أثرياء «الثَّورة»!..بقلم: زياد غصن

أثرياء «الثَّورة»!..بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الاثنين، ١٧ يونيو ٢٠١٩

مشكلة المواطن السوري اليوم ليست فقط مع أثرياء الحرب ممن أثروا في مناطق سيطرة الدولة، وبأساليب باتت معروفة.
وإنما مشكلته أيضاً مع أثرياء «الثورة»، الذين لا تكاد تخلو منهم منطقة كانت خارج سيطرة الدولة.
هؤلاء جمعوا ثروات كبيرة من المتاجرة بلقمة عيش المواطنين المحاصرين، من نهب موارد الدولة وثرواتها، من تهريب الأسلحة وبيعها، من ترويج المخدرات، من السطو على الأموال المرسلة من الخارج لتمويل الأنشطة الإرهابية.. وغير ذلك.
وعندما عادت تلك المناطق إلى سلطة الدولة، كان هؤلاء أول من هرع لتسوية أوضاعهم وشتم زمن المسلحين بمختلف تسمياتهم، ومن ثم العمل على نسج شبكة مختلفة من المصالح والعلاقات، وبناء تحالفات تتلاءم والمرحلة الجديدة..!
وبهذا فإن المواطن في تلك المناطق أصبح مجبراً على التعاطي مرة أخرى مع هذه الشريحة الاجتماعية، وإن اختلفت طريقة التعاطي وأشكالها ومبرراتها.. وخاصة أن بعض أفراد هذه الشريحة تحولوا إلى «وجهاء» وأصحاب رأي ومشورة في مناطقهم.. فالمال والنفوذ يصنعان كل شيء!.
إن نجاح الدولة في بسط سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد يجب ألا يعني الدخول في حالة من «الاسترخاء»، أو التعاطي بإهمال وعدم مسؤولية مع المتغيرات الكثيرة، التي شهدتها تلك المناطق خلال سيطرة المسلحين، انطلاقاً من أن الهدف الأهم المتمثل في التحرير قد تحقق..
من دون شك إن تحرير مناطق واسعة من البلاد يمثل إنجازاً أو حدثاً استثنائياً، كان يمكن لدول كثيرة أن تفشل في تحقيقه فيما لو مرت بالظروف نفسها، التي تعرضت لها سورية..
لكن مع مرور الوقت، فإن ذلك الإنجاز سيكون مهدداً ما لم يستكمل ويدعم بإجراءات «تمسح» تأثيرات سنوات من سيطرة المسلحين، بمرجعياتهم وأفكارهم وأفعالهم المختلفة، بحيث يشعر المواطن من جهة بأهمية وجود الدولة في حياته وانحيازها له على مختلف المستويات، وتضمن الدولة من جهة ثانية تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لتلك المناطق، فلا يتحول بعض أفرادها مستقبلاً، وتحت أي ظرف أو متغير، إلى نقطة ضعف في جسد الدولة.
لهذا كله يجب ألا يكون لأثرياء «الثورة» مكان أو دور في مستقبل المناطق المحررة.. فلا يسمح لهم بتبييض أموالهم وثرواتهم المنهوبة وغير المشروعة، ولا يتركون بلا حساب على ما فعلوه وسرقوه.. أو على أقل تقدير ألا يسمح لهم بركوب «موجة» المتغيرات من جديد.
وأعتقد أن سكان جميع المناطق المحررة، ممن كانوا مغلوبين على أمرهم في زمن سيطرة المسلحين، يؤيدون هذا الرأي.. وهذا الموقف.