التشاركية شفافية.. بقلم:سامر يحيى

التشاركية شفافية.. بقلم:سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٦ مايو ٢٠١٩

أعجبت المسؤول فكرةً فأوصى بتنفيذها، اقترح موظّف له حظوة رأياً فتمّت الاستجابة له، طرح صديق المدير رأياً فأمر بتطبيقه، صدرت توجيهات بضغط النفقات ومنع الهدر، فتم حرمان الموظّف من المكافآت والمشجّعات والاستغناء عن بعض الأساسيات... إلى ما هنالك من أمورٍ تعتبر ردّة فعل في الإدارة.
الإدارة هي علمٌ وفن، تقييم وتقويم، خبرةٌ وتشاركية، تنسيق أفكارٍ ورؤىً، خلق الأرضية المناسبة لاستثمار الإمكانيات والموارد وتحقيق الرغبات، ولا يمكن أن تكون تمسكّاً وتشبثاً بفكرةٍ ولا تجاهلاً لرؤية أنّى كانت رتبة ومرتبة صاحبها، فكلٌ في مكانه أدرى بالخبايا والخفايا، النجاحات والإيجابيات، السلبيات والعوائق، نقاط الضعف والقوة، أفضل وأقصر الطرق لاستثمار الموارد المتاحة وتقديم الخدمات المطلوبة، مستفيدين من الدراسات الأكاديمية التي وُضعت لنفكّر بمدى إمكانية الاستفادة منها ضمن إمكانياتنا وقدراتنا وواقعنا المعاش.
والشفافية الإدارية تعني بدء العمل والتشاركية ضمن المؤسسة ذاتها، لتتمكن الإدارة من إقناع المواطن العادي، والتي لا يمكن أن تحصل إلا عبر دراسة جديّة انطلاقاً من رؤية المؤسسة ومبادئها، ونقاش المشكلات والحلول والإيجابيات والسلبيات بمشاركة العاملين والإداريين بالمؤسسة كلٌ حسب دوره وتخصصه، عبر ربط العلم بالعمل، وإمكانية التطبيق على أرض الواقع والاستفادة من التجارب، لتقييم وتقويم نتائج المسألة موضع الدراسة، وبالتأكيد المسؤولية الأساسية لتطبيق ذلك يقع على كاهل العلاقات العامة التي من المفترض أن تكون في أعلى الهيكلية الإدارية لأنّها صلة الوصل بين المؤسسة وجمهورها الداخلي، وجمهورها الخارجي، وتدرس ارتدادات ونتائج وإمكانيات تطوير الموضوع مجال البحث وسد كل الثغرات، وإلا ستكون الشفافية التي ننشدها جميعاً مجرّد مصطلح كغيره نتعامل معه شكلاً ونتجاهله جوهراً ومضموناً.
الشفافية هي التشاركية ولا يمكن أن تعتبر روتيناً وتعقيداً، ولا تشويهاً للحقائق ولا تدخّلاً بخصوصية وطبيعة عمل المؤسسة، أو تشتيت الأفكار وإضاعة الوقت، وخلق جوٍ من الفوضى لتعدّد الآراء، كما أنّ النقاش والحوار والدراسات لم تكن يوماً للتسويف والتأجيل والتهرّب من المسؤولية، لأننا نملك إدارة لكل تخصص، ومؤسسات متخصصة بكلٍ جزء، وكلٌ منها له دورٌ يجب أن تقوم به، وبالتالي تختصر الوقت والجهد والتعب، وضبط الهدر وضغط النفقات مع زيادة الإنتاجية وتحقيق رضا الموظّف ومصلحة الوطن، هذه الشفافية التي ينشدها كل من يرغب باستمرار عملية التطوير والتحديث وإعادة البناء والإعمار.
فلا يهتم المواطن بشفافية نشر المؤسسة لهيكلها الإداري أو تطوير طريقة عملها الداخلية، أو الصعوبات التي تعترض عملها، إنّما يهمّه ما يلمسه على أرض الواقع من نتائج، وبالتالي الشفافية المؤسساتية تعني أن تقوم كل مؤسسة بدورها بالبحث والتقصي والمعالجة ضمن إطار التكامل بين كافة المؤسسات الوطنية، لمضاعفة الجهود وتحقيق أفضل أداء ضمن المهام المنوطة بكلٍ منها، واستنهاض جهود كل عاملٍ ليقوم بدوره انطلاقاً من رغبته الذاتية وإيمانه بوطنه بعيداً عن تفكيره بالمرتّب الشهري، أو الخوف من عقوبة، أو العمل ضمن الروتين اليومي، إنّما انطلاقاً من إمكانياته وقدارته وإدراكه أن عمله لصالح الوطن ككل، وهنا أشير لبعض الرؤى التي قد تفيد كل مؤسسةٍ دون استثناء:
ـ اتسام الموّظّف أنى كانت مرتبته ورتبته بالمصداقية والجديّة والابتعاد عن النفاق والازدواجية واللامبالاة.
ـ إشراك جميع العاملين في النقاش والحوار البناء لتحقيق التشاركية الفاعلة والمنتجة كل ضمن تخصصه واختصاصه.
ـ تشجيع العامل ليكون مبادراً بالإنتاج والإنجاز، انطلاقاً من الأسس والمبادئ التي تنظم عمل مؤسسته، لا تبرير تقصيره بانتظار توجيهاتٍ هي بالأصل من واجباته.  
ـ شعور العامل بأنّ أدائه سينعكس على إنتاجيته، التي تصبّ لمصلحة الوطن ككل.
ـ عدم التمييز بين موظّفٍ وآخر إلا قدر عطائه وإبداعه وانتاجيته لصالح المؤسسة، وولائه الوظيفي الوطني، لأن الولاء لشخص المسؤول سيتغير مع تغيّر هذا المسؤول.
ـ العلاقات العامة في قمّة الهيكلية الإدارية تساهم بأن تكون صلة وصل وتقديم الدراسة الجدية والرقابة المسبقة ودراسة كل جوانب القرار أو المسألة مدار البحث لتطوير الأداء.
ـ دور الرقابة الداخلية ومحاسبة الإدارة في كل مؤسسة الرقابة الآنية المباشرة واللاحقة للمسائل المتعلّقة بالعمل المؤسساتي.
ـ عقد لقاء دوري عال المستوى بين المؤسسات الوطنية، كل ضمن تخصّصه لتحقيق التكامل والتعاضد ومضاعفة الإنتاج، والقضاء على التناقضات والعوائق والتشابكات.
   ـ متابعة المكاتب الإعلامية لوسائل الإعلام والإجابة على ما تنشره بإقناعٍ وصدقية، وتوضيح الصورة الحقيقية لجهود المؤسسة ضمن الإمكانيات والموارد المتاحة، ليكون المواطن عوناً لا عبئاً على المؤسسة.
ـ استقطاب الشريحة الأوسع من أبناء الشعب السوري، لأنه يتسم بالحيوية والوطنية ولا يحتاج سوى استنهاض الهمم والإقناع بصحة المواقف التي تتخذها مؤسساته، بما يحوّله من ناقدٍ سلبي إلى قادرٍ على العطاء والإبداع واجتراع الحلول.
    ربما تكون بعضاً من رؤى تحتاج البحث والتمحيص والتفكير، لنستكمل ما بدأناه، فمؤسساتنا ليست وليدة اليوم، وقادرةٌ على الإبداع والعطاء وصمدت في وجه أعتى حربٍ عالمية، فواجبنا مواكبة التطوّرات بكلٍ المجالات استمراراً لمسيرة التحديث والتطوير وإعادة بناء ما فقدناه، وتعزيز الولاء والانتماء الوطني، لنردّ جزءاً من الدين لوطننا ودماء شهدائنا وتضحيات أبطالنا كلٌ في مجاله، ورؤية وتوجيه سيّد الوطن.