أحلم بإنسان عربي!.. بقلم: د. بسام الخالد

أحلم بإنسان عربي!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٠ يوليو ٢٠١٩

Bassamk3@gmail.com
 
في الغربة، نحلم أن نمثل بلداننا بصورة راقية.. لكننا سرعان ما نستفيق على مآسي الواقع العربي التي تعيش معنا وتتعايش، نستفيق على هزائمنا ومهازلنا وما خلفه أبناء " أمتنا العربية" في كل بلد من العالم، حظي بشرف زيارتهم، من آثار سلبية بدايتها شخصية ونهايتها قطرية، حتى غدا اسم "العربي" مخجلاً لِمَن تبقى في نفسه ضمير.
في بلداننا.. أو لنقل.. في "أقطارنا" نفرق بين عربي رجعي وعربي تقدمي، بين عربي مقاوم، وآخر مستسلم خانع، بين اشتراكي ورأسمالي، بين متحضر ومتخلف، أما في الغربة فنحن مُوَحدّون، نحن (عرب) بغض النظر عن أقطارنا وانتمائنا وأفكارنا وإيديولوجياتنا، ويا فرحتنا بهذه "الوحدة" السخيفة.. وحدة من نوع جديد لم نتمكن من تحقيقها إلا بقاسم مشترك في البلاد الأجنبية من خلال كلمة تجمعنا هي (عرب) وهي بحد ذاتها باتت عبئاً ثقيلاً على الذين يحترمون تاريخ هذه الأمة الذي كان، بل هي لفظة قد يخجل من ذكرها مَن يحملون ذرة انتماء حقيقية لأمتهم العربية التي كانت يوماً ما تملأ الآفاق، أقولها وكلي أسف وحزن على واقع أمة أنتمي إليها، تتمثل بالغربة بسفراء يجيدون اللهو والصّرافة وإغراق النوادي الليلية ببحورٍ من "الشمبانيا".. ثم يُتهمون بالإرهاب!
قد يعيش المغترِب، بداية سفره، أحلاماً عديدة في عواصم العالم، لكنه سرعان ما يكتشف الأبجديات الأولى التي تصنف العرب "بترولاً" فحسب.. ثم تبدأ التقييمات والأوصاف الأخرى، وصولاً إلى التطرف والإرهاب!  
المغترب الغيور على وطنه في الغربة.. يحلم بإنسان عربي واحد يلغي خلافاته القطرية ويحمل فكراً يستطيع به مواجهة الدعاية الصهيونية، يحلم برجل عربي يعيد للعرب صورتهم الإيجابية.. عربي لا يهمه البحث عن ملذات مفقودة في الغربة، بل يهمه البحث عن ذاته المفقودة في دول الاغتراب ! 
هناك.. يتجدد الحلم  باستمرار في إنسان عربي جديد.. لا يخجل من انتمائه.. لكن يبدو أن هذا الحلم بعيد المنال! 
لقد اشتغلت الدعاية الصهيونية منذ زمن طويل وما تزال على تشويه صورة العربي، ثم المسلم وكرّست صورة نمطية مشوهة في أذهان المجتمعات الغربية عبر الإعلام والسينما، ومؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
 لكن بالمقابل.. ماذا فعل العرب الذين يمتلكون 55% من احتياطي النفط العالمي وأرصدة هائلة من الذهب والعملة الصعبة يستطيعون من خلالها تحريك العالم، إلى الوجهة التي يريدون لو أرادوا، وأقلّها استثمارهم في الإعلام الذي يصنع الرأي العام ويشكل " اللوبيات " الضاغطة؟!
لكن العرب للأسف مسلوبي الإرادة بفعل التفرقة والتشرذم والتناحر والقطرية والتبعية والمؤامرات البينيّة، الأمر الذي يحقق الحلم الصهيوني بامتياز ويجعل من الولايات المتحدة والغرب مرجعيات تستنزف كل تلك الثروات بذريعة الحماية !