ما الجديد في زيارة نتنياهو لسلطنة عمان؟.. بقلم: عبد الوهاب الشرفي

ما الجديد في زيارة نتنياهو لسلطنة عمان؟.. بقلم: عبد الوهاب الشرفي

تحليل وآراء

الأحد، ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨

ليست اول مرة تستقبل سلطنة عمان مسئول على هذا المستوى في الكيان الصهيوني فقد سبق زيارة رئيس وزراء الكيان لها في نيسان من العام 96 م لكنها كانت زيارة سرية وهذه المرة هي الزيارة الاولى العلنية .
الاخراج الذي ستخرجه السلطنة هو عملية التوسط بين الفلسطينيين وبين الصهاينة الغاصبين فقبل زيارة نتنياهو بيومين كان محمود عباس في مسقط .
اذا المسألة لاجديد فيها فليست متعلقة بالزيارات الصهيونية لمسقط فقد سبقت لمرتين وانما متعلقة بالعلنية لهذه الزيارة تحديدا .
لانشغال الرأي العام العالمي والمعني هنا هو العربي والاسلامي منه بحادثة خاشقجي كان اختيار التوقيت , فهذا التوقيت هو الذي يمكن ان يمر فيه خبر هذه الزيارة العلنية باقل ردة فعل رافضة ممكنه , وهذا الامر يفسر التوقيت .
لكن لماذا الاقدام على القبول بزيارة علنية اساسا ؟! فالمطالب العربية التي تتبناها الحكومات للتقارب مع الكيان لم يستجب لها فلما التضحية العمانية بتضحية كهذه لا منطلق لها – بعيدا عن قبولنا من عدمه ولكن النقاش من باب التعامل الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني – ولا تسير السير الطبيعي مع المسار العربي الحكومي الرسمي وما يعرف بمبادرة الملك عبدالله ال سعود .
كانت زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية زيارة فارقة فيما يتعلق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني , وكتبت مقال حينها – نشر في رأي اليوم – ان المنطقة دخلت مرحلة الفرز انطلاقا من نقطة العلاقة مع الكيان الصهيوني , وما ان انتهى المؤتمر الذي اعلن فيه عن ماسمي التحالف الشرق اوسطي الاستراتيجي من الرياض حتى بدأت اجندات التنفيذ , وفجرت وقتها الازمة مع قطر ليس لان لاعلاقة لها مع الكيان وقتها وانما لان لها علاقة بايران و لانها من الداعمين لحماس وهو امر غير مقبول حتى مع وجود علاقة على مستوى ما – مكتب تجاري – مع الكيان الصهيوني .
بمصاحبة التأزيم مع قطر كان التلويح بالتأزيم والعمل على الاستهداف موجه باتجاه سلطنة عمان و الكويت و بدأت السلطنة تعاني من استهداف مباشر لامنها القومي بالاستفادة من التدخل العسكري للتحالف السعودي في اليمن , ولهذا فالسلطنة تكون أثرت ان تهرب الى الامام وان تقدم تنازل في العلاقة مع الكيان الصهيوني لتقطع الطريق على الاستهداف لها من اشقائها الخليجيين الذي يأتي في جوهره على هذه الخلفية , وبالطبع هذا كله مبني على القبول العماني الغير رسمي و الغير معلن – الذي بات من اليوم معلنا – بالكيان الصهيوني كدولة من دول المنطقة .
يظل السؤال متعلق بخصوص الكويت الدولة الاخرى التي استهدفت الى جانب السلطنة من قبل اشقائها الخليجيين لماذا لم يبدر عنها حتى الان تقارب اكثر مع الكيان الصهيوني كما بدر من سلطنة عمان ومن قطر باستضافتها وفدا رياضيا صهيونيا في العاصمة الدوحة فوق العلاقات التجارية السابقة .
تظل التركيبة الداخلية في الكويت مميزة عن نضيراتها الخليجية فهي بلد يحضر الشعب في القرار بقدر محوري عن طريق مجلس الامة وهو ما لا يقوم في باقي دول الخليج التي يستفرد بقرارها السياسي حكم الفرد , ولعل وجود الشعب في القرار الكويتي هو الذي لازال يمنع الكويت من ان تواجه هجوم اشقائها عليها – والامارات بات اللاعب الاول في هذا الهجوم – بطريقة مواجهة سلطنة عمان له , وان جارت بقدر ما في اجندات مؤتمر الرياض .
عملية الفرز في المنطقة ستستمر , ومؤتمر التحالف الشرق اوسطي عقد قبل اسابيع في الكويت , والسؤال الان فيما يتعلق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني واقعة على دول عربية محددة هي سوريا و الجزائر والصومال في المقدمة واليمن و العراق و الكويت والسودان وتونس , بينما الباقون باتوا جميعا على ارتباطات ثنائية علنية بمستويات مختلفة مع الكيان الصهيوني . والكلام هنا عن الحكومات وليس عن الشعوب التي لازالت في كل الدول العربية و في مجملها ترى في الكيان الصهيوني كيانا غاصبا محتلا عدوا .
خلف كل الاحداث التي تشهدها الدول العربية تلعب الصهيونية و الماسونية حثيثا باتجاه هدفها بامن وتفوق الكيان الصهيوني , فبينما يتقاتل العرب بينهم في ازمات على السلطة و الثروة تمر مشاريع لم يكن لها ان تمر لولا وضع الصراعات العربية الحاصلة , فمن اتفاق تيران وصنافير , الى فتح الاجواء السعودية امام طيران الكيان , الى نقل السفارة الامريكية الى القدس , الى مدينة نيوم , الى قانون يهودية اسرائيل , الى المشاركة الكيانية في الانشطة الاقتصادية والامنية و الرياضية , الى زيارة رئيس الكيان الصهيوني العلنية للعواصم العربية , الى غير ذلك .
المسألة متعلقة بشرف القضية و الايمان بالحق وانتصاره في الاخير , ومتعلق بالنظرة الاستراتيجية العميقة بان المنطقة لن تستقر طالما السرطان الخبيث هذا موجودا في المنطقة بغض النظر عن العلاقات معه من عدمها , اي ان مسألة استقرار المنطقة ليس متعلقا بالاعتراف بالكيان الصهيوني والقبول بعلاقات معه من عدم ذلك وانما هو متعلق بالتموضوع من القضية الفلسطينية الكاملة الشاملة وبوجود كل دولة وكل مكون فيها بل وكل فرد من معادلة الصراع والمواجهة القادمة التي سيعقبها استقرار المنطقة لكن بضريبة هائلة سيدفعها العالم اجمع نتيجة تواطئه في اغتصاب حق جهارا نهارا وارتكاب وتغطية جريمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية بنهب ارض واستبدال شعب ولذلك ستكون ضريبة هذا الخطاء الانساني كارثية وغير مسبوقة في تاريخ البشرية .
الفرز سيستمر وكما قلت من هذه النقطة تحديدا – العلاقة مع الكيان الصهيوني – و التي يتساقط في طريقها الكثير تباعا وسيتحدد وضع الكثير من هذه الجريمة الانسانية اما ضدها او معها , وسيستمر الفرز والشرق الاوسط سيشهد الكثير وصولا لصفين متمايزين تماما قابل بافضح جريمة في التاريخ باحتلال ارض و استبدال شعب ورافض لذلك ومتسك بالقضية ومؤمن بالحق وحتمية انتصاره , والمنطقة مقبلة على رسم خارطة ديمغرافية جديدة , والقادم فضيع .
رأي اليوم