في التخصّص السلامة..؟.. بقلم: سامر يحيى

في التخصّص السلامة..؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٢١ سبتمبر ٢٠١٩

يحكى أن القائد الفرنسي ليوتيه طلب من مزارع لديه زراعة نوعٍ من الشجر، فأعلمه بأنّه يحتاج لمائة عامٍ لينمو، فقال له إذا الآن قم بالبدء بالزراعة، وقال بيل بادج، بعد أسبوعين من العمل على المشروع، ستعرف إن كان سينجح أما لا...
هذا ما يجعلنا نتساءل، هل يحقّ لمسؤولٍ في سدّة المسؤولية أن يدّعي أن مشروعاً ما يحتاج لسنوات لتظهر النتائج، أو أن يشكو عدم تفهّم المواطن، أو يحمّله مسؤولية تقصير مؤسسته، أو يطلب منه الاستعداد لمرحلة تحت شعارٍ ما... أو يمنّنه بدعمٍ يقدّمه الوطن رغم الحرب الإرهابية المتعددة الأشكال والمصادر، أو يحاول التهرّب من مسؤولياته أنّى كان، وينسب دورة الحياة الطبيعية والنجاح التلقائي نجاحاً له.. أم المفترض أن يدرك أن دوره مواجهة السلبيات، وعلاج المشكلات، والاستعداد لإيجاد الحلول وابتكار آليات عملٍ تساهم في علاج ما يشكو منه المواطن، سواءً سوء فهمٍ لموظّف، أو سوء أداءٍ، أو سوء تصرّفٍ، أو عدم وجود نتائج ..أو عوائق مستقبلية ستعترضه.... إلى ما هنالك... وهل نتّهم أن شعبنا لا يتفاهم معنا رغم كل التضحيات والصمود الذي قدّمه الشعب العربي السوري حتى الذين يقطنون في أماكن وجود الإرهاب، ولديهم اليقين والإيمان بأنّ مؤسسات وطنهم لن تستكين إلا بعد تحريرهم من نير الإرهاب وتطهير ترابهم المقدّس، والتي لا يكاد أحدٌ إلا ويذكر جهودهم في إيصال ما يستطيعون من معلومةٍ للجهات المختصة، سواءً كانت أمٌ لتخبر أن أولادها قد غرّر بهم، أو أبٌ يدلّ أين يخبأ السلاح في منطقته، أو مواطنٌ يقدّم ضمن حدود معرفته إحداثيات أماكن تجمّع الإرهابيين ووجودهم، لأنّهم مؤمنون بوطنهم ويثقون بسيّد الوطن، وبالتالي واجب المؤسسات الوطنية أن تبذل كل ما يمكن لخدمة السوريين على تراب سوريتنا المقدّس، وعدم إغفال المغتربين في كل نطاق العالم، الذين نجد نتاجهم الثقافي والفكري والعلمي والعملي أنى كان تواجدهم.
هذا كلّه يدعو المسؤول لعدم التصريح أو القيام بعملٍ أو رأي أو فكرةٍ قبيل البحث والتمحيص والدراسة واستكمال البيانات والمعطيات والافتراضات والنتائج المتوقّعة، والتنبؤ بما سيؤول إليه نتاج عمله، لينطلق للتنفيذ على أرض الواقع متحديّاً كل الصعوبات، واستقطاب المواطن ليكون حليفاً وداعماً ومشجعاً لا توسيع الفجوة فيما بين المؤسسة وأبناء وطنها التي هي في خدمتهم وتلبية متطلّباتهم.
هل هذا صعباً على المدير أنى كان مستواه وقدراته ومعلوماته، وهنا لا بد من التعريج على مناسبةٌ وطنية مهمة، هي معرض الكتاب الـ 31، ليس من باب الموجّه والناصح والمقيّم، إنّما مجرّد أفكارٍ نابعة من كون "الكتاب غذاء العقل" ودور كل منا إبداء رأيه، قد ترى طريقاً للبحث والتمحيص والتدقيق والنقاش والحوار، وعلى سبيل المثال منها، بيع الكتب بأسعارٍ رمزية، أو توزيع كتبٍ مجانية، أو عقد ندواتٍ ولقاءات ومشاركات لمستوى نشر الثقافة الفكرية والوعي والانتماء الوطني وتشجيع مشاركة القارئ والمثقف بالقراءة واقتناء الكتب.. التي نفاجأ بأن القائمين على العمل الثقافي يتّهمون القارئ السوري بعدم القراءة، ويأتون بإحصائيات لا توجد مصداقية ولا دقّة لها، أو يدّعون بأن لا توجد ليدنا أسماءً لامعةً متجاهلين أنّ مؤسساتهم دورها تسليط الضوء على الكتاب والأدباء وتزويدهم بكل الأدوات التي تساهم في وصولهم للمراتب العليا كلٌ ضمن تخصصه الأدبي والفني والثقافي... تجاهل أن لدينا مراكز ثقافية في كل منطقةٍ ومدينةٍ وفي كل حي هناك مدرسةٌ حكومية فيها مكتبةٌ من المفترض تفعيلها دور كل ذلك، بالتعاون مع المؤسسات ودور الثقافة والنشر المنتشرة في كل أصقاع سوريتنا، عدا عن الحملات التطوّعية لنشر القراءة والمعرفة وتبادل الكتب وإعارتها وما شابه، بأن نستثمر ذلك ونوسّع الدائرة لتشمل المطاعم والمقاهي، لتصبح مركزاً علمياً وأدبياً وإشعاعاً حضارياً كما كانت سابقاً، هل أجمل من منظرٍ نراه عندما يتجمّع الجمهور لكي يشاهد كاتباً يوقّع كتابه، وكم هو إيجابيٌ وبناء يجب الاستفادة منه وتشجيعه على التقدّم بشكلٍ أكبر وينعكس على كل المجالات بما يساهم بتوسيع الانتشار والتطوير الذاتي كل من واجبه وقدراته وإمكانياته، وهل نتجاهل أن مؤسسات الإعلامية التي تناقلت الحدث، لكنّها كانت متنافسة لا متعاونة، لأنّه عندما ندرك أن لدينا إذاعات وقنوات تلفزيونية كان الأجدى بكلٍ منها الاستفراد بنوعٍ معين ليستفيد منها المواطن كلٌ ضمن مجالاها ومشاهديها، لكي تؤدي الفعاليات والنشاطات هدفها الأسمى، وانعكاساتها لصالح القطر، والطريقة الأفضل لمشاركة المواطن لا مجرّد مظاهر تنتهي بانتهاء المعرض أو المؤتمر، مستفيدين من العمل الجماعي الذي لا يخطئ على عكس العمل الفردي.
أليس كان أجدى ويمكن الاستفادة منه في الأيام القادمة، لكل الفعاليات أن تختص القناة الفضائية السورية بالثقافة والمعلومات وتسليط الضوء على دور النشر العامة والخاصة وما تقدّمه الجهات المتخصصة في هذا المجال وتسليط الضوء لاستقطاب المواطن ونشر الوعي والفكر والثقافة، على أن تقوم القناة التربوية السورية بتسليط الضوء على الكتب العلمية والتربوي والتوعية والبحث العلمي حتى ضمن المدارس، وتعمل الإخبارية السورية للبحث في الكتب السياسية ومناقشة ما بين السطور في حلقات مستمرة متكاملة للكتّاب السوريين، وأن تناقش قناة سورية دراما، كتب الفن والمسرح والأفلام التي هي بالأصل روايات لمشاهد تمثيلية إلى ما هنالك لا يتّسع المجال لذكرها.
بكل تأكيدٍ لا يمكننا سلوك طريقٍ إن لم ندرك إلى أين سيتّجه، وإلا سنبقى نضيع في غياهب العوائق، كما أنّه لا يمكننا الوقوف انتظاراً لنرى وضوح الطريق، بل علينا البحث والتمحيص والتدقيق للوصول للهدف المنشود بأقصر طريق، وأقل جهد، وأسرع وقت، وعندنا نرى أن لدينا من القيادات الكفؤ في كل مؤسساتنا، ما ينفي الترهّل المؤسساتي الذي يتّهم به البعض مؤسساتنا التي صمدت وقاومت كل أشكال الإرهاب.
سوريتنا لا تحتاج لتصريحاتٍ خلّبية، ولا مناقشات جدلية، ولا لحواراتٍ عاطفية ولا ندواتٍ ومحاضرات وشخصيات لمجرّد إملاء الفراغ وتسيير الأمور.. إنّما تتطلّب من كل منا أن يقتضي بقائد الوطن الذي كل كلمة يقولها هي منهاج عملٍ ودستورٍ يجب أن تعمل كل المؤسسات لتضافر الجهود يداً بيدٍ للوصول للهدف الذي ننشده جميعاً.