عدا حسم معركة إدلب.. ماذا ستبحث القمة الروسية – التركية – الإيرانية؟.. بقلم: شارل أبي نادر

عدا حسم معركة إدلب.. ماذا ستبحث القمة الروسية – التركية – الإيرانية؟.. بقلم: شارل أبي نادر

تحليل وآراء

الجمعة، ٧ سبتمبر ٢٠١٨

بعد أن ألمح الأميركيون مؤخراً الى موافقتهم “الضمنية” على معركة تحرير إدلب، مشترطين عدم استخدام الأسلحة الكيماوية، وعدم الإفراط في القوة وتعريض مئات آلاف المدنيين للخطر، وهذا كان مخرجاً لتورطهم الخاسر في محاولة منع العملية، وبعد أن ظهرت الجدية التركية – وللمرة الأولى – في الدخول بمشروع تصفية جبهة تحرير الشام، من خلال العمل على إعادة تدويرها وإنتاج فصيل “غير ارهابي” بنظر الآخرين، وبالوقت نفسه أن يكون قادراً على أن يكون ورقة صالحة لمناوراتها.
وحيث لم يعد من الضروري البحث في إمكانية أو عدم إمكانية تنفيذ معركة تحرير إدلب، والقائمة حكماً، وبالتالي لن يكون هذا الملف موضوعاً رئيساً على طاولة القمة المرتقبة الجمعة 9 أيلول/سبتمبر في ايران، بين الرؤساء بوتين وروحاني واردوغان، فماذا ستبحث هذه القمة؟ وما المواضيع الملحة والضرورية التي يجب أن يتخذ فيها القرار؟
أولاً:
من الطبيعي أن أولى نتائج معركة ادلب ستكون حتما، تصفية المجموعات الارهابية التي سيطرت في تلك المنطقة، ولفترة طويلة من عمر الحرب على سوريا، وحيث كانت تلك المجموعات قد تمددت وقويت وتسلحت وتموّلت برعاية وعناية مخابراتية تركية، أي رسمية تركية، أو على الأقل بصرف النظر رسميًّا، من أجهزة الأمن التركية، فهذا يعني أن لتركيا أجندة معينة ومحددة، عملت وتعمل عليها من خلال استغلال هؤلاء الإرهابيين، فماذا ستطلب مقابل تخليها عنهم؟ ربما هذا سيكون من الملفات الاساسية لقمة إيران.
ثانيا:
كيف سيكون مصير عشرات آلاف الإرهابيين الأجانب المتواجدين اليوم في ادلب، وهل ستلتزم تركيا وتتشدد بتوقيف من يحاول التسلل عبر أراضيها الى الداخل الأوروبي أو الى داخل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، وماذا لو حاولت تركيا – كما سابقا – صرف النظر عن مرورهم في أراضيها، وإعادة توجيههم الى ميادين أخرى، ومحاولة اللعب بورقتهم ثانية؟ ربما هذا الملف سيكون من اولويات القمة في ايران.
ثالثا:
بعد أن تُحسم المعركة في ادلب، عسكرياً أو تفاوضياً، حتماً سيسيطر الجيش العربي السوري على كافة مناطق وأماكن التواجد الحالي للمسلحين، الارهابيين أو المعتدلين، الأمر الذي سيضعه في بقعة مشتركة مع وحدات تركية تحتل بعض تلك المناطق، وهذا الموضوع لن تقبل به الدولة السورية، وسيستدعي حكماً انسحاب تلك الوحدات، وهذا يعني أيضاً أن الأتراك سوف يتركون عفرين وبلداتها بالكامل، وهذا ايضا سوف يكون موضع نقاش وتفاوض في القمة، خاصة لناحية الوضع الكردي وكيفية ادارة تلك المنطقة، والعلاقة مع الدولة السورية، والى أي حد ترتبط هذه الادراة بإدارة شرق الفرات.
رابعا:
تحرير إدلب سيستدعي حكما سيطرة الجيش العربي السوري على الحدود مع تركيا في الشمال السوري، وضمنا المعابر الحدودية، فكيف ستكون العلاقة يبين الدولتين؟ وهل ستكون مدخلاً لتسوية أو ما شابه ترعى على الأقل منظومة عمل المعابر الضرورية لكل من الدولتين؟ وهل ستؤسس هذه العلاقة “الحدودية” علاقة سياسية معينة؟ وهذا أيضاً سيكون ملفاً رئيساً في القمة، على الأقل لناحية وضع تصور أولي، تتابعه لاحقا الدولة السورية بتفاصيله، والتي ستحددها كما تراها مناسبة للسيادة السورية .
خامسا:
لا شك أن سيطرة الجيش العربي السوري على ادلب، والتي يعيش فيها أكثر من أربعة ملايين إنسان، كانت تتأمن أغلب حاجاتهم المعيشية عبر الاراضي التركية، سوف يعطي للدولة السورية الفرصة لوقف تلك المصادر ونقلها الى الداخل السوري، أو الابقاء عليها وتشريعها، وفي كل الاحوال، ستكون تركيا مهتمة جدا بالمحافظة على هذا السوق الثمين لاقتصادها، خاصة في الظروف المالية التي تعيشها حاليا، وهذا ايضا سوف يكون موضوعاً ملحاً في القمة، ستحاول تركيا المقايضة به مع تخليها عن المسلحين الارهابيين والمساعدة على تصفية وضعهم.
من هنا، واذا تكلمنا بشكل موضوعي، من الطبيعي أنه لن يكون لقادة القمة المرتقبة في ايران، الامكانية للتحرر من العامل الاميركي بشكل كامل، وخاصة في الملفات المتعلقة بالوضع النهائي للارهابيين الاجانب، او بالعلاقة النهائية بين تركيا والدولة السورية، او المتعلقة بالوضع الكردي في عفرين، والمرتبط بشكل أساس بأكراد شرق الفرات، حيث التواجد الأميركي الفاعل، وحتماً في ذلك سيكون للاميركيين دور وقدرة في التأثير على ملفات القمة.
هكذا، يمكننا تفسير التناقض الأميركي الذي ظهر بوضوح، بين التشدد القاسي بدايةً لمنع معركة تحرير ادلب، والتراجع المبطّن مؤخرا عن ذلك، مع وضع شروط “رفع عتب وتحصيل حاصل”، حيث أن الجيش العربي السوري بالأساس لم ولن يستعمل الاسلحة الكيمياوية، كما انه كان دائما في معارك التحرير من الارهابيين، يعطي الافضلية في مناوراته لحماية المدنيين قدر الامكان وللتسوية والحل السلمي والتفاوضي.
فهل انخرط الاميركيون في مباحثات القمة قبل حصولها وتفاوضوا على تلك الملفات مع الروس والاتراك؟ ربما نتأكد من ذلك قريباً.
العهد