قريباً من دمشق.. قريباً من مقهى النوفرة! ...بقلم المهندس بشار نجاري

قريباً من دمشق.. قريباً من مقهى النوفرة! ...بقلم المهندس بشار نجاري

تحليل وآراء

الأحد، ٦ يناير ٢٠١٩

في السنوات الأخيرة، وبعد تكشف الحقائق عمّن يقف خلف ما سمي كذباً ونفاقا،ً بـ "الربيع العربي والثورات العربية"، اتضحت الرؤية وتبين أن القضية لم تكن ثورات وإنما هي عملية مبرمجة ومخطط لها من قبل أعداء الأمة لتدمير ما تم بناؤه في الخمسين عاماً الماضية من عمر تلك الدول الفتية في عالمنا العربي المقهور والمحبط، ولقد رأينا الصورة  في أبشع وأوسخ وجوهها عندما توقف زحف الدمار والانتقام عند سورية،  فلقد وصل المخطط الصهيو- أمريكي إلى القلب.. إلى دمشق وكان عليه أن يمزقه ويشرب دمه، فبعد أن كانت ثورات الناتو تنطلق من دولة إلى أخرى، عبر أسابيع قليلة، لتدمر تلك الدول وتعدم قياداتها وتفكك أنظمتها وتقضي على منجزاتها ومشاريعها وما بنته عبر عقود من الزمن لتحولها إلى دول ممزقة فاشلة تفتك بها عصابات مجرمة تحلل لنفسها ما طاب من فسق وخيانة وفساد وفجور،  رأينا مرتزقة تلك "الثورات"، الذين باعوا أنفسهم لأعداء أوطانهم، كيف كانوا يعوون كالذئاب ومعهم حثالات أربع جهات الأرض، ينقضّون كالوحوش الكاسرة على مداخل التاريخ وعلى بوابات دمشق السبع، تقف خلفهم و تدعمهم أحطُّ أجهزة مخابرات عالمية كالموساد والسي آي  إيه وغيرها الكثير الكثير.

نعم.. رأينا ذلك الزحف.. وشاهدنا كيف توقف عند  أبواب دمشق عاصمة الأمة وبوابة التحدي التاريخي، وفِي تلك اللحظة المظلمة من تاريخ العرب والمسلمين نرى ما لم تتوقعه الكثير من القوى، نرى تلك المدينة التي هي أقدم عاصمة في التاريخ،  نراها ترفع سيف التحدي في وجه ثورات الناتو القذرة وتقطع رأس الثعبان ومن يقف خلفه لتقول كلمتها الفصل: لا لمن يظن أن دمشق ستنهار كما انهارت من قبلها عواصم العرب ومدن الملح الأخرى، فدمشق دمها مصنوع من عطر الياسمين ومعتق كخمر الفينيقيين بحارة العالم القديم الذي صنعوه قبل ثلاثة آلاف عام و نيف، خمر تدوخ من رائحته الشياطين ويرتعد لرؤيته الزنادقة وأشباه الرجال المخصيين وأسيادهم.

 لقد رأيناهم كيف كانوا عندما كانت تقلّهم الباصات الخضر إلى خاصرة العثمانيين، إلى محطات الخيانات الأخيرة في حياتهم  حيث كانت تنتظرهم أجهزة المخابرات الأجنبية وبعض من عناصر الناتو المقنعين بلحى إخونجية وعباءات خليجية لتمنحهم بعضاً من الأمل وبعضاً من الحبوب المهدئة وفتاتاً من أموال بعد أن سلبت منهم الكرامة وعزة الانتماء.

واليوم وبعد ثماني سنوات من ثورة الناتو والحرب المفتوحة على سورية نرى بوضوح الأهداف الرئيسية لتلك الثورات المزيفة وهي:

- تشويه مفهوم الثورة، وبالذات الثورة الفلسطينية "هذا الرمز الجميل الذي عاشت عليه أجيال وأجيال" والتخلي والابتعاد عن هذا المصطلح الذي كان يوماً ما يشكل عاملاً أساسياً لسنوات طويلة في مواجهة إسرائيل والمشروع الصهيو- امريكي.

 - تشويه الانتماء الديني وإضعاف قيم الإسلام العظيمة في مواجهة الظلم والاستعمار، فبعد أن كان البعد الديني يشكل عامل قوة للأمة في مواجهة الظلم والاستعمار، هاهو الغرب ومراكز أبحاثه وإعلامه  وأجهزة مخابراته وبالتعاون مع عملائه المنافقين المتسترين بعباءة الحرية والإسلام المصنع صهيونياً، يشوه هذا البعد الإسلامي المقاوم.

-  تشويه الرموز والمُثل والأسماء  الدينية التي نتجت عن تراكم تاريخي عظيم وعريق إلى أن استخدمت اليوم من قبل (زعران) ثورة الناتو وأسيادهم لتعطى للمجموعات المجرمة والخائنة والتي تتعاطى كل أنواع الفسق والفساد والخيانة والرذيلة وذلك حتى يتم تشويه كل تلك الأسماء التي استخدموها وبتوجيه من أعداء الأمة من أجل تحقير تلك الأسماء مثل: (أجناد الشام، فيالق الرحمن، جبهة النصرة، أحرار الشام، كتائب أنصار الله، جند الله، جيش الإسلام، ألوية أحفاد الرسول، الجبهة الإسلامية، ألوية خالد بن الوليد، كتائب أهل السنة)، وغيرها العشرات من تلك الأسماء التي تم تشويهها حتى تكون رمزاً للخيانة والغدر بعد أن كانت رمزاً وتاريخاً مشرقاً في حضارة أمة العرب والمسلمين.

إن هذه الحرب القذرة على بلاد العرب، وعلى سورية خاصة، لن يغسل ويجمّل وجهها القبيح ارتداءها واستخدامها الملابس والقيم الإسلامية، كما أن استخدام تلك الحثالات المتخلفة للأسماء الإسلامية الرائعة في تاريخنا لن يضر تلك الأسماء والرموز بشيء، ذلك أن العمق التاريخي والبعد الأيديولوجي الذي توارثناه عبر مئات السنين لن تستطيع نزوة عربان متصهينين أن تمحوه من تاريخنا العريق، هذا التاريخ العظيم والتحدي الكبير الذي واجه هولاكو وأنتصر، كما واجه حروب الفرنجة وانتصر وظلمَ العثمانيين وسفالة الاستعمار الغربي وانتصر، كذلك هو نفس هذا التاريخ العظيم لا يزال يرفع سيفه في عاصمة العرب الأولى وحاضرة الأمويين.

دمشق يا سادة.. هي سيدة عواصم الشرق، ودمشق يا سادة.. هي مِن تكتب التاريخ والآخرون هم العابرون، ونحن أهل بلاد الشام التي بارك الله فيها، الشهود عليهم يوم يُستدعى الشهود.

لقد سقط الربيع الصهيوني العبري.. ربيع الناتو القذر  تحت حذاء الإنسان السوري العظيم، وهذا أعظم درس للتاريخ.

 سقطت مدن الملح و تكشفت قصص النفاق والمؤامرات القذرة وبقيت دمشق التي أعطت العالم أبجدية  العلم والفكر والأخلاق لمن لا يملك العلم والفكر الأخلاق، وتهاوت أنظمة الكرتون المقوى.. ممالك و محميات الملح والإسمنت، وبقيت دمشق، تصارع الظلم وتكتب التاريخ.

لم تنته الحكاية بعد .. وللكلام بقية سنرويها لكم (قريباً من دمشق.. قريباً من مقهى النوفرة) قرب الجامع الأموي.

 لا تتأخروا يا أصدقائي، فدمشق، وكما عهدتموها ستكشف لكم كل القصص والروايات، ومن ينتمي إلى دمشق.. ينتمي إلى الحقيقة والنصر الأكيد!

بودابست- هنغاريا