كاتب أمريكي: تلك الدول تنفخ في نار الصراع بين مصر والسودان وإثيوبيا

كاتب أمريكي: تلك الدول تنفخ في نار الصراع بين مصر والسودان وإثيوبيا

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٧ يناير ٢٠١٨

حذر الكاتب الأمريكي ستيفن كوك من أن اندلاع حرب على المياه بين مصر والسودان وإثيوبيا بات وشيكاً، مشيراً إلى أن تركيا وقطر تسعيان لتوريط الخليج فيها.

وفي مقال على مجلة "salon"، قال الباحث الأمريكي: "الآن نجد أن الصراع الحقيقي حول المياه في مرحلة الغليان"، قائلا: "مصر والسودان وإثيوبيا ربما تدخل مرحلة المواجهة بمساعدة تركيا وقطر والإمارات على خلفية مشروع سد النهضة الإثيوبي".

وتطرق ستيفن كوك الذي يشتهر بالتحليلات العميقة، إلى جذور الصراع قائلا: "في عام 1929، منحت اتفافية أنجلو - مصر الدولة العربية الأكثر تعداداً سكانياً نصيب الأسد من حصة المياه، نحو 50 مليار متر مكعب، ببينما سمحت للسودان بالحصول على 4 مليارت متر مكعب فقط، وحصل المصريون كذلك على حق رفض أي مشروعات في دول المصب، وفي فترة ما بعد الاستعمار، وقعت مصر والسودان اتفاقاً جديداً عام 1959 لزيادة حصة كل منهما من المياه، لكنه حفظ للقاهرة الامتيازات الأكبر.

وأردف الباحث الأمريكي: "لم يكن لدول مثل إريتريا ورواندا وبورندي وتزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أي كلمة إما لأنها لم تكن موجودة من الأصل، أو لعدم الحصول على استقلالها"، مشيراً إلى أن نهر النيل قضية حياة في مصر حيث تعتمد عليه بشكل كلي.

وذكر الكاتب، أن القادة الإثيوبيين يعتبرون سد النهضة مكونا أساسيا للتنمية ويرفضون استمرار استحواذ مصر على الحصة الأكبر استنادا على شعار: "نحن مصر وأنتم ليسوا كذلك، الأمطار تهطل عندكم ولا تفعل عندنا".

واستطرد كوك: "عندما يكتمل سد النهضة، سيقلص حصة مصر من المياه بمقدار 22 مليار متر مكعب من المياه سنويا، مما يدمر الثروة الزارعية والإنتاج الكهربائي لمصر"، ناسباً تلك الإحصائية إلى وزارة الري المصرية، مؤكداً أن ذلك يمثل مصدر قلق عميق للقيادات المصرية لا سيما في ظل عجزهم على التوصل إلى حل دبلوماسي، بحسب الباحث.

وتابع: "ملف سد النهضة تتعامل معه وزارة الخارجية التي لم يعد تأثيرها كما كان من قبل، لا سيما إذا ما قورنت بوزاة الدفاع والمخابرات العامة"، لافتا إلى فشل جهود عام 2015 لحل أزمة سد النهضة، مع تدخل السودان كوسيط آنذاك، مشيراً إلى دخول مصر والسودان في خصومة جراء صراعات إقليمية.

وأضاف: "رحبت السودان مؤخراً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووقعت معه اتفاق تعاون أمني تتضمن منح  تركيا الإشراف على جزيرة سواكن التي تحتل مكانة استراتيجية هامة بين مصر والسودان والسعودية"، مؤكداً أن الجزيرة كانت قاعدة بحرية استفادت منها الدولة العثمانية السابقة قديما، ويخشى المصريون أن يجدد الأتراك  الجزيرة ويؤسسون قاعدة عسكرية دائمة هناك.

وتحدث كوك عن العلاقات القطرية السودانية الأخيرة، قائلاً: "قبل شهور قليلة، جددت قطر علاقاتها العسكرية مع السودان، وهو أمر لم يسعد مصر، لا سيما في ظل الدعم القطري والتركي للإخوان المسلمين، مما تسبب في تفاقم التوتر بين القاهرة والخرطوم حول حلايب وشلاتين على الحدود بين الدولتين لكنها تخضع للسيطرة المصرية".

وتابع: "اصطفت تركيا، العضو في حلف الناتو، وقطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة، مع السودان في هذا الخلاف، وبالتبعية لإثيوبيا التي هي حليف أمريكي، وعلى الجانب الآخر، مصر، شريكة أمريكا في الشرق الأوسط، وإريتريا". ولفت إلى أنه من المحتمل تورط دول خليجية في هذه الحرب، مشيراً إلى أن الإمارات، اللاعب المهم في الخليج العربي، ستنخرط في هذا الصراع في ضوء علاقاتها بمصر وإريتريا.

 

وأشار إلى أن السودان الآن بدأت تهاجم القرار المصري بشأن تيران وصنافير بدعوى أن القاهرة لا تملك حق التنازل عن الجزيرتين للسعودية، ومضى يقول: "كرد فعل على ذلك، نشرت مصر حاملة طائرات هليكوبتر في البحر الأحمر، وأرسلت قواتاً إلى قاعدة إماراتية في إريتريا".

وأضاف أن ذلك "أغضب ذلك الإثيوبيين بالمقابل، لا سيما وأن إريتريا انفصلت عن إثيوبيا عام 1993 وخاضت الدولتين حرباً حدودية في أواخر تسعينيات القرن المنصرم، تسببت في مقتل 80 ألف شخص"، وفي 2016، دخلت إثيوبيا وإريتريا مجدداً في صدام مما تسبب في مقتل مئات آخرين".

وكرد فعل على تقارير تواجد القوات المصرية في إريتريا، لم يرفض الإثيوبيون فحسب العرض المصري باستبعاد الخرطوم من مفاوضات سد النهضة، لكن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلماريام ديسالين استضاف وزير الدفاع السوداني، كما تعهد بالإسراع في وتيرة بناء سد النهضة.

وأضافت: "علاوة على ذلك، نشر السودانين آلاف الجنود على الحدود مع إريتريا، وطلبت مصر من البنك الدولي المساعدة على حل مأزق سد النهضة، وتعهدت بحماية حصتها من مياه نهر النيل".

ورأى الكاتب الأمريكي، أن الولايات المتحدة ينبغي أن تلعب دور الوساطة في هذا النزع، لكنه اتهم إدارة ترامب بتقويض الخارجية الأمريكية، مشيراً إلى أن زير الدفاع الأمريكي  جيم ماتيس ومستشار الأمن القومي إتش آر ماكماستر يعتبران صراع منطقة القرن الإفريقي أقل أهمية من تهديدات كوريا الشمالية وإيران.

وأشار إلى أن ما كشفه كتاب "الغضب والنار" الأخير، يظهر أن روسيا حلت بديلة للولايات المتحدة، كوسيط للأمن والاستقرار في العالم، وهو ما جعل الإدارة الأمريكية ترى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ينبغي أن يتدخل لمنع نشوب صراع جديد حول المياه في منطقة القرن الإفريقي.