التجارب الصاروخية الأميركية… تستهدف الصين ام روسيا وكيف؟

التجارب الصاروخية الأميركية… تستهدف الصين ام روسيا وكيف؟

تحليل وآراء

الجمعة، ٣٠ أغسطس ٢٠١٩

لم يمض اكثر من ثلاثة اسابيع على الإنسحاب الرسمي للولايات المتحدة الأميركية من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، والتي كانت وقعتها مع الإتحاد السوفياتي السابق عام 1987، حتى فاجأت واشنطن العالم وخاصة روسيا والصين بإجراء تجربة لصاروخ متوسط المدى، تم إطلاقه من جزيرة سان نيكولاس في ولاية كاليفورنيا. ميزات الصاروخ كما شرحها البنتاغون والذي أفاد انه كان يحمل عند التجربة رأسا تقليديا وليس نوويا، انه صاروخ بنسخة معدلة لصاروخ كروز توماهوك البحري ، مداه يتجاوز 500 كلم ويُستخدم لتدمير منشآت عسكرية او مدنية كبيرة ومراكز قيادية. صحيح أن مميزات الصاروخ موضوع التجربة الأميركية المثيرة للجدل، ليست لافتة او مختلفة كثيرا عن العديد من الصواريخ المماثلة الروسية او الصينية ولكن، ما أثار حفيظة كل من بكين وموسكو، يتجاوز في الحقيقة، المميزات التقنية والفنية للصاروخ، ليمتد الى خطورته بعد نشره في مواقع وأماكن تؤثر مباشرة على الامن القومي الفعلي لكل من الدولتين( روسيا والصين ) . عمليا، الادعاءآت الأميركية، اولا في انسحابها من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة، وثانيا في بدء تجاربها الصاروخية الجديدة، تتعلق باتهام روسيا بتطوير صواريخ تلغي وتتجاوز المعاهدة المذكورة، وتتعلق ايضا بان الصين هي خارج معاهدة الصواريخ اصلا، وعمليا اصبحت تملك قدرات صاروخية تماثل وربما تفوق القدرات الاميركية والروسية المقيدة بالمعاهدة، الأمر الذي يستدعي حسب واشنطن ربط الصين بمعاهدة تقيّد قدراتها الصاروخية تماما كما كانت القدرات الاميركية والروسية عبر المعاهدة الملغاة حاليا. الرد الصيني على التجربة الصاروخية الأميركية وعلى طلب واشنطن إلزام بكين بمعاهدة مماثلة، تطرق إلى نقاط اساسية، تتفق فيها مع موسكو وهي: اولا: غير صحيح انها طورت صواريخها المتوسطة المدى مؤخرا، مما أجبر واشنطن على مواجهة ذلك، فهي ( بكين ) دخلت في مجال امتلاك وتطوير الصواريخ منذ بداية السبعينات، ولم تكن واشنطن ترى في ذلك خطرا على أمنها، فلماذا الان تثير الولايات المتحده الاميركية هذا الملف ؟ والا يمكن أن يكون الموضوع في سياق الضغط على الصين بسبب الحرب الإقتصادية الناشئة بين الدولتين ؟ ثانيا : وهذه النقطة هي من نقاط التصويب على واشنطن و المشتركة بين الروس والصينيين، وهي أن الصواريخ الروسية والصينية القصيرة والمتوسطة المدى، لن تشكل خطرا باي حالة على المدن والاراضي والامن القومي الأميركي، والسبب بُعد تلك الأراضي عن الصين وروسيا مسافة كافية، بينما العكس ليس صحيحا، اي تلك الصواريخ الاميركية القصيرة والمتوسطة المدى، قادرة على تشكيل إخطارا كبيرة وحساسة على روسيا والصين، والسبب انها سوف تُنشر وتُطلق من قواعد اميركية او حليفة، في شرق أوروبا او في دول وجزر المحيط الهادئ، خاصة وأن كل من روسيا او الصين لا تملك اية قاعدة عسكرية قريبة من الأراضي الأميركية. في الحقيقة، انطلاقا مما تقدم، من الطبيعي ان تكون الأهداف الأميركية من تجاربها في الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، تتجاوز الهدف العسكري والمتعلق بتشكيل خطر جدي على الصين او روسيا عند اية مواجهة عسكرية إستراتيجية، لان تلك الأخطار، وتعلم واشنطن ذلك جيدا، لن تقتصر اولا على روسيا والصين فقط، فالاخيرتان تمتلكان من قدرات الردع ما يجعل اي استهداف اميركي لها، خيارا مدمرا للجميع وضمنا للولايات المتحدة الأميركية… ولكن يمكن القول أن الهدف الاميركي الحقيقي يتعلق بحرب إقتصادية واسعة، يشنها الاميركيون بقيادة الرئيس ترامب، المهووس بالتجارة والصفقات، وذلك من باب الضغط على الدولتين للدخول في سباق تسلح، يستنزف موازنة الروس والصينيين، وخاصة الصينيين، ويكون في ذلك قد اضعف إمكانياتهم المادية لناحية الصناعات والاختراعات العلمية السلمية، والتي كما يبدو، من الصعب بعد الآن على الأميركيين مجاراتها او اللحاق بها، وأكبر مثال على ذلك حرب الدولة الاميركية على شركة هواوي الصينية.