هموم أكاديمية.. بقلم: طائر الفينيق

هموم أكاديمية.. بقلم: طائر الفينيق

تحليل وآراء

الأحد، ٢٨ يوليو ٢٠١٩

اللا أخلاق أنواع، لكن ما نود الحديث عنه هو ليس ممارسة الفعل اللاأخلاقي المنافي لآداب الحشمة العامة بالمعنى المتعارف عليه وإنما المفهوم الذي يمكن إسقاطه على كل الأفعال اللاأخلاقية مهنياً ووظيفياً ويتنافى مع المبادئ العامة التي أرسيت عليها مؤسساتنا التعليمية التي ينبغي أن تكون هي صمام الأمان الذي يحمي أجيالنا الحالية والقادمة ويمنحها المناعة ضد أي نوع من أنواع الفساد أو الانحدار أو الانحلال الأخلاقي. مرة أخرى نحن لا نتحدث عن الأخلاق التي نتحلى بها كأفراد وإنما نتحدث عن أخلاقيات المهنة والأخلاقيات الأكاديمية. 
السياسة مطلوبة في أي مهنة ولكن أن تصبح سياسة اللاأخلاق (أكاديمياً) هي القناع الأساسي الذي نخفي وراءه وجوهنا لدرجة أنه لم يعد ثمة فرق بين الوجه والقناع، فهذا معيب وشائن حقاً. 
هنا، لا تستطيع إلا أن ترفع القبعة ليس احتراماً وإجلالاً وإنما توديعاً لآخر خُلق كنا نتمنى رؤيته لدى أشخاص اعتلوا مناصب إدارية ولكنهم سخّروا كل ما يستطيعون لأجل خدمة مصالحهم الخاصة وسخِروا من كل من يعمل في مؤسستهم الأكاديمية أمام من يستحق ولا يستحق. المفترض أن تكون الأخلاق الأكاديمية العليا هي الصفة السائدة والفساد الأكاديمي هو الصفة المتنحية، لكن أن تتغلب الثانية على الأولى وتكون على حساب كل من يقدّم بسخاء وشرف للوطن واحتمل كل الخسارات الموجعة وتقاسمها مع نظرائه ومن يشبهونه في خُلُق العطاء، فهذا النكران بعينه.
المنصب الإداري ليس ميزة ترفع المرء إلى علٍ بل هو مسؤولية تناط إلى شخص اختارته القيادات ليقوم بالمهام الموكلة إليه والتي تؤدي إلى تحقيق رفعة الوطن وازدهاره، هذا في أوقات السلم، أما في أوقات اللا استقرار، فهو شخص اختارته القيادات العليا ليتحمل بكل نبل وأخلاق ووعي مسؤولية تحسين الواقع الحالي للمؤسسة التي يعمل لصالحها، رغم أن ذلك كله يجب أن يصب بالنهاية لصالح الوطن، ويعمل على سد جميع الثغرات والمنافذ التي يمكن أن تتسرب منها الفوضى أو ينفذ من ثقوبها الفاسدون والمفسدون. 
أن تكون ذا منصب إداري رفيع يعني أنك تتمتع بأخلاق عالية؛ عالية جداً، لا سيما وإن كنت في مؤسسة أكاديمية. وإن طرأ أي عامل يمكن أن يهدد الوضع غير المتوازن أصلاً لأسباب تخرج عن إرادة الجميع، فهذا يعني أن عليك التروي والتفكير بحكمة بالغة لا تنال من أي شخص على حساب الآخر وإنما حكمة توضح للجميع المثل العليا والقيم الأكاديمية التي نسعى لها من أجل النهوض بمجتمعاتنا ومرتادي مؤسساتنا الأكاديمية بميزان عدل دقيق قدر الإمكان لا يخرق حصانة الآخرين ولا يسمح للمتنمرين بالاستمرار في تنمرهم. 
مرة أخرى، الوطن يستحق، ولولا وجود كثير ممن يتمتعون بأخلاق إدارية عالية ومسؤولية أكاديمية وسعة أفق لم نكن لنحلم بـ (بكرا أحلى) رغم أن الحالة تعبانة يا ليلى.