السّجن..!.. بقلم: زياد غصن

السّجن..!.. بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الاثنين، ٣ يونيو ٢٠١٩

في كل مرة يراد فيها مواجهة تجاوز ما للقانون، يكون خيار البعض اللجوء إلى عقوبة السجن!.
وقد تم فعلاً خلال السنوات السابقة الأخذ بهذه العقوبة، لدرجة يمكن وصفها أحياناً بـ«الاستسهال».
إذ يكفي أثناء قيادتك سيارتك أن تتجاوز سرعة معينة حتى تحجز لنفسك سريراً في سجن عدرا، وتتحول إلى «مجرم» بنظر المجتمع.
كذلك الأمر بالنسبة للاستجرار غير المشروع للكهرباء، أو مخالفة بعض مواد قانون النظافة، أو لمجرد وجود ادعاء بحق أحدهم في قسم للشرطة.. وغير ذلك.
وإذا بقي الحال على ما هو عليه، فأعتقد أنه ستكون هناك حاجة للتوسع في السجون الموضوعة حالياً بالخدمة.
فهل المواطن في بلدنا لا تردعه سوى عقوبة السجن؟ أليس هناك من خيارات أخرى غير هذه العقوبة؟ أو بلغة أخرى.. هل جربنا خيارات أخرى؟.
أولاً.. لا يمكن اعتبار السجن عقوبة رادعة تماماً، بدليل أن كل المخالفات التي تقود إلى هذه العقوبة لا تزال مستمرة وتتكرر.. وأحياناً من الأشخاص أنفسهم المُعاقَبين بها سابقاً. وتالياً فهي ليست «دواءً» ناجعاً لتقويم سلوك بعض الأفراد لعدة أسباب.
هذا إذا كان المُعاقَب يستحق فعلاً تلك العقوبة وفقاً لما نص عليه القانون، ولم يكن مظلوماً أو ضحية إجراءات كيدية أو على الشبهة.
لذلك فالمقترح أن يصار إلى استبدال عقوبة السجن في حالات محددة، بإجراءات أخرى تكون أكثر نفعاً للمجتمع والفرد.
فمثلاً.. يمكن استبدال عقوبة السجن بغرامة مالية مناسبة، تستثمر إيراداتها في إطلاق مشروع وطني، هدفه تغيير مضمون الثقافات والسلوكيات، التي تبيح أو تشجع ظاهرة المخالفة.
المقترح الآخر، والذي يمكن العمل عليه، يتمثل في تطبيق مبدأ «الخدمة الاجتماعية»، المعمول به في معظم الدول المتقدمة.
فالغاية من العقوبة في بعض المخالفات والجرائم هي الحيلولة دون تكرارها، لا زيادة عدد المساجين والسجون.
وعليه فإن تطبيق مبدأ «الخدمة الاجتماعية» من شأنه أن يحقق ثلاثة أهداف في آن معاً: فمن جهة هي تشعر الفرد بالخطأ الذي ارتكبه بحق مجتمعه، ومن جهة ثانية هي تسهم في ردم حاجة مجتمعية أو تقديم قيمة مضافة لهذه المؤسسة أو تلك، وثالثاً توفير النفقات المترتبة على تطبيق عقوبة السجن.
فما الذي يضير لو تم استبدال عقوبة السجن جراء السرعة الزائدة مثلاً بتقديم المخالف، وتبعاً لاختصاصه ومهنته، لخدمة غير مأجورة.. كأن يُلزم طبيب بإجراء عشر عمليات جراحية مجانية للفقراء، أو أن يطلب من مهندس الإشراف على بناء لجمعية خيرية أو لأسرة فقيرة، أو أن يكلف عامل فني في مؤسسة حكومية بالعمل لعدة ساعات إضافية.. وهكذا.
كل ذلك يجري وفقاً لدليل خاص، يحدد إجراءات الاستفادة من «الخدمة الاجتماعية»، والجهات والمؤسسات التي يمكن أن تطبق فيها هذه الخدمة، وسبل التحقق من تنفيذ المطلوب.
ومن المؤكد أنه ستكون هناك اقتراحات أخرى، تحل محل عقوبة السجن مع كل حديث عن التشدد في تطبيق القانون، وقمع كل مخالفة وتجاوز.