عبث السياسة.. عبث «النأي بالنفس»!..بقلم: د.مهدي دخل الله

عبث السياسة.. عبث «النأي بالنفس»!..بقلم: د.مهدي دخل الله

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠١٩

يحق لأي دولة أن تكون حيادية في أي صراع قريب منها أو بعيد.. هذا الحق يضمنه لها القانون الدولي، لكن المشكلة عندما تنأى دولة بنفسها عن حرب في جوارها وهي داخلة فيها حكماً..
الحديث هنا ليس عن روابط العروبة بين سورية ولبنان، ولا عن التضحيات السورية الكبيرة من أجل إنقاذ لبنان من ورطة الثمانينيات وحماية استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه. الحديث هنا عن القانون الدولي حتى لو لم يكن هناك ما يربط بين سورية ولبنان من وشائج معروفة..
أولاً– العدوان الإسرائيلي الأخير على سورية، وأغلبية الأعمال العدوانية قبله، تستخدم السماء اللبنانية لضرب سورية، خاصة أن الجبال المحيطة بدمشق شمالاً وشمال شرق وغرباً ملاصقة للحدود اللبنانية الأمر الذي يسهل على الطيران الصهيوني استهداف دمشق وضواحيها.
القانون الدولي لا يسمح بهذا، ويرى في الدولة ذات السماء المستباحة مسهلاً للعدوان إن لم تكن شريكة به. لا يخفف من هذا الحكم ضعف الدولة المستباحة لأنها دولة ذات سيادة كاملة..
سورية تتفهم وضع لبنان.. لا أعلم لماذا على سورية دائماً أن تتفهم أشقاءها العرب، هذا هو قدرها، وإن كان الكثير منهم جاحداً وسلبياً. لكن –على الأقل– كان على لبنان أن يدين استخدام سمائه من دون إذنه، أو أن يتجه لمجلس الأمن بشكوى.. وهذا أضعف الإيمان. المسألة لا تهم سورية بقدر ما تهم ماء وجه لبنان وسيادته المستباحة..
ثانياً– هناك عبث في «النأي بالنفس» من نوع آخر أشد خطورة على وحدة وسلامة الأراضي اللبنانية؛ الخطة الأولية للإرهابيين كانت تستهدف وسط سورية وشمال لبنان معاً. كان هدف المؤامرة المشتركة على سورية ولبنان إنشاء كيان إرهابي يمتد من حمص إلى طرابلس الشام عبر القصير والحصن بغية الاستيلاء على طرابلس وعزل الجزء الشمالي والغربي عن الجزء الجنوبي من سورية.
نتذكر جميعاً أحداث طرابلس عام 2013 و2014 من أجل خلق هذا الكيان، حيث حاول الإرهابيون هناك الاستيلاء على الشمال اللبناني. لذلك ركزت سورية على أولوية تحرير حمص والقصير لضرب هذا المخطط، أما الحكومة اللبنانية العتيدة فهي «ما دخلها».. إنها تنأى بنفسها في تصرف من أكثر التصرفات عبثاً في السياسة المعاصرة…