وإنهم لزاحفون!.. بقلم: نبيه البرجي

وإنهم لزاحفون!.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الخميس، ١١ أبريل ٢٠١٩

ليعلم، من يفترض أن يعلم، أن الطريق إلى دمشق هو الطريق إلى دمشق. لا يمر في أي مدينة أخرى، أياً تكن هذه المدينة.
بالدرجة الأولى، ذلك الطراز من العرب (الأعراب) الذين يشاؤون، ويحلمون، ويتواطؤون، ليكون الطريق إلى دمشق عبر «أورشليم». الذين يراقصون بطرابيشهم، وبعباءاتهم، أزمنة العار.
ندرك، وبمنتهى الشفافية، كيف يفكر الرئيس بشار الأسد. ندرك، أيضاً، وبمنتهى الشفافية، كيف كان يفكر الرئيس الكبير حافظ الأسد، وقد وصفه يفغيني بريماكوف بـ«الرجل الذي حال دون العرب والانزلاق إلى… جهنم»!
الظروف التي شهدتها سورية، وما زالت هناك بعض الفصول الأخيرة، أكثر من أن تكون هائلة. لا دولة في التاريخ (راجعوا أوراقكم)، واجهت ما واجهته سورية.
أصغوا جيداً إلى ما يقال في الغرف المقفلة، أليست هذه مواصفات «الحرب الكونية»؟ مليارات الدولارات، مئات آلاف المرتزقة، آلاف الأطنان من الأسلحة والأعتدة، لتقويض الدولة السورية كمدخل إلى إعادة تركيب الخرائط، وإعادة تركيب الوجوه، بمقاييس النجمة السداسية.
أسوأ بكثير من سايكس ـ بيكو، هنا تفكيك المجتمعات، وتفكيك البنى السوسيولوجية، والبنى الثقافية، والبنى التاريخية، لنغدو أمام مستودعات بشرية ميتة، عودوا إلى أفكار زئيف جابوتنسكي التي عمد ليو شتراوس، نبي المحافظين الجدد، وقبل برنارد لويس، إلى تسويقها، داخل المؤسسة السياسية في الولايات المتحدة.
يفترض، وقد وظفت تلك الإمكانات لإدارة دوامة الدم، أن نكشف ما يحدث داخل الجدران، وراء الجدران. الأموال تتدفق الآن على شخصيات سياسية، وعلى مؤسسات إعلامية، في أكثر من بلد عربي، من أجل إحداث مناخ سيكولوجي مضاد للمسار السوري في استعادة الدولة، وفي استعادة الدور.
الخائفون من سورية يلجؤون إلى التشكيك المبرمج، إلى الإثارة الغرائزية المبرمجة. هؤلاء الذين لم يكتفوا بالتماهي مع سياسات بنيامين نتنياهو، وهي السياسات التلمودية، باللوثة الأيديولوجية وبالتلوث الأيديولوجي، وضعوا كل إمكاناتهم في خدمة تلك السياسات للبقاء على العروش. العروش التي باتت مثالاً للهلهلة. المثال في… ثقافة العار!
الغربان بياقاتها البيضاء، على الورق كما على الشاشات. ظنّاً منهم أن هذا هو الوقت السحري للانقضاض على سورية الجريحة، رائع ما سمعناه من ديبلوماسي عربي مخضرم «هؤلاء الذين عيونهم على العكازات». العيون العرجاء. الذين لم يأخذوا الأمثولة من تجارب السنوات المنقضية، وحين كان الرهان العبثي على سقوط سورية في أيدي الآتين من قعر الأزمنة.
يا أنتم الذين تلعقون أحذية القرون الوسطى، الذين بلحى الحاخامات، متى تفقهون أن قهقهاتكم الصفراء على الشاشات، وهي قهقهات القردة، لا يمكن أن تحجب الوهج، وهج الحقيقة، بأن سورية عصية على الديناصورات، وعلى ليل الديناصورات؟
مثلما نثروا ملياراتهم على طواحين الدم، ينثرون ملياراتهم على طواحين الهواء التي تحارب، دونكيشوتياً، طواحين الهواء. هي المحاكاة بين من تم استجلابهم من الكهوف، ومن يتم استجلابهم من الدور والقصور. يا صاحبي، إنها رقصة الجواري بين حجارة حائط المبكى.
لا غرابة أن يرتدي هؤلاء جلد المومياء، ووجه المومياء. ثم يشككون في الظاهرة السورية. السلاحف الهرمة وقد تفككت بعدما تصورت أنها على قاب قوسين من تحويل ضفاف الياسمين إلى ضفاف الدم.
كم هو كوميدي المشهد! الشراء العلني للمعارضين من أجل توضيبهم، كما الألواح الخشبية. الاتصالات مع معارضي إسطنبول كانت مضحكة فعلاً. بعضهم، وقد تحولوا إلى حراس للملاهي الليلية، أحدهم الذي كان يحلم بموقع في العلالي، اتصل مستغيثاً «كفانا زحفاً على بطوننا. الآن يدعوننا إلى الزحف على ظهورنا». وإنهم لزاحفون…
الوطن