هي أشياء لا تُشترى يا سادة ..!!.. بقلم: صالح الراشد

هي أشياء لا تُشترى يا سادة ..!!.. بقلم: صالح الراشد

تحليل وآراء

السبت، ٢٧ يوليو ٢٠١٩

واقع مرير تعيشه الأمة العربية، وضياع كبير يواكب مسيرتها، فالدول وشعوبها يبحثون عن الريادة والقيادة، فيبذلون الغالي والرخيص لتحقيق هذه الأهداف بشتى الطرق, وقد يتحالف البعض مع الشيطان لأجل تحقيق الحلم الزائف، وقد يعرض أي شيء للبيع, ففي سوق الأنا الخادعة كل شيء مُباح, حتى بيع فلسطين مقابل المال والمشاريع السرابية ، وعندما تكشفت حقيقة أمرهم سارعوا الى إرتداء ثوب الفضيلة، لكنهم فشلوا في كل شيء, لأن في هذا الكون هناك أشياء لا تُباع لأنها تُصنع مرة واحدة, وبيعها أو تأجيرها سيُضيعها الى الأبد حتى لو عادت , فالزجاج اذا كُسر يصعب جمعة, وكذلك المباديء والقيم والأخلاق والأمانة.
هي أشياء لا تُشترى ولا تُباع, ولن نجدها في المحلات التجارية, فغالبيتها تولد معنا ونهذبها وننميها بالتربية الفاضلة، وعندها تنمو وتكبر وتهرم معنا, فالكرم والشهامة والأخلاق والأمانة لا يمكن شرائها او البحث عنها خارج النفس البشرية، كما ان الغدر والخيانة والخداع والكذب والتدليس تولد مع النفس الشريرة، وهي اشياء قد يتخلص منها البعض وقد تعود من جديد عندما يجد صاحب النفس المريضة نفسه على المحك.
هذه النفوس الشريرة في داخلها, الأنيقة خارجها, سعت جاهدة لقتل قضية فلسطين وذبحها من الوريد للوريد، ولكل من هؤلاء له طريقته الخاصة لإذلال أصحاب القضية بغية قتل الأمل لديهم بحق العودة، ولإحياء الأمل الصهيوني بالاستيلاء الشرعي على فلسطين, فهؤلاء المرضى لا يعرفون شيئاً عن فلسطين التي حاربت عبر التاريخ أكثر من مئة غازيا لأراضيها، فقتل أبناء فلسطين الغُزاة الواحد تلو الآخر ولم تكن على مر التاريخ سلعة تباع وتُشترى، لذا انتصرت في نهاية حروبها حتى حملت اسم أرض القتل، وفي كل زمان تُخرجُ الأرض جيلاً جديداً يدافع عنها حباً وعشقاً ولا يُتاجر بذرة من ترابها.
ونتذكر ما قاله الإمام علي بن أبي طالب, ” الأدب لا يباعُ ولا يشتري، بل هو طابع في قلب كل من تربى، فليس الفقير من فقد الذهب وإنما الفقير من. فقد الأخلاق والادب”, وفي جميع الديانات السماوية تتماثل الأخلاف, وحتى الديانة الزردشتية فهي تعتمد على الفضائل السبع “الحكمة والشجاعة والعفة والعمل والإخلاص والأمانة والكرم” وترفض الرذائل السبع “النفاق والخديعة والخيانة والجبن والبخل والظلم وإزهاق الروح”, لذا نستغرب كيف يرتضى البعض أن يتصف بهذه الرذائل التي تتعارض مع جميع الأديان السماوية والوضعية, مما يجعلنا نتساءل, أي دين يتبع هؤلاء أم أن دين المصالح يُجيز جميع المحظورات؟!!.
والخوف ان ينتشر هذا المرض العضال بعد أن كشفت العديد من النفوس المريضة عن جوهرها الدوني, وأصبح المرض يضرب في شتى مناحي الحياة, فنجده في السياسة والإقتصاد والرياضة والإعلام, ونخشى من ظهور رجل كاليوناني ديوجين يحمل مصباحه المضيئ ويتجول نهاراً بحثاً عن الرجل الشريف المحترم الأمين المخلص, وهي صفات نحتاج الى البحث عنها مطولا, والخوف أن يبقى ديوجين ونحن معه نبحث عن الرجل الذي يتصف بالكمال, ويضيع المجتمع ونحن لا نجد ما نريد في زمن أصبح كل شيء فيه معروض للتجارة, لكن تبقى اشياء لا يمكن بيعها , فهي أشياء لا تُشترى لأن ورائها أشخاص لا يبيعون أنفسهم وأوطانهم ومبادئهم ..!!