مادامت السعودية بقرة حلوب هادئة فلم الحرب؟!.. بقلم: نبيل لطيف

مادامت السعودية بقرة حلوب هادئة فلم الحرب؟!.. بقلم: نبيل لطيف

تحليل وآراء

السبت، ٢٥ مايو ٢٠١٩

مادامت السعودية بقرة حلوب هادئة فلم الحرب؟!
 
كعادتها تناولت وسائل الاعلام السعودية والامارات ، بكثير من الاهتمام والاثارة ، خبرارسال امريكا 1500 جندي إلى الشرق الأوسط ، مكررة الرواية الامريكية بشأن التصدي لما وصفته بالتهديدات الايرانية في المنطقة.
 
خبر ارسال هذا العدد من الجنود الامريكيين تزامن مع خبر اتهام وزارة الدفاع الامريكية لحرس الثورة الاسلامية بالمسؤولية المباشرة في الهجوم على ناقلات النفط قبالة ساحل الإمارات هذا الشهر.
 
من الواضح ان قضية ارسال هذا العدد القليل من الجنود ، خاصة إن نحو 600 من المعلن عنهم موجودون بالفعل في المنطقة لإدارة صواريخ باتريوت وسيتم تمديد بقاؤهم ، تصب من الفها الى يائها في اطار استراتيجية الرئيس الامريكي دونالد ترامب الرامية لحلب الخزينتين السعودية والاماراتية حتى آخر دولار.
 
لما كان القرار يتعارض مع وعود ترامب الانتخابية بشأن عدم ارسال المزيد من الجنود ، وابعاد الجيش الامريكي عن صراعات منطقة الشرق الاوسط ، كان لابد من وجود ذريعة تبرر تراجع ترامب عن وعوده للراي العام الامريكي ولقاعدته الانتخابية ، فجاء اتهام امريكا لايران بانها وراء استهداف الناقلات امام ساحل الامارات ، كافيا لتبرير القرار.
 
ترامب نفسه حاول منذ البداية ان يضع هذا القرار في اطاره المحدد ، فأعلن انه إجراء دفاعي ، وان مهمة الجنود ، وبينهم مهندسون ، إدارة نظم الدفاع الصاروخية ، وتعزيز الدفاعات ، والمراقبة الجوية.
 
من السذاجة اعتبار هذا القرار والقرارات الاخرى كارسال حاملة طائرات وعدد من القاذافات ، الى منطقة الشرق الاوسط ، بانها تحضيرات لحرب قادمة مع ايران ، فاذا كان العراق الذي لا تتجاوز مساحته ربع مساحة ايران ، حشدت له امريكا اربع حاملات طائرات واكثر من 120 الف جندي بالاضافة الى عشرات الالاف من الجنود من مختلف دول العالم ، ورغم ذلك لم تتجرأ ان تتعرض له ، الا بعد ان ايقنت ان النظام العراقي حول العراق الى سجن كبير ، واستخدم السلاح الكيمياوي ضد شعبه ، وزرع العراق بالمقابر الجماعية ، فانهك بذلك الجيش والشعب العراقي ، فاستغلت امريكا نقطة الضعف هذه ، وغزت العراق.
 
يحاول ترامب ايضا من خلال هذه القرارات ، ان يحفظ ماء وجهه امام الرفض الايراني الثابت للتفاوض معه ، وكذلك للتغطية عن عجزه في التعامل مع ايران ، بعد قراره الاحمق في الخروج من الاتفاق النووي ، فالرجل يحاول ايجاد وسيلة يستطيع من خلال النزول من اعلى الشجرة التي صعد اليها بتحريض من "فريق باء".
 
على السعودية والامارات ان تدركا ان عيون ترامب لا تحيد عن ثرواتهما ، وكل اجراء يتخذه ، هدفه الاول والاخير هو وضع اليد على هذه الثروة ، فالرجل يعتقد جازما ، ان السعودية والامارات لا تستحقان كل هذه الاموال ، التي لابد ان تذهب الى الخزينة الامريكية ، اما حلمهما في ان تخوض امريكا حربا ضد ايران بالنيابة عنهما ، فهو حلم لن يتحقق ، لسببين ، الاول ، ان ايران ليست لقمة سائغة يمكن لترامب ان يبتلعها ، والثاني مادامت السعودية والامارات بقرات حلوب هادئات ، يستطيع ترامب حلبها متى شاء ، فلماذا يجازف اذن باشعال حرب مع دولة اقليمية كبرى مثل ايران، قد تعرض هذه القرات للاذى ، وبالتالي سيكون الخاسر الاكبر ترامب نفسه.