عبث السياسة.. «شو بدنا بالعروبة»!.. بقلم: د.مهدي دخل الله

عبث السياسة.. «شو بدنا بالعروبة»!.. بقلم: د.مهدي دخل الله

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٦ يوليو ٢٠١٩

مدينة فينا دالمار «كروم البحر» تبعد عن عاصمة تشيلي سانتياغودي تشيلي, أقل من خمسين ميلاً. يقع برلمان البلاد في هذه المدينة وليس في العاصمة.. بداية التسعينيات كنت هناك في عداد وفد حزبي حيث التقينا عدداً كبيراً من المغتربين السوريين والفلسطينيين واللبنانيين.
تكريماً للوفد عقد برلمان تشيلي جلسة خاصة ودعا إليها عدداً كبيراً من المغتربين العرب. بدأت الجلسة بعزف نشيد «بلاد العرب أوطاني», كانت القاعة مزدحمة وعدد كبير من المدعوين الذين لم يجدوا أماكن وقفوا في ممرات القاعة. أدهشني أن أغلبيتهم من جيل الشباب الذي وُلد في تشيلي ولا يعرف اللغة العربية.. كانوا يرددون بلكنة إسبانية مع النشيد المسجل: «بلادُ الأُرب أوتاني..» ودموعهم تنهمر على خدودهم…
موقف مؤثر.. لكنْ هؤلاء الباكون عندما يسمعون كلمة العروبة مجرد «أغبياء».. لدينا اليوم الكثير من «العباقرة» الذين اكتشفوا أن العروبة شيء زائد عن اللزوم أو أنه لزوم ما لا يلزم..
لنعد إلى العروبيين ونترك «العباقرة»!.
هواري بومدين الرئيس الجزائري الأسبق اتصل بعبد الناصر بعد حرب «1967» وقال له: لدى الجزائر «42» طائرة عسكرية سأرسلها لك لتدافع عن مصر, قال ناصر: وماذا يبقى للجزائر؟ قال بومدين: لا شيء، المهم أن تنتصر العروبة في مصر.. ثم أرسل بومدين نفسه رسالة إلى القادة السوفييت: أرسلوا كل ما تطلب مصر من سلاح وستدفع الجزائر الثمن كله!.
مسكين هذا البومدين أمام العباقرة اللاعروبيين.. والمسكين الآخر هو السوري جول جمال الذي ضحى بنفسه لحماية بور سعيد من العدوان الثلاثي عام «1956», وقبله سليمان الحلبي الذي قتل الجنرال الفرنسي كليبر دفاعاً عن مصر!.
ومساكين أيضاً نحن السوريين الذين كنا في مدارسنا ننشد صباحاً النشيد الوطني الجزائري «قسماً بالنازلات الماحقات.. والدماء الزاكيات الطاهرات» بدلاً من «حماة الديار عليكم سلام».. وذلك دعماً لثورة الجزائر بداية الستينيات. نعم كنا مساكين, فلماذا يكون الوطن العربي وطننا؟ «شو بدنا بالعروبة»؟.. تكفينا ضيعتنا وحارتنا.
لكن يا عباقرة!.. هل تعلمون أن الهدف الأساسي لهذه الحرب المتوحشة هو أن تتخلى سورية عن العروبة. فالمشكلة الحقيقية مع هؤلاء الإرهابيين وحماتهم أن الوطنيين السوريين يرون في العروبة جوهر وطنيتهم.. وهذا هو «صليبهم الكبير» الذي لن يتخلوا عنه أبداً مهما كان درب الآلام طويلاً.