كيف غيَّرت الصورايخ معادلة الصراع في المنطقة ؟.. بقلم: العميد شارل أبي نادر

كيف غيَّرت الصورايخ معادلة الصراع في المنطقة ؟.. بقلم: العميد شارل أبي نادر

تحليل وآراء

الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠١٩

مثل كل عام، في يوم الجمعة الاخير من شهر رمضان المبارك، يحيي محور المقاومة يوم القدس العالمي للتنديد باحتلال الكيان الصهيوني للقدس، من ضمن ما يحتله هذا الكيان الغاصب من اراض عربية وما ينتهكه من مقدسات اسلامية ومسيحية في فلسطين المحتلة، وحيث كانت المناسبة قد اطلقتها الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني، دأبت اغلب حركات محور المقاومة ودائما في المناسبة السنوية، عبر رسالة عسكرية وحاسمة، على الاضاءة على قدراتها الصاروخية للتعبيرعن موقفها المقاوم الثابت في مواجهة الاحتلال.
في متابعة سنوية لمستوى رسائل محور المقاومة الصاروخية في الذكرى، كنا نلمس كل عام تطورا واضحا في قدرات ومميزات ما يعرض او ما يتم الاشارة اليه من صواريخ، في عروض مكشوفة، او في تقارير موثقة بالصور والمستندات، والهدف دائما الكشف عن اسلحة كاسرة للتوازن من ضمن معادلة الردع التي تحكم مسار الصراع والمواجهة مع العدو الاسرائيلي.
في غزة، وعلى الرغم من تصاعد الضغوط والحصار الذي يمارسه كيان العدو كل عام، نلمس الارتفاع المضطرد بمستوى وفعالية الصواريخ التي تمتلكها المقاومة في القطاع، وذلك بطريقة عملية فرضت نفسها في الوصول الى تل ابيب والى مناطق الاحتلال عام 48، متجاوزة منظومات صواريخ الدفاع الجوي العدوة ( القبة الحددية والسهم وغيرها ) .
وقد رأينا في غزة كيف لعبت وتلعب صواريخ المقاومة من دور حاسم في تثبيت موقع المقاومة الفلسطينية في حماية القطاع وايضا في حماية الضفة الغربية بطريقة غير مباشرة، وايضا في تقوية موقف وموقع الفلسطينيين أزاء قضايا وملفات الاحتلال، وبالاخص بمواجهة صفقة القرن التي، ان تم عرقلتها حتى الان، فبسبب معادلة الردع التي فرضتها صورايخ المقاومة، والتصريح الاخير لرئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، والذي اوصل عبره بكل ثقة ووضوح، رسالة حاسمة للعدو، محورها القدرات الصاروخية للمقاومة وتطورها واهدافها المستقبلية.
من جهة اخرى، لا ضرورة لتفصيل ملف صورايخ حزب الله الكاسرة للتوازن، وتأثيرها في الصراع ضد العدو الاسرائيلي، قبل التحرير عام 2000 وخلال حرب تموز عام 2006، وما فرضته بعدها من معادلات ردع، ثبتت موقف الدولة اللبنانية لناحية عدم التنازل عن السيادة، لا في البر ولا في البحر، والحراك الاقليمي والدولي الذي يعيشه لبنان والمحيط حاليا حول ملف ترسيم الحدود وتحديد حقوق لبنان في المتوسط من الغاز والطاقة، وموقعه كدولة تناقش وتُحَضِّر للتفاوض غير المباشر لتثبيت حقوقه من موقع الند للند، هو خير دليل على قدرة تأثير صورايخ المقاومة في الصراع مع العدو، وخطاب امين عام حزب الله اللبناني الاخير فيما خص الجدال الدولي والاقليمي حول حقيقة وجود او عدم وجود مصانع صورايخ نوعية ودقيقة في لبنان، كان واضحا في القرار الحاسم بعدم التخلي عن نقطة القوة “الصاروخية” في تحصين عناصر الموقف اللبناني في هذا الصراع التاريخي.
في اليمن، كانت لافتة مناورة الجيش واللجان الشعبية في تطوير الصورايخ الباليستية واستعمالها سلاحا نوعيا كاسرا للتوازن، وفارضا معادلة ردع الغت ميزة التفوق الجوي لتحالف العدوان في المعركة، وقدرات وامكانيات تلك الصورايخ وتأثيراتها العملية، في الداخل على كافة جبهات المواجهة، او في خارج الحدود، مباشرة داخل المحافظات السعودية الحدودية مع اليمن على المستوى التكتيكي العملياتي، او بعيدا في العمق السعودي، في الرياض او ينبع على البحر الاحمر، على المستوى الاستراتيجي الاقليمي والدولي، فرضت نفسها عنصرا رئيسا في معركة الصمود والدفاع عن اليمن، واللافت في الموضوع هو ما قاله مؤخرا وزير الدفاع اليمني، حول مسار تطوير وتصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة المسلحة والذي سوف يتوَّج قريبا بتطوير وتصنيع الدفاعات الجوية المختلفة.
 
واخيرا، تبقى صواريخ ايران الباليستية الاستراتيجية، والمستوى الدولي الذي تتميز به، بقدراتها وبامكانياتها الضخمة، تبقى علامة فارقة في المواجهة الواسعة التي تقودها الجمهورية الاسلامية في ايران، ضد الولايات المتحدة الاميركية وضد الكيان الصهيوني، وحيث كان التصويب الاميركي الجدي عند الانسحاب من الاتفاق النووي معها، يتعلق من جهة بقدرات ايران الصاروخية وليس النووية التي تستطيع امتلاكها متى ارادت، ومن جهة اخرى يتعلق بما تقدمه ايران من امكانيات وخبرات في مجال تطوير وتصنيع الصواريخ لكافة اطراف محور المقاومة، يمكن استنتاج اهمية دور الصواريخ الايرانية في المواجهة الواسعة في المنطقة والعالم بشكل عام .
المردة