بعد إنجازات الجيش السوري … هل بات المسلحون عبئاً على تركيا؟

بعد إنجازات الجيش السوري … هل بات المسلحون عبئاً على تركيا؟

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ أغسطس ٢٠١٩

تتسارع التطورات الميدانية على الساحة الشمالية السورية في شكل لافت، وتوحي وكأن هناك تغييرا جذريا في تلك المنطقة، ليس في الميدان وحسب، بل وربما في السيطرة والنفوذ في شكلٍ كاملٍ، وحيث لم يعد مستغربا أن نرى عودة السيطرة كاملة للدولة السورية على الحدود مع تركيا، يبقى السؤال عن الموقف وردة الفعل التركية، تجاه المنطقة التي طالما رأت انقرة فيها مفتاحا لنفوذها، وبالتالي مفتاحا لتحقيق مصالحها واطماعها في سوريا.
من هنا، وكما ورد في المقال السابق المنشور على موقع المرده بتاريخ 14 آب الجاري تحت عنوان: “قرار الحسم إتخذ … الجيش السوري على تخوم إدلب”، الذي جاء فيه حرفياً أن “قرار حسم الأوضاع – في ريف حماه الشمالي، إتخذ فعلاً، من قِبل القيادتين السورية والروسية، وبدا ذلك جلياً، من خلال المشاركة الفعالة للطيران الحربي الروسي في هذه المعارك، وتقديمه الغطاء الجوي لوحدات الجيش السوري المتقدمة نحو الريف المذكور، تماما كما كان يحصل اثناء معارك التحرير السابقة في حلب وفي البادية السورية، وقد تمهد سيطرة وحدات الجيش عليها، الى بداية فتح طريق حماه – حلب الدولي”. وبالفعل هذا ما يحدث، وبعد تمكن القوات السورية من السيطرة على مدينة خان شيخون الإستراتيجية، تتابع هذه القوات، تقدمها في ريفي إدلب الجنوبي وريف حماه الشمالي، وتضع نصب أعينها، إستعادة مثلث (مورك – اللطامنة – كفرزيتا) في الريف المذكور من المجموعات التكفيرية المسلحة، لفتح هذا “الطريق الدولي”.
ميدانياً، بعد سيطرة وحدات الجيش السوري على خان شيخون، ولطمين، وتل فاس، في ريف حماه الشمالي، تابع تقدمه في إتجاه كفرزيتا، وبسطت سيطرته عليها، من دون أي مقاومة تذكر، بعد إنسحاب المسلحين منها، نحو النقاط التركية لمراقبة إتفاق خفض التصعيد، المعروف “بإتفاق سوتشي”، في منطقتي اللطامنة ومورك، التي باتت محاصرةٍ من الجيش، بحسب مصادر ميدانية متابعة. وتلفت الى أن القوات السورية سيطرت نارياً على هاتين المنطقتين. وتوقعت إنسحاب المجموعات المسلحة إلى داخل مدينة إدلب أو الى المناطق الحدودية مع تركيا، كذلك مغادرة الجنود الأتراك، نقاط المراقبة المذكورة، بعد إنتهاء سبب وجدوهم، أثر هروب المسلحين، بالتالي سقوط خطوط تماسهم مع الجيش في الريف الحموي الشمالي، فلا مبرر لوجود الأتراك، بعد إنتفاء علة وجودهم، على حد تعبير المصادر.
وعن الأسباب التي أدت الى هذا التغيير الميداني لمصلحة القوات السورية وحلفائها، وتغطية الطيران الروسي الفاعل لتقدم وحدات الجيش السوري، يتحدث مصدر في المعارضة السورية عن تبدل في الأولويات الإستراتيجية لدى الأتراك، ويشير الى أنه بعد فشل “المعارضة المسلحة” في إسقاط الحكم في دمشق، بات المسلحون يشكلون عبئأ على أنقرة، وصار وجودهم بلا جدوى، وخارج قواعد الإستخدام، خصوصاً في شأن خدمة الأهداف الإستراتيجية التركية الكبرى، بالتالي لدى الأتراك رغبة في التخلص منهم، وتركيز الجهود التركية، في مناطق الشمال والشمال الشرقي، أي على الحدود الجنوبية التركية مع سوريا، حيث مناطق ثقل وجود الأكراد . ويؤكد المصدر أن الأولوية لدى تركيا في المرحلة الراهنة، هي إحتواء تمدد النفوذ الكردي في هذه المناطق، خوفاً من تأثيرها على مناطق الأكراد في الداخل التركي، وتحفيزهم على القيام بحركات إنفصالية، الأمر الذي يشكل خطراً على الأمن الوطني التركي.
وعليه، من الطبيعي ان ننتظر في المقبل من الايام ما ستؤول اليه الاوضاع الميدانية اللاحقة في تلك المنطقة، وذلك ما بين متابعة الجيش العربي السوري اعماله الهجومية الناجحة والمدعومة روسياً بالكامل، او بين توقف تلك العمليات العسكرية الى حيث وصلت، ومتابعة تنفيذ اتفاق سوتشي من النقطة التي وصل اليها الجيش المذكور، بحيث يكون قد نفذ بالقوة ورغما عن الاتراك، احد اهم بنود هذا الاتفاق وهو المنطقة المنزوعة السلاح والخالية من الارهابيين، والتي يتراوح عرضها بين 15 و20 كلم، والتحضير لتنفيذ البند الثاني وهو فتح الطريقين الدوليتين : حلب – حماه وحلب – اللاذقية .