ما بین ترامب.. وماركس!.. بقلم: دینا دخل اللـه

ما بین ترامب.. وماركس!.. بقلم: دینا دخل اللـه

تحليل وآراء

الخميس، ٥ سبتمبر ٢٠١٩

وماذا بین الرجلین؟ الجواب ربما یكون غیر متوقع، إذ یلتزم الرئيس دونالد ترامب بنظریة التیار التقلیدي في الحزب الجمهوري، وهو التیار الذي توقف بعد الرئیس ریتشارد نیكسون في السبعینات.
ذلك أن رونالد ریغان وجد نفسه في بیئة دولیة جدیدة مع بدایة ضعف الاتحاد السوفيیتي ومن ثم انهیاره في عهد جورج بوش الأب.
هذه التحولات في المشهد الدولي أدت إلى «فرعنة» السیاسة الخارجیة الأميركیة والتزامها بعدوانیة المحافظین الجدد، وفعلاً أصبح الرؤساء الجمهوریون، ریغان وبوش الأب والابن، أقرب إلى نظریة الحزب الدیمقراطي في السیاسة الخارجیة متخلین عن تقالید حزبهم الجمهوري.
ترامب یعمل على إعادة البوصلة التقلیدیة للحزب الجمهوري مع انتهاء «أحادي القطب» وظهور توازن جدید في العلاقات الدولیة.
أساس النظریة التقلیدیة للجمهوریین التركیز على أولویة المجال الاقتصادي داخلیاً وخارجیاً على المستوى الدولي، یرى الجمهوریون التقلیدیون أن السیاسة ینبغي أن تخضع تماماً للاقتصاد، لذا فهم أقل «حربجیة» في السیاسة الدولیة وأكثر «حشریة» في العلاقات الاقتصادیة الدولیة.
أولویة الاقتصاد وتبعیة السیاسة له هو المنطلق المشترك الذي یجمع ماركس وترامب، لكن كل منهما یذهب باتجاه معاكس للآخر، وعلى الرغم من ذلك هناك عدد من المتشابهات بین الرجلین:
١- یرى ترامب أن على الأمم الصغیرة أن تخضع للأمم الكبیرة، لأن في ذلك تعزیز لنهضة الاقتصاد العالمي الذي سیفید الجمیع بما فیها الدول الصغیرة. وما آلام الصغار ومعاناتهم سوى تضحیة طبیعیة من أجل نهضة الجمیع.
ماركس أكد الأمر نفسه، وقد رأى أن الأمم الصغیرة یجب أن تخضع للأمم الكبیرة، لأن الثورة البرولیتاریة العالمیة سوف تنطلق من الأمم المتقدمة الكبیرة التي تضم طبقة عمالیة ضخمة، وهذا سیكون مفیداً للعالم أجمع بما فیه الأمم الصغیرة.
٢- هناك تقارب آخر مهم، لكنه رمزي. هل تعلمون أن كارل ماركس كان المراسل الأوروبي لصحیفة «ذي نیویورك تریبیون» وهي صحیفة الجمهوریین التقلیدیین؟ وقد غیرت هذه الصحیفة اسمها وأصبح «ذي نیویورك هیرالد تریبیون» وما زالت صحیفة الجمهوریین، من لا یصدق هذه المعلومة المدهشة فلیعد إلى الباحث الأميركي الشهیر جون جالبرایث في كتابه «تاریخ الفكر الاقتصادي» الطبعة العربیة من إصدار دار المعرفة في الكویت، الصفحة ١٤٤.