الجولان والقدس... هوية واحدة .. بقلم: راسم عبيدات

الجولان والقدس... هوية واحدة .. بقلم: راسم عبيدات

تحليل وآراء

السبت، ٣ نوفمبر ٢٠١٨

من كان يراهن على ان يتخلى الجولانيون والمقدسيون عن هويتهم، بعد 51 عاماً من الاحتلال، لم يحصد سوى الأوهام، فروح وجذوة النضال والمقاومة عند أهل الجولان والقدس لم تهدأ ولم تنطفئ، فهم رفضوا كلّ قوانين وإجراءات الضمّ والتهويد، وقالوا إنّ الجولان والقدس لن تكونا سوى عربيتين، الجولان جزء من سورية الأم، والقدس جزء من فلسطين وعاصمة دولتها المستقبلية.
من شاهَد انتفاضة أهل الجولان في وجه الإحتلال الصهيوني ورفضهم المشاركة في الانتخابات المحلية والبلدية تحت حراب الاحتلال، وكذلك نسبة التصويت المتدنية جداً بين العرب المقدسيّين يدرك تماماً، أنه رغم المسار والهرولة التطبيعية بين دولة الاحتلال والعديد من المشيخات النفطية، فإنّ هذا التطبيع الرسمي العربي، لم يجد له ترجمة شعبية، أيّ التطبيع الرسمي لم يصرف لا سياسياً ولا معنوياً عند الشعوب، بل هناك حالة استعصاء شعبي وجماهيري كبيرة عند الجماهير العربية، والتي ترفض ما يمارس عليها من ضغوط كبيرة من قبل أنظمة رسمية متعفّنة سقطت بشكل مدوّ…
وكلّ من شاهد انتفاضة الجولان أيضاً يدرك ويستنتج بأنّ قراها وبلداتها متمسكة بهويتها السورية وقوميتها…
وكذلك عبّر المقدسيون عن الموقف نفسه، ورفعوا الشعارات نفسها من خلال رفضهم المشاركة في انتخابات تكرّس شرعية الاحتلال وضمّه للمدينة وتهويد أرضها وأسرلة سكانها… الاحتلال كان يريد لهذه الهرولة التطبيعية مع النظام الرسمي العربي، ان تكون بديلاً لحالة الاستعصاء والثبات الشعبي الفلسطيني والعربي الرافض للتطبيع وللمسار التفاوضي القائم على إذلال شعبنا الفلسطيني…
لا جولات قادة الإحتلال على مساجد وقصور المشيخات النفطية… ولا المال النفطي الخليجي التخريبي سيفلح في جعل دولة الاحتلال جزءاً ومكوّناً طبيعياً من جغرافيا المنطقة، فهذا يعاند حقائق التاريخ والجغرافيا، ما دامت تحتلّ أرضنا الفلسطينية والعربية لن يتحقق لها ذلك… فأيّ مسار تطبيعي مقياسه ما يجري من ترجمات له على المسار الشعبي، واعتقد بأنّ ما جرى في الجولان من انتفاضة شعبية عبّر فيها أهلنا وأبناء شعبنا في الجولان عن عمق تمسكهم وثقتهم بقيادتهم السورية وجيشها، وقالوا للمحتلّ بأنّ الجولان لن يكون غير سوري ولن… وكذلك فعل أهل القدس الذين كان يراهن المحتلّ على انّ ما يتعرّضون له من قمع وتنكيل و»طحن» يومي سيدفعهم نحو اليأس والإحباط والذهاب نحو خيار المشاركة في الإنتخابات لبلدية الإحتلال، كأمر واقع يفرض عليهم، وبما يكرّس الإحتلال لمدينتهم، وبما يجعل من مشاركتهم في هذه الإنتخابات تشريعاً وتكريساً لإحتلالها.
ولكن الواضح أنّ الإحتلال لم يستوعب الدرس، واعتقد واهماً، بانه بعد القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الإحتلال، وكذلك حالة الضعف الداخلي الفلسطيني، نتيجة تعمّق أزمة النظام السياسي الفلسطيني، واستمرار حالة الانقسام، وحالة الانهيار غير المسبوقة التي يعيشها النظام الرسمي العربي، وما نشهده من تسارع والتائر و»الهرولة» التطبيعية، بين دول هذا النظام ودولة الإحتلال، ستشكل عوامل ضاغطة على المقدسيين، وتخلق مناخات يأس وإحباط بين صفوفهم، تدفعهم نحو المشاركة الواسعة في الإنتخابات لبلدية الإحتلال.
الحلقة المقدسية في الكثير من المحطات والهبّات الشعبية والجماهيرية من هبّة الشهيد الفتى محمد أبو خضير تموز 2014، وحتى هبّة البوابات الألكترونية تموز 2017، كانت عصية على الكسر وأرسلت رسائلها للمحتلّ مهما بلغت حالة الضعف الفلسطيني القيادي، بسبب التناحر والإنقسام، فالشعب ثابت على موقفه، متمسك بهويته… وإنّ وجود بعض الشذاذ والأفاقين في المدينة وتساوقهم مع المشروع الصهيوني، لن يلغي ولن يزوّر ولن يشطب حقيقة موقف المقدسيين، ويبقى هؤلاء مجرد طحالب طافية على السطح، تحركها مصالحها الاقتصادية والمادية مع المحتلّ، ويبقى شعبنا الفلسطيني في القدس حيّ لا يموت.
الاحتلال كان أيضاً يراهن على أنّ الحرب العدوانية التي شنّت على سورية نظاماً ودولة ومؤسّسات وهوية وموقفاً وأرضاً وشعباً من قبل أكثر من 80 دولة غذت ودعمت وموّلت وسلّحت أكثر من 105 مجموعة إرهابية في مقدّمتها «داعش» و»النصرة» وغيرها من المجاميع الإرهابية، ستتمكن من هزيمة سورية وإسقاط نظامها وتفكيك جيشها وتفتيت جغرافيتها، ولذلك توهّم المحتلّ بأنّ الجولان سيكون لقمة صائغة، وحصة له يرثها من نظام يترنّح ويقترب من السقوط، ولذلك عنجهية وغطرسة الإحتلال، دفعت بقادته للقول بأنها لن تتخلى عن الجولان وستشرعن احتلاله وضمّه وبقرار اميركي، ولكن جاءت نتيجة الحرب لتقول بأنّ القيادة السورية الملتحمة مع شعبها وجيشها، قادرة على ان تصنع نصراً على هذا الحلف والطاغوت العدواني، ومع اقتراب تحقيق سورية لنصرها النهائي على الجماعات الإرهابية والتكفيرية، وإستعادتها لدورها ومكانتها العربية والإقليمية، كلّ ذلك انعكس ايجاباً على معنويات أهلنا وشعبنا في الجولان السوري المحتلّ، الذي كانت تحاول بعض الجماعات المنهارة والمرتهنة للمشروع المعادي، ان تختطف هويته وإنتماءه، ولكن الرفض القاطع والشامل من قبل أهلنا في الجولان المحتلّ للمشاركة في الإنتخابات للمجالس المحلية والبلدية التي حاول الإحتلال فرضها عليهم، قالت بشكل واضح بأنّ أحفاد سلطان باشا الأطرش، هم قوميون وعروبيون أقحاح، رضعوا حليب الانتماء للوطن رضاعة، وبأنهم ينتمون للوطن الأم سورية، بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، والذي لعب دوراً كبيراً في هزيمة المشروع المعادي، هذا الرئيس الذي بقي صامداً مدافعاً عن شعبه وبلده.
نعم أهل الجولان كانوا موحدين بكلّ ألوان طيفهم السياسي والمجتمعي ورجال الدين جميعاً كانوا في بوتقة واحدة، ويجمعهم هدف واحد، رفض المشاركة في الإنتخابات للمجالس المحلية والبلديات المعينة من قبل الإحتلال، ورفض أيّ هوية مصطنعة للجولان، فالجولان هويته سورية وعربية، وكذلك هي القدس هويتها فلسطينية وعربية.