ليس الفرق نقطة.. بقلم: سامر يحيى

ليس الفرق نقطة.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الاثنين، ١٧ يونيو ٢٠١٩

إنمّا تحمّل المسؤولية أو تحميلها، الإيمان بالوطن ومؤسساته، أو الاستهتار بمقدّرات الوطن وموارده، الإساءة لمؤسسات الوطن لمجرّد انزعاجنا أو إساءةً من موظّف أنّى كانت مرتبته بالمؤسسة، الخلط بين الحكومة التي مهمتها إدارة موارد الوطن واستثمار مقدّراته، وبين الوطن وقدسية ترابه وموارده وممتلكاته، بين اعتبار المسؤولية تكليفاً لاستكمال ما بدأه من سبقنا بالمهمة، أو تشريفاً نمارس من خلالها سلطةً لتحقيق مصالح شخصية سلطوية... إلخ.
وهنا تذكّرت قصّة جميلة أنّ "قبيلة افريقية إذا أخطأ أحد أفرادها يأخذوه إلى الساحة العامة وأمام جميع أبناء القبيلة، ويبدأ الحديث معه وتذكيره بفضائل وأخلاق القبيلة، وما كان يعمله من إيجابيات في حياته وتذكيره بالخطوات البنّاءة التي قام بها، وتذكيره أنّه كان إنساناً له احترامه وله قدسيته، ولكن سوّلت نفسه ارتكاب الخطأ، فيعود عن معصيته ويعتذر عن خطئه، ويقوم بدوره البناء في المجتمع"، للأسف مشكلة غالبية الشعوب العربية، تركّز على الجانب السلبي لدى الشخص والمغالاة بشتمه والمبالغة بالحديث عن سلبياته، وإلصاق تهم قد لا تكون على علاقة به، والعكس صحيح، مما سهّل على أعداء الوطن فتح ثغرات يتسلّلون منها إلى مجتمعنا، وساهمت بوضع العقبات وأي محاولةٍ للتطوّر والتقدّم، مستغلّين تلك العاطفة والمشاعر الجياشة، والانجذاب السريع للكلام المغري لا سيّما جلدنا للذات والإشادة بالآخر، لأنّنا نرى الجانب الإيجابي أو ما يريد أن ينقله عن نفسه، ونصدّقه ونبرّر له أكاذيبه، لأنّه قادرٌ على وضعها ضمن إطارٍ معسّل والسمّ في ثناياه رغم وضوح تزويره، وتحويل العدوٌ من الكيان الصهيوني وأعداء الوطن، ليخلق لنا أعداءً من أنفسنا، وحتى بعض من يقيم لدى تلك الدول ويلمس حجم الفساد والمافيا لا يستطيع الحديث بسلبية عنها، لأنه يلتزم بقوانينها ويدرك واجب كل مواطنٍ ومسؤولياته تجاه الممتلكات العامة، ويدرك حجم الضرائب التي يدفعها المواطن لتتمكّن الدولة من تقديم الرعاية والاهتمام بموارد الوطن وأنها مسؤولية الجميع لديهم وليس مؤسساتٍ بعينها، لكنّه لا يتجرأ الحديث إلا عن الإيجابيات لكي لا يشعر بالخجل أمام أقربائه وأقرانه ممن لم يهاجروا، أو دوافع أخرى، لا سيّما شعوره بأنّه مراقب حتى ضمن بيته في تلك الدول التي تدّعي حرية الفرد وحقوق الإنسان.
إنّنا إن نظر كل منا بمنطقية ووطنية ومصداقية، ونظرنا للإيجابيات رغم كل الصعوبات والظروف، وسلّطنا الأضواء على الإيجابيات وحافظنا عليها، تلقائياً سنحشر الفاسد والمخطئ في الزاوية، وسنجد أنفسنا قد نهضنا بوطننا تلقائياً، وساهمنا بالحفاظ على قدسية ترابه وحماية ممتلكاته وتطهير ثراه من كل من تسوّل له نفسه تدنيسه، كل ضمن امكانياته، لا سيّما العاملون في المؤسسات الحكومية أنى كانت مرتبتهم، لتكون المؤسسات الوطنية وأبناء شعبنا سداً منيعاً في وجه أيّة محاولةٍ إرهابية أو تدميرية أو تسللٍ من ثنايا خطأ مقصودٍ أم غير مقصود، وننظر للماء النقي الصافي لنتمكن من إزالة الزبد الذي يطفو على السطح ونكرّس نظافة ونقاء مجتمعنا وصفائه، ونفوّت على الأعداء فرصة للتسلل بيننا.  
هذه بالتأكيد ليست مسؤولية الشخص إنما مسؤولية وطنية يتحمّلها كل منا لا سيّما العاملين في المؤسسات الرسمية بغض النظر عن المهام الملقاة على كاهلها، لا سيّما أنّ الشريحة الأكبر تعمل في القطّاع العام، والقطاع التربوي والتعليمي والصحي والمساجد والكنائس لديها القدرة على التأثير على عدد لا يستهان به من أبناء الوطن، وبالتالي الانطلاق من جلد الذات إلى النهوض، والتشاركية الوطنية بدلاً من الاستغلالية والتنافسية على حساب مصالح الوطن وقدراته وموارده، فكرامة الوطن من كرامة أبنائه، وكرامة الأبناء من كرامة الوطن، وهي عملية متكاملة، فلا يمكن القول فلان يبدأ أولاً، أو زيادة الرواتب، إنّما هي سلّة واحدة يجب النهوض بها جميعاً، ولدينا الإمكانيات والقدرة لأنّ في سوريتنا مؤسسات بكل تخصص، لها دورها وواجباتها والمهام الموكلة إليها، وواجب كلٌ منها التشخيص السليم ووصف الدواء المناسب وبالتالي اختيار العلاج الفوري المناسب لعدم تمدّد المرض، وبوقتٍ سريع لا حاجة لانتظارٍ طويل، بل نهوضاً بناءً فورياً للوصول للهدف الذي ننشده جميعاً بعيداً عن التذرع بالظروف والوضع في الوطن، لأنّه لا توجد مؤسسة مستقلة بذاتها ضمن إطار الوطن، بل كل منها جزءٌ مكمّل للآخر، مهما عظم دورها أو صغر، فالتكافل والتعاضد والتعاون بين المؤسسات واجب وطني يفرض على كلٍ منها القيام بواجباته والتعاون والتنسيق مع الآخر لمضاعفة الإنتاج والتنمية المستدامة، وهنا لا بد من التأكيد على دور المؤسسة المتخصصة والتي "هدفها الارتقاء بمستوى الخطاب الإعلاني، لما له من أهمية بالغة في دفع عجلة الاقتصاد بما يتوافق مع خطط الدولة لتحقيق التنمية الشاملة"، بالعمل على الترويج والتشجيع للمنتج الوطني، وتطوير أدائه واتقان نتاجه، واستثمار الوسائل المتاحة لها من أجل قيام كل منّا مواطنٌ ومسؤول، مؤسسةٌ قطاع عام أو خاص أو مشترك، بدءاً من نظافة الشوارع ومداخل الأبنية ومحيطها ، والتقييم والتقويم والصيانة المستمرة، والحفاظ على جمالية وطننا بصرياً وبيئياً، نجد أنفسنا تلقائياً قد حققنا الهدف الأسمى بضغط النفقات ومنع الهدر وزيادة موارد الإنتاج بتنميةً مستديمة ومحاربة الفساد بمشاركة الجميع دون استثناء.
كل منّا يجب أن يكون موضوعياً بالنقد والحديث والنقاش بصراحةٍ واحترام، بعيداً عن الوقاحة والنفاق والانتهازية، يبدأ بنفسه، ومن نفسه، للنهوض بقوةٍ استكمالاً لدور الجندي العربي السوري الذي يوجّه نظره لتطهير ثرى سوريتنا من الإرهاب، وأوفياء لتوجيهات وتعليمات سيّد الوطن الذي ينظر بعينٍ صائبةٍ لتبقى سورية سيّدة نفسها، حرّة بقراراتها، مصانةٌ حدودها، الند لجميع دول العالم، وأن نكون سنداً لكل السوريين الشرفاء أنّى وجدوا الذين يعملون بيدٍ واحدةٍ للنهوض بالوطن ومقدّراته والحفاظ على رايته خفّاقة رغم أنف الحاقدين.