الإمارات في اليمن وحرب المرافىء في القرن الأفريقي

الإمارات في اليمن وحرب المرافىء في القرن الأفريقي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٩ مايو ٢٠١٩

لعبت حرب اليمن دوراً في زيادة التنافس والتحالفات على منطقة القرن الأفريقي فعندما تعهّدت السعودية بتقديم 50 مليون دولار مساعدة للصومال فور قطع علاقاتها مع إيران، قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في جيبوتي هناك، لمنع الإمدادات العسكرية الإيرانية لليمن. أما الإمارات فوقّعت مع حكومة جمهورية أرض الصومال اتفاقية من أجل التعاون الأمني بينهما لإقامة قاعدة عسكرية في بربرة مع تمركز القوات الإماراتية في أرض الصومال. هل يقود هذا التنافس وفرض النفوذ في منطقة القرن الأفريقي إلى حرب إقليمية؟.
تشهد منطقة القرن الأفريقي في شرق أفريقيا "حرباً على الاستثمار في موانئها وإقامة القواعد العسكرية عليها" فتنافست دول عربية مثل الإمارات والسعودية وغير عربية (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسرائيل وروسيا والصين وتركيا واليابان) على استئجار الموانىء وإقامة القواعد العسكرية في الصومال وإريتريا وجيبوتي. فما هي منطقة القرن الأفريقي؟ لماذا التنافس الدولي عليها؟ ما أشهر الموانئ التي تمت السيطرة عليها من القوى الدولية؟ ما أهم القواعد العسكرية التي تمّ إنشاؤها؟ ما علاقة هذا التنافس بحرب اليمن؟.
 
تعتبر منطقة القرن الأفريقي سواء بحدودها الضيّقة أو الواسعة، منطقة استراتيجية، كونها تطلّ على خليج عدن وتشرف على مضيق باب المندب، مقابلة لآبار النفط في شبه الجزيرة ومدخل البحر الأحمر الذي يربط بين قارات العالم القديم  وثلاث مناطق الشرق الأوسط والخليج العربي وشرق أفريقيا والمحيط الهندي، وتتوسّط منطقة القرنَ الأفريقي مضيقُ باب المندب، وهو معبر نفطٌ الخليج العربي وإيران إلى أوروبا 60% من احتياجات الطاقة في أوروبا و25 % من احتياجات الطاقة في الولايات المتحدة، وكذلك معبر التجارة العالمية بين الشرق والغرب.
 
وكان لحرب اليمن دور في زيادة التنافس والتحالفات على منطقة القرن الأفريقي فعندما تعهّدت السعودية بتقديم 50 مليون دولار مساعدة للصومال فور قطع علاقاتها مع إيران، ما دفع السعودية لإقامة قاعدة عسكرية في جيبوتي هناك، لمنع الإمدادات العسكرية الإيرانية لليمن.
 
أما الإمارات أولى الدول التي اتجهت لمنطقة القرن الإفريقي، ففي أوائل عام2015 م اتجهت إلى تطوير شراكة مع الصومال لمكافحة الإرهاب، عن طريق فتح مركز تدريب في مقديشو لتدريب وحدات القوات الصومالية، وفي نهاية عام 2015 م تعهّدت بدفع رواتب قوات الأمن الحكومية الاتحادية الصومالية لمدة أربع سنوات، ثم تلا ذلك فى يونيو 2016 إرسال شحنتين من ناقلات الجنود المدرّعة، والشاحنات الناقلة للمياه، والدراجات النارية لقوات الشرطة الصومالية.
 
وفي أواخر عام 2016، وقّعت الإمارات مع حكومة جمهورية أرض الصومال اتفاقية من أجل التعاون الأمني بينهما لإقامة قاعدة عسكرية في بربرة مع تمركز القوات الإماراتية في أرض الصومال، وأقر البرلمان الصومالي قرار إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة بربرة شمال غرب الصومال بجمهورية أرض الصومال. هذه القاعدة ليست الأولى للإمارات في منطقة القرن الإفريقي، فخلال عام 2016 حصلت شركة موانئ دبى على ترخيص لإدارة مرفأ بربرة لمدة 30 عاماً، ولم يقتصر الوجود الإماراتي على الصومال فقط، وإنما امتد ليشمل استئجار ميناء عصب الإريتري والمطار الرئيسي لمدة 30 عاماً أيضاً. وبذلك تكون الإمارات قد نجحت في التواجد بقوة في منطقة القرن الإفريقي، سواء من خلال القواعد العسكرية، أو من خلال إدارة الموانئ الحيوية في واحدة من أهم مناطق التجارة العالمية.
 
أما إيران فقامت بتطوير علاقتها مع إريتريا والسودان والحوثيين في اليمن. من أجل التواجد في  البحر الأحمر والقرن الأفريقي بجوار التواجد الأميركي والإسرائيلي تحسباً لضرب المفاعل النووي الإيراني، وأقامت قاعدتها العسكرية في ميناء عصب الإريتري. ومن ناحية أخرى فقد عملت تركيا بقوة على دعم علاقاتها بدول شرق إفريقيا، وتمكّنت من خلال سياستها الخارجية في إفريقيا من إنشاء أول قاعدة عسكرية لها في الصومال عام 2016م، كما عقدت مع السودان اتفاقاً يقضي بإدارتها لجزيرة سواكن القريبة من الحدود المصرية.
 
أما إسرائيل فحصلت على جزيرة دهلك في البحر الأحمر عام 1975م لتُقيم عليها أول قاعدة عسكرية، وتلا ذلك استئجار جزيرتي حالب وفاطمة ثم سنشيان ودميرا، وأكّدت مصادر دبلوماسية غربية في أسمرا وأديس أبابا وجود طائرات إسرائيلية مجهّزة بمعدّات تجسّس متطوّرة في دهلك ما يحقّق لها الإشراف على حركة الملاحة في البحر الأحمر ومراقبتها من الجنوب حتى إيلات، وتأمين التحرّك التجاري الإسرائيلي وضمان إغلاق باب المندب في وجه العرب في أي وقت.
 
وتعدّ جيبوتى أكثر دول القرن الإفريقي التي أقامت على أرضها قواعد عسكرية، فكونها دولة فقيرة فسعت لتأجير سواحلها كقواعد عسكرية. فكانت القاعد ة العسكرية الأقدم الفرنسية ( 1977) نورس فرانسيس جيبوت، أما القاعدة العسكرية الأكبر في أفريقيا فهي الأميركية توجد في جيبوتي ( 2001 ) ثم أنشأت الولايات المتحدة فرقة العمل المشتركة للقرن الأفريقي التي اندمجت ضمن القيادة الأميركية لأفريقيا ( أفريكوم )، أما إيطاليا فأنشأت قاعدتها العسكرية في 2013  في جيبوتي ( مركز عمليات لوجوستية )، ونافست الصين الولايات المتحدة في القرن الإفريقي في إطار سياسة ( الحزام والطريق ) أنشأت قاعدة صغيرة في جيبوتي. كان من استرتيجيات الإمارات والسعودية من التواجد في جيبوتي وإريتريا وحليفتهما الولايات المتحدة توجيه الضربات إلى اليمن من القواعد العسكرية في القرن الأفريقي ومراقبة مساعدة إيران للحوثيين. يبقى السؤال هل يقود هذا التنافس وفرض النفوذ في منطقة القرن الأفريقي إلى حرب إقليمية؟.