولية الاجتماعية يشعر المواطن وكأنّه شحّاذ، إلى ما هنالك..  ولجسر الهوّة بين المواطن ومؤسسات وطنه بكل انتماءاتها وطبيعة عملها، عليها التحلّي "بالمسؤولية المجتمعية بشكلٍ مستدامٍ مدروس، يشمل كل مؤسسة حسب تخصصها واختصاصها" لا سيّما أننا نسمع الكثير من الهدر في تقديم المساعدات والهبات، فيبيع البعض المساعدات التي تُقدّم له، والبعض يسرق قسماً منها ويوزّع قسماً ضئيلاً، وبعض المستودعات تضطر لرمي البضائع لديها أو اتلافها لانتهاء صلاحيتها، أو تأخير تقديم الدعم لهذه الجمعية أو تلك لتأخر وسائل الإعلام بالحضور، أو رعاية برنامجٍ تلفزيوني وبعد انتهاء العرض التلفزيوني يعود كل شيء كما كان.. أو دعم ذوي الشهداء والجرحى إلى ما هنالك من أمورٍ وتصرّفاتٍ تساهم في سوء فهم ولغطٍ في تحمّل المسؤولية المجتمعية، التي تفقده الصدقية مع ذاته قبل المجتمع.
إن التشاركية المجتمعية، والإعلام التنموي، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية وحتى الخدمية، هي التي تؤدي للوصول للهدف المنوط به من خلال استثمار كافّة الجهود بالطريق القويم، بما يشمل أكبر شريحةٍ من أبناء الوطن، ليكون الجميع أوردةً لتنشيط الاقتصاد ودعم كافّة أبناء الوطن دون استثناء، فالمؤسسات الحكومية المفترض أن تكون لكلٍ منها الإحصائيات والبيانات والمعطيات الكاملة لما تحتاجه البلد للنهوض والانطلاق بقوة، وبالتالي توجيه جهود الجميع للهدف المنشود، عبر التشاركية وتبادل الرأي والمعلومات بين كل المؤسسات، واستثمار الأموال المخصصة لهذا البند الاستثمار الأمثل في إطار التنمية المستدامة بكلّ جوانبها، وهنا بعض الأفكار، بأن يتم استثمار الأموال الموجّهة للمسؤولية الاجتماعية، وكذلك الدعاية والإعلان أيضاً في المؤسسة، بأن توجّ لإمكانية مساهمة هذه الشركة أو تلك في قطّاع تخصّصها، مثل الاهتمام بالمدارس ودور العبادة والمؤسسات الحكومية واستثمار اسطحها والمساحات التي تملكها بتوليد الطاقة المتجدّدة، وقد يمكن توجيه أيضاً ليصبّ لصالح بناء مساكن وشقق سكنية يتمّ بيعها أو تأجيرها، وإعادة ترميم ما هدّمه الإرهاب، والحفاظ على المظهر الجمالي للحدائق والشوارع والمباني في كل مدينةٍ ومنطقة، لا ان تقتصر على العاصمة أو مركز المدن، وبالتالي تلقائياً سيؤدي لتحقيق التوازن الحقيقي بين العرض والطلب، ومضاعفة عملية الانتاج، وتحقيق دخلٍ فرديٍ إيجابي، بدلاً من قروضٍ فردية سواءً لشركات أو أشخاص، فدفع المواطن لاشتراكٍ شهري مقابل حصوله على منزل ضمن قسطٍ معيّن.
 بينما تقوم المصانع المختلفة بإنتاج المواد اللازمة لعملية إعادة الإعمار، بما فيها المشاركة في إعادة تدوير مما يساهم بتحقيق فرزٍ للقمامة، وتشجيع على نظافة الشوارع، والحفاظ على التربة والهواء من التلّوث بكلّ أشكاله..
 وهنا يأتي دور الجامعات والمؤسسات التعليمة الخاصة والعامة، بالإضافة للمؤسسات المتخصصة الحكومية، بتقديم الرؤى والأفكار والعمل التطوّعي الذي يساهم بربط العلم بالتعليم، ودعم التعليم التقني من قبل الشركات المتخصصة، والتي نرى بوادرها ناجحة في عدة مؤسسات ضمن سورية، حتى أن التخصصات الأدبية والنظرية يمكن الاستفادة منها في نشر الوعي والثقافة والفكر، ليكون الجميع كلا متكاملاً في بناء الوطن..
 إن اقناع رجال الأعمال والشخصيات التي تعتبر صرف الأموال بدون اهتمام، بأن ذلك ليس فخراً إنما الفخر أن توجّه المال الذي لديك من أجل افتتاح مشروعاتٍ صغيرة، أو تمويل وتموين مشروعاتهم الخاصة بهم، بخلق موارد أولية ضمن تخصصا، فعندما يفتتح سوقاً أو مطعماً هل يصعب عليه استثمار أرضاً زراعية ودعم المزارعين لتقديم المواد الخام والمصنعة لديه ودعم المداجن والمراعي، وزرع الشجرات المثمرة في كل شارعٍ وحديثة، ونشر الحاويات البلاستيكية المعاد تدويرها إلى ما هنالك أليس كفيلاً بالحفاظ على النظافة والقضاء على البطالة وتحقيق التكامل المجتمعي بالشكل الجدي الحقيقي، وبالتالي ينهض التاجر والعامل والشركة العامة والخاصة ومؤسسات القطاعين العام والخاص، لنعزز اللحمة الوطنية، والمصلحة الوطنية العليا ..
 إن هذا الكلام ليس تنظيراً، ولدينا الكثير من الأمثلة، فكيف عندما يكون القدوة لنا سيّد الوطن الذي يتشارك مع عائلته هموم المواطن، ويشاركه في الكثير من أفراحه وأتراحه، ويحاول الاستماع إليه للبحث في الحلول لمشكلاته وتخفيف معاناته.