أيار أميركا الخطير.. بقلم: محمد نادر العمري

أيار أميركا الخطير.. بقلم: محمد نادر العمري

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ مايو ٢٠١٨

يبدو أن السياسة الأميركية والدولية أمام تحديات كبرى في شهر أيار المقبل، في ظل التوتر المتصاعد والفوضى التي تشهدها العلاقات الدولية وشدة الكباشات السياسية والدبلوماسية حول القضايا المتصارع حولها وبخاصة تجاه الملف السوري ومصير الاتفاق النووي الإيراني وتداعيات نقل السفارة الأميركية إلى القدس ونتائج الانتخابات اللبنانية والعراقية والتفاوض النووي مع كوريا الديمقراطية وعلاقة واشنطن مع أوروبا فضلاً عن الصراعات الدائرة بين موسكو وواشنطن حول المصالح الجيوسياسية والاقتصادية التي من شأنها تغيير معالم النظام العالمي وتحدد طبيعة تشكيله مجدداً.
«الحرب ضد الجميع» هي العبارة الأكثر دقة في وصف السياسة الخارجية الأميركية في عصر الرئيس دونالد ترامب وتبدو هذه الحرب تتجه نحو التنفيذ والتطبيق في شهر أيار المقبل، والتي ستثبت اختباراً لمدى قدرة الإدارة الأميركية المدعمة بصقور متطرفين في الخارجية والأمن القومي على تنفيذ وعودها وتهديداتها، وقدرتها في الوقت ذاته على تحمل انعكاساتها واحتواء ارتداداتها سواء في علاقاتها مع أوروبا أو صراعها مع موسكو.
مسيرة الحج الدبلوماسية التي شهدتها أروقة البيت الأبيض مؤخراً من أوروبا ودولة الاحتلال الإسرائيلية ومشيخات الخليج، تمثل قمة الانقسام الدولي حول المواقف الداعمة أو الرافضة لهذه السياسات تبعاً للمصالح المتناقضة.
جدول أعمال مملوء بالسياسات التصعيدية ضمن الأجندات الأميركية:
– الرسوم التي فرضها ترامب على صناعة الصلب الأوروبية ستدخل حيز التنفيذ في الأول من شهر أيار، ويبدو أن كل من الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية لم ينجحا في دفع ترامب نحو العدول عن هذا القرار، الأمر الذي ينبئ بنشوب حرب تجارية بين ضفتي الأطلسي ويدفع قسم من دول أوروبا نحو تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع موسكو وبكين وآسيا.
– تترقب إدارة ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نتائج الانتخابات البرلمانية التي ستجري في لبنان والعراق على التوالي، حيث تسعى كل من تل أبيب وواشنطن للتأثير على هذه الانتخابات بشكل لا يمكّن القوى السياسية الداعمة لمحور المقاومة من تقوية موقعها وزيادته وبخاصة حزب اللـه في لبنان والحشد الشعبي في العراق.
– الفترة الممتدة بين 12 و15 أيار، تعتبر أكثر حساسية نظراً لارتباطها بحدثين من شأنهما أن يشكلا مفصلاً هاماً وانعطافة نحو تصعيد المواجهة، الأول: قرار الولايات المتحدة ما إذا كانت ستنسحب من الاتفاق النووي أو ترمي الكرة بالملعب الإيراني الرافض لأي تعديل لهذا الاتفاق وفق الرؤية الفرنسية والتي من شأنها أن تمس بمصالح إيران وتحالفاتها الإستراتيجية وقوتها الرادعة، وحصر إيران بين خياري «بقاء واشنطن ضمن الاتفاق وفق تعديل مشروط أو تمزيقه» يشابه كثيراً الخيارات السابقة الفاشلة لواشنطن عبر التهديد بالقوة واللجوء لاستخدامها ضد طهران أثناء المفاوضات إلى جانب ترقب طهران لقرار واشنطن حول تقرير مصير الاتفاق فإن طهران وفق كل التصريحات والمؤشرات تمهد للرد على العدوان الإسرائيلي على مطار T4، وهي تحرص على تنفيذ وعودها بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية في لبنان والعراق بشكل هادئ.
أما الحدث الثاني الذي يعتبر فوهة البركان، هو إقدام واشنطن على تعنتها في تمرير صفقة القرن ونقل سفارتها للقدس بعد استكمال الإجراءات اللوجستية وضمان التطبيع والغطاء السياسي الخليجي على ذلك بعد زيارتي ولي العهد السعودي والأمير القطري لواشنطن مؤخراً، وترغب واشنطن في تحدي كل الأصوات الرافضة لهذا التوجه عبر احتفال ضخم يحضره وفد رسمي أميركي كبير يترأسه حتى اللحظة وزير الخزينة الأميركي وابنة ترامب إيفانكا وزوجها عراب الاتفاق جاريد كوشنر، إن لم يحضره ترامب بنفسه، وخاصة بعد جملة الإجراءات الأمنية المشددة التي دفعت قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتل لزيارة الكيان الإسرائيلي واجتماعه مع كبار مسؤولي تل أبيب الأمنيين والعسكريين لاتخاذ الترتيبات المشتركة، ولاسيما أن نقل السفارة الأميركية يتزامن مع يوم النكبة في 14أيار، وما يحضره الفلسطينيين لمسيرات شعبية ضخمة تتجه نحو الشريط الحدودي واحتمالية تحوله لشرارة اندلاع المواجهة، ولا تبدو حركات المقاومة بعيدة عنه، وربما تنتظره بفارغ الصبر بعد انسداد أفق المباحثات السياسية التي تم نعيها عبر صفقة القرن.
زحمة الأحداث والسياسات على جدول أعمال الإدارة الأميركية قد تجري وفق رياح لا تشتهيها السفن الأميركية وتزيد من توتير أوضاع الشرق الأوسط والعالم وربما تضعها على صفيح ساخن يهدد أمن العالم وسلمه الدولي، وهذا ما عبر عنه رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي اللواء احتياط، عاموس يادلين، بقوله: لم يسبق أن كان شهر أيار خطيراً إلى هذا الحد منذ 1967، وهذه هي الهاوية ربما التي حذر منها مؤتمر ميونيخ للأمن مؤخراً نتيجة تهور الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي بسلوكه قد يحول شهر أيار من ربيع مزهر لخريف جهنم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.