تفجيرات سريلانكا الأميركية وحرب المضائق والخلجان...!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

تفجيرات سريلانكا الأميركية وحرب المضائق والخلجان...!.. بقلم: محمد صادق الحسيني

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٦ أبريل ٢٠١٩

سيظلّ الحدث السيرلانكي حاضراً في المشهد الإعلامي العالمي إلى حين استكمال واشنطن لعبتها الهوليودية القذرة في أعالي البحار في إطار حربها المفتوحة على الكبار من إيران الى روسيا والصين…!
فمما لا يخفى على أيّ متابع للشأن السياسي بشكل عام، وللحملة الأميركية الإسرائيلية ضدّ إيران وحزب الله بشكل خاص خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن يقرأ تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، والتي أطلق من خلالها سلسلة تهديدات، ضدّ كلّ الدول التي تكسر قرار الولايات المتحده القاضي بفرض حصار شامل على إيران، على انها التصريحات قنابل صوتية للتغطية على الفعل الحقيقي الذي اقترفته الإدارة الاميركية، عبر أدواتها التكفيرية المتطرفة، في سريلانكا هذه المرة في عيد الفصح المجيد عند الطوائف المسيحية الكاثوليكية في العالم، الحدث الذي لا يزال مستمراً…!
فعلى الرغم من خطورة تصريحات مايك بومبيو إلا أنه يعلم تماماً أنها غير قابلة للتطبيق، وذلك لأنّ إيران قادرة على منع ذلك، خاصة أنّ الولايات المتحده قد استدركت القرار من خلال إصدار سلسلة من الاستثناءات، لدول وهيئات ومؤسسات دولية، تعفيها من العقوبات في حال تعاملت مع الحرس الثوري الإيراني، الذي سرعان ما هدّد بإغلاق مضيق هرمز إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على فرض إجراءات لوقف تصدير النفط الإيراني.
الأمر الذي ردّت عليه الولايات المتحدة بصيغة باهتة جاء فيها انّ هذا التهديد غير مبرّر وغير مقبول…!
فأين عنجهية وصلف الولايات المتحدة في مثل هذه الحالات…!؟ بالإضافة إلى انّ هذه التصريحات لا تحمل أيّ جديد وذلك لأنها تكرار للسياسة الأميركية، من فرض الحصار والعقوبات على إيران، المتبعة أصلاً منذ أربعين عاماً ضدّ هذا البلد الصامد…
هذا كما انّ اتفاق بومبيو مع السعودية لزيادة إنتاجها من النفط ليصل الى 14 مليون برميل يومياً لن يؤدّي الى أيّ نتيجة بسبب قدرة إيران على منع السعودية من رفع حجم صادراتها النفطية، حتى لو استطاعت رفع الإنتاج من الناحية الفنية، وذلك عبر سلسلة إجراءات إيرانية ميدانية سيتمّ تطبيقها في الوقت المناسب…
انها صورة جلية عن العجز والوهن الأميركيين…!
لكن الولايات المتحدة هذه، ورغم عجزها هذا، تواصل العمل على إشعال الحروب الأهلية والصراعات المسلحة، فها هي تطلق بؤرة توتر دولية جديدة في شبه القارة الهندية، وذلك عبر إعطاء الضوء الأخضر لمجموعات التطرف والإرهاب المتنقلة، والتي تشرف على إعادة تدويرها وتشغيلها الأجهزة الأمنية والعسكرية الأميركية، وذلك خدمة لأهداف استراتيجية أميركية على الصعيد الدولي.
فما هي هذه الأهداف الأميركية المتوخاة من وراء التفجيرات التي حصلت في عيد الفصح ولا تزال في سريلانكا، وذهب ضحيتها أكثر من ألف قتيل وجريح؟
ويبدو أنّ المستهدف الرئيسي كانت الكنائس الكاثوليكية في البلاد… وهذا ما يجعل الأهداف الاميركية من وراء ذلك تتمثل في ما يلي:
1 ـ السعي لإشعال حرب أهلية طائفية بين مكونات الشعب السريلانكي، الذي يبلغ تعداده 21 مليون نسمه، منهم 70 من البوذيين، و12 من الهندوس، إلى جانب 10 من المسلمين، و 8 من المسيحيين مليون ومائتي ألف مسيحي .
2 ـ يكمن الهدف الأميركي من وراء ذلك في خلق الظروف الملائمة لتدخل عسكري أميركي يفضي إلى إقامة قواعد عسكرية، جوية وبحرية، في هذا البلد الذي يتمتع بموقع استراتيجي غاية في الأهمية.
إذ انّ هذا البلد يقع على مدخل خليج البنغال، الذي تمرّ من جنوبه باتجاه الشرق، الطريق البحري المؤدّي الى مضيق مالاقا Strait of malacca ، الموصل الى بحر الصين الجنوبي. ما يعني تمكن الولايات المتحدة، في حال إقامتها لقواعد عسكرية في سريلانكا، من التحكم المباشر بحركة الملاحة البحرية عبر هذا المضيق وهو ما يعني تهديد حركة الملاحة البحرية الصينية، سواء كانت مدنية او عسكرية.
3 ـ كما تعني إقامة قواعد جوية وبحرية أميركية في سريلانكا تعزيزاً هاماً في عمليات الحشد الاستراتيجي الأميركي البعيد المدى ضدّ الصين. إذ انّ إقامة مثل هذه القواعد سيعزز قدرات القاعدة الجوية الاستراتيجية الأميركية في دييغو غارسيا في المحيط الهندي وذلك عبر إقامة قواعد أكثر قرباً الى الصين مما يشكل ميزة استراتيجية للولايات المتحدة في هذا الجزء من العالم.
4 ـ مواصلة الضغط على الهند شمالاً والتي تعتبرها واشنطن حليفاً لروسيا في الاصطفافات العالمية رغم صداقاتها الإسرائيلية التجارية وغير التجارية…
5 ـ أيضاً وأيضاً محاولة عرقلة خط الطاقة الاستراتيجي الصيني الذي تمرّ خطوطه من وسط خليج البنغال، وهو الطريق الذي اختارته الصين منذ مدة لنقل احتياجاتها النفطية عبره الى الأراضي الصينية الأكثر حاجة للتنمية المستدامة إضافة لكونه من خطوط مشروع طريق واحد حزام واحد الصيني الشهير…!
6 ـ يأتي كلّ هذا في إطار حرب المضائق والخلجان التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية وأذنابها الصغار من جبل طارق إلى باب المندب وهرمز امتداداً إلى أعالي البحار غرباً وشرقاً…! ورغم كلّ ذلك فإنّ سياسة واشنطن هذه تسارع الخطى للاصطدام بأسوار المقاومة العربية والإسلامية والعالمية من جبال الأطلس الكبير وصولاً إلى سور الصين العظيم.
البناء