كم مرة هزم الأسد واشنطن.. أسرار الانتصار بالتفاصيل..بقلم أحمد خضور

كم مرة هزم الأسد واشنطن.. أسرار الانتصار بالتفاصيل..بقلم أحمد خضور

تحليل وآراء

الاثنين، ٨ يناير ٢٠١٨

بدأت عملية غزو العراق في 20 آذار/مارس 2003، من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية، عندما كان جورش دبليو بوش هو الرئيس الأمريكي، ودخلت القوات الأمريكية بغداد بعد ما يعرف بمعركة سقوط بغداد، وهي المعركة التي حصلت بين القوات المسلحة العراقية السابقة والجيش الأمريكي في أوائل شهر أبريل/نيسان 2003.
 

وبعد إعلان الرئيس جورج بوش أنّ "المهمة قد أُنجزت" في العراق، وصل وزير الخارجية كولن باول إلى دمشق في يوم الجمعة 2 أيار 2003، وقد أعلن في المطار عند وصوله قائلاً: "سأوضح للرئيس بشار الأسد جلياً كيف تنظر الولايات المتحدة إلى تبدل الوضع في المنطقة مع رحيل نظام صدام حسين". وعند سؤاله عن عواقب تواجهها سورية في حال عدم تجاوبها مع واشنطن، أجاب: "هذه قرارات سنتخذها بعد أن نرى الأداء وهل سيتغيرون أو لا" ("السفير"، 3 أيار 2003). وعند عودة باول إلى واشنطن أوضح أكثر ما جرى في دمشق قائلا: في سلسلة مقابلات تلفزيونية بواشنطن أنه أبلغ الرئيس السوري قائلاً: "إنك تستطيع أن تكون جزءاً من مستقبل إيجابي، أو أن تبقى في الماضي مع السياسات التي تتبعها… الخيار لك" ("السفير"، 5 أيار 2003).

توقع البعض أن تتحمل دمشق أول نتائج الغزو الأمريكي للعراق وأن الأسد سيرضخ للمطالب الأمريكية المتجسدة بالوقوف مع المحور الأمريكي وأهمها قطع العلاقة ووقف دعم "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" وقطع العلاقات مع إيران وغيرها من المطالب، وقيل آنذاك، إن باول قدم ثلاثة وثلاثين مطلباً داخليا وخارجيا، إلا أنّ ما طفا على السطح الإعلامي، وعند الرسميين الأمريكيين، كان ثلاثة مطالب تتعلق بالعراق وفلسطين ولبنان ،من دون أن تصل الأمور آنذاك للمطالبة بانسحاب سوري من لبنان، لكن بالتركيز على وقف تزويد حزب الله بالسلاح. (جريدة "الحياة"، 4 أيار2003.).

بالمختصر.. رفض الرئيس الأسد الشاب الذي كان عمره آنذاك 38 سنة الشروط والمطالب الأمريكية، وبدأت سورية بدعم كافة أنواع المقاومة العراقية (على اختلاف توجهاتها) ضد الوجد الأمريكي، وفي المحصلة، وبعد 9 سنوات من الاحتلال، انسحبت القوات الأمريكية بالكامل من العراق صباح الأحد 18 ديسمبر 2011، بعد أن تكلفت آلاف القتلى من جنودها. وهي المرأة الأولى التي يهزم فيها الأسد واشنطن.

المرة الثانية التي هزم فيها الأسد واشنطن كانت عام 2006، عندما فتحت واشنطن جسرا عسكريا ودبلوماسيا لدعم "إسرائيل" في حربها ضد لبنان وحزب الله في حرب تموز بينما فتحت سورية جسرا من الدعم اللوجستي الصاروخي لمقاومي حزب الله الذي تمكن من الانتصار في الحرب على "إسرائيل" وفرض شروطه في نهاية المعركة التي استمرت 33 يوما تساقطت فيها الصواريخ على المستوطنات "الإسرائيلية" وعلى حيفا وقتل مئات الجنود "الإسرائيليين" ودمر حزب الله عشرات دبابات الميركافا "الإسرائيلية"، انتهت المعركة بانتصار واضح لا لبس فيه لحزب الله على عكس ما تنشره بعض وسائل الإعلام من تخفيف لحجم انتصار الحزب، وفرضت بعدها معادلة التوازن الاستراتيجي في جنوب لبنان.

ثالثا… سورية احتضنت حركة "حماس" الفلسطينية على اعتبار أن هذه الحركة من ضمن حركات المقاومة، وبقيت قيادة "حماس" في سورية حتى عام 2011 ولم يمسسها أي سوء، وفي حرب 2008 التي شنتها "إسرائيل" على غزة، كانت قيادة "حماس" في سورية، وأيضا فشلت "إسرائيل" في كسر "حماس"، التي أعلنت لاحقا في عام 2011 مواقفا ضد الحكومة السورية.

الهزيمة الرابعة كانت في سنوات الحرب السورية، التي تم افتعالها وتأجيجها بسبب كل ما ذكرناه سابقا، فبدأت واشنطن خطتها لكسرالرئيس الأسد وتدمير الدولة السورية، واستغلت بعض العوامل المحلية والإقليمية المساعدة لخطتها، وانضمت لواشنطن مجموعة كبيرة من الدول الإقليمية والغربية، وبدأ آلاف المقاتلين المتشددين يتوافدون من كل بلدان العالم لقتال الجيش السوري، بالإضافة لمجموعات محلية "مؤدلجة" أيضا متشددة تعتبر الجيش السوري والرئيس الأسد هو عدوها الأول، وبدأت التصريحات في واشنطن وعلى أعلى مستويات ("أيام الأسد معدودة"، "على الأسد أن يرحل"، "الشعب السوري يريد الحرية" وإلى ما هنالك من تصريحات أصبحت مكشوفة للمعارض قبل الموالي في سورية وغيرها)، بعد سبع سنوات من تسخير كل الإمكانيات اللازمة لتدمير الجيش السوري والدولة السورية والإطاحة بالرئيس الأسد، ها هو الجيش السوري قد استعاد حلب ودير الزور وحمص وتتقدم القوات الآن باتجاه إدلب لاستعادتها وسط ذهول أمريكي مع خطط لإعاقة تقدم الجيش السوري الذي يستعيد السيطرة رويدا رويدا على كل الأراضي السورية.

وبينما يتحدث الكثير من خبراء الجيوسياسة ومنهم خبراء أمريكيون الآن عن انحدار وهبوط للنفوذ الأمريكي والإمبراطورية الأمريكية، يسعى طبيب العيون الجراح الهادئ، الرئيس الأسد الذي أرهق خطط الأطلسي في الشرق الأوسط، إلى استكمال طرد الإرهاب من سورية، فاختار تحالفات سورية وفق مبادئ قائما على الاحترام المتبادل مع الحلفاء، ومدعوما بمحبة ملايين السوريين وفي كل المحافظات السورية وبدون استثناء، محبة تصل لحد العشق لهذا القائد، الأمر الذي يجهله الكثيرين في الدول العربية نتيجة الإعلام الذي يصلهم، ولا يدري الكثيرين، أن انتصار الأسد كان لسبب رئيسي أن الشعب السوري يقف معه، ولو أنه فعلا كما يقول الإعلام المضلل أن الشعب السوري لا يريد الأسد، لما كان الجيش السوري الذي يتألف من جنود من مختلف المحافظات، ومختلف الطوائف والأعراق، قد حقق هذه الانتصارات، نعم السوريون يشكرون كل من دعم جيشهم ودولتهم، ولكن الشكر الأول هو لآلاف الجنود والشهداء الذين قضوا في عشرات المعارك والأساطير، هؤلاء الآلاف المؤلفة من الجنود السوريين يقاتلون من أجل سورية، والأسد أيضا يقاتل من أجل سورية وهو منهم ومعهم، وهذه أسرار الانتصار.