ماذا ننتظر؟! بقلم د. بسام الخالد

ماذا ننتظر؟! بقلم د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ مارس ٢٠١٩

في عام 1982 قدم "أودد ينون"، رجل المخابرات الإسرائيلية الخفي والعقل المدبر للعديد من استراتيجيات حزب الليكود الصهيوني، خطة خطيرة ضمّنها تصوراته لمستقبل العالم العربي نشرتها مجلة "كيفونيم" الإسرائيلية بعنوان:"استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات" وهي ترتكز على فرضيتين رئيسيتين:

  • الأولى: أن تكون إسرائيل قوة إمبريالية إقليمية.
  • الثانية: إعادة تقسيم العالم العربي إلى دويلات صغيرة غير فعالة وغير قادرة على الوقوف في وجه هذه القوة الإمبريالية الإسرائيلية.

ويرى "ينون" أن ذلك يرسخ شرعية "يهودية دولة إسرائيل"، بما أن كل طائفة ستكون لها دولة، بحسب خطته التي تقسم البلدان إلى دويلات طائفية،  فإن وجود دولة يهودية يصبح مبررًا من الناحية الأخلاقية.

ويقول "إسرائيل شاحاك" الحقوقي الأمريكي الإسرائيلي الذي ترجم الخطة للغة الإنجليزية:( إن فكرة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة بعد سايكس بيكو هي إحدى الأفكار التي طرحت مرارًا وتكرارًا في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي).

في عام 1992 وبعد مرور عشر سنوات من طرح هذه الخطة ظهرت خرائط "برنارد لويس"، المستشرق البريطاني الأصل، اليهودي الصهيوني الذي يحمل الجنسية الأمريكية، وهي تستند إلى خطة "ينون" ومضمونها ينص على تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية عرقية متناحرة وتفتيت الدول العربية الخمس (العراق والسعودية وسورية ومصر وليبيا) إلى أربع عشر دولة تقسيمًا طائفيًا عرقيًا!

في عام 2006 ظهرت خطة"جو بايدن" عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي اقترح فيها تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق ذات استقلال شبه ذاتي للشيعة والسنة والأكراد، وهي امتداد لخطة "أودد ينون" وخرائط "برنارد لويس".

يتضح مما سبق أن الأهداف الرئيسة في خطط أمريكا وإسرائيل الاستراتيجية لتقسيم المنطقة وإضعافها هو السيطرة الكاملة على شعوبها، وحصرهم في صراعات طائفية وعرقية، وإشغالهم عن معركتهم الحقيقة، ومنعهم من الخروج من الوصاية الأمريكية، الأمر الذي يقضي على حلم الشعوب العربية والإسلامية في العيش كأمة واحدة، وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد النظام الدولي، بحسب تصورات المخططين الصهاينة والأمريكيين.

ألا يأتي قرار " ترامب" بضم الجولان العربي السوري المحتل إلى "إسرائيل" وتثبيت سيادتها عليه استكمالا لهذه الخطة وتمهيداً لصفقة القرن التي يتم طبخها على نار هادئة قبل أن تُعلن فصولها؟!

انتبهوا أيها العرب.. لا الانتخابات الإسرائيلية، ولا تشدد ترامب في يهوديته، ولا ضغوط اللوبي الصهيوني على الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولا صقور الكونغرس الأمريكيين الذين يعملون لصالح "إسرائيل" لهم دخل مباشر في هذا القرار، وإنما الإستراتيجية الأمريكية المرسومة منذ زمن طويل بدأت تتكشف الآن، مستفيدة من تخطيط كل ما ذكرت سابقاً، وأُطلقت على لسان الرئيس الأمريكي الأكثر تهوراً دونالد ترامب!

في مقال سابق حول هذا الموضوع طرحت السؤال التالي: ماذا تخبئ "إسرائيل" والولايات المتحدة لسورية بعد الانتهاء من العراق، وما هو مستقبل الدول الأخرى التي حددتها خطة "ينون" وخرائط "لويس" ؟!

لقد أثبتت الأيام صحة رؤى المخططين.. ونحن غافلون.. قالوا: "العرب لا يقرؤون التاريخ، وإن قرؤوه لا يستفيدون من دروسه .. هذا صحيح .. لكنهم نسوا أن (عرباً) محسوبين على العرب لا تربطهم بالعروبة وحدة تاريخ ولا وحدة دم ولا حرمة دين.. سلموا قيادهم لأمريكا ترسم خرائط مستقبلهم كيفما تشاء في مقابل (الحماية) التي لن تطول كثيراً في ظل ما يُخطط للمنطقة.

الجولان عربي سوري منذ الأزل.. وهذا لا جدال فيه.. وحق سورية في استعادته أمر لا خلاف عليه.. نقطة الخلاف تكمن في أن الحق تلزمه القوة.. فلنعزز مناعتنا وقوتنا الذاتية أولا.. ونبدأ باستعادة أراضينا بكل الوسائل المتاحة.. وإن أرادوها حرباً .. فلتكن.. فلن نخسر أكثر مما خسرناه، و"إسرائيل" تدرك جيداً معنى الحرب التقليدية مع سورية وما هو مخبوء لهذه الحرب، وهي ليست مؤهلة من الناحيتين ( الديمغرافية والنفسية، ولا أقول العسكرية) لحرب طاحنة من هذا النوع تختلف عن كل ما سبقها من الحروب!