المؤسسة الحكومية بين التوصية والإنجاز .. بقلم: سامر يحيى

المؤسسة الحكومية بين التوصية والإنجاز .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧

 المواطن العادي بطبيعته وطبعه ينتقد الأداء الحكومي، بغض النظر عن دراسة معمّقة لهذا الانتقاد أو ذاك، كما أنّه قد يمدح أداءً معيّناً أيضاً بفعل العاطفة ولتجاوبٍ ما وجده في لحظةٍ ما، ولكن عند جهينة الخبر اليقين،
جهينة، هي كل موظّف في المؤسسة الحكومية، وكل مثقّف، وتتسع الدائرة حسب دائرة العلاقات العامة بكل مؤسسة وتوجّهها لجمهورها الداخلي والخارجي، بحكمةٍ ومنطق، بعيداً عن العشوائية، والمدح والذم اللامدروس، فالقدرة على تحمّل المسؤولية تستوجب من الموظّف الحكومي أو المسؤول أن تكون لديه القدرة على إعطاء البيانات الصحيحة القادرة على توضيح دور المؤسسة دون أن يؤثّر ذلك على البيانات السريّة وتحرّكاتها وعملها، فشتان بين كتم السر الذي يساهم في نجاح المؤسسة، وبين تغييب أقل المعلومات والمعطيات التي تساهم في استمرار تطوير الأداء وتفعيل عملية الإنتاج في كل مؤسسة، مما يوجب على كل موظّف المسؤولية أمام مؤسسته أولاً، وأمام الآخرين، بغض النظر عن دوره، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا عبر نقاشٍ بناءٍ، بعيداً عن المحاضرات الأكاديمية العقيمة، والتوجيهات النظرية الجامدة، والاتهامات والتهديدات المبطّنة أو الظاهرة، والتحجج بوضع خطط مستقبلية، وأن الإدارة أدرى بمصلحة موظّفيها، مع تجاهل دور الموظّفين الذين هم على احتكاك مباشر مع الجمهور المستهدف من عمل المؤسسة. إن قمة فائدة القرار عندما يكون آخذاً بالاعتبار الوضع العملي والعلمي بآنٍ معاً!!؟ وأن يكون القرار المستقبلي آخذاً بالاعتبار الوضع الراهن؟! فكيف سنضمن صدقية نتائج قرار في المستقبل، إن لم يكن قادراً على جعل المواطن يلمس آثاره، وإلا سنضطر للعودة لنقطة الصفر بعد سنتين أو ثلاثة، كما حصل في الكثير منها سابقاً، فأي خطة استراتيجية يجب أن ترافقها خطة تكتيكية آنية ومتوسطة المدى، لا سيّما بالعمل الإداري والإنتاجي، ومن الطبيعي أن يلمس المواطن آثار أي عملٍ أو نتاجٍ، فالسوري أينما ذهب في كل دول العالم، استطاع اثبات وجوده من الأيام الأولى، أما من انتظر المستقبل، ما زال ينتظر المساعدات والهبات ويخشى من عواقب المستقبل.. وكذلك مؤسساتنا المفترض أن نلمس نتائج عملها على أرض الواقع، مباشرة، ويتطوّر أدائها مع مرور الزمن للوصول للهدف الأسمى المنشود، لا سيّما نؤمن دائماً أن مؤسساتنا عريقة والحجر الأساس لتطويرها هو استنهاض همم أبنائها لتحمّل مسؤولياتهم والقيام بدورهم، ثم تأتي المراحل الأخرى.
إن الإدارة الناجحة هي التي تستند إلى التخطيط السليم، والتنظيم البنّاء، والتوجيه المنطقي، والرقابة عملية مستمرة لكل تحرّك أو خطوة عملية أو نظرية، للتمكّن من تصحيح وتقويم وتقييم الخطة الموضوعة بالشكل الأمثل الواقعي والمنطقي، والتأكّد من صدقية وصوابية معطيات القرار والأسس التي يستند إليها، انطلاقاً من الواقع الراهن، ودراسة آثار الماضي سلبياً وإيجابياً، وبالتالي نحقّق الهدف المنشود من العمل الإداري الناجح، وإلا سنبقى نبرّر ونتفاخر بإنجازٍ روتيني طبيعي لا فضل لنا به، إنّما لطبيعة حركة الحياة..
النجاح لا يحتاج لوضع مبررات الفشل أو التقصير،  ولا التسويف والتأجيل، لأنّه الخطة الإدارية أولى خطوات نجاحها هو السير بتوازنٍ للحاضر والمستقبل بآنٍ معاً، بحيث يلمس الجمهور إيجابيات ما يقوم به الإداري بشكلٍ مباشر، وليس مجرّد آمالٍ وأمنيات، ودغدغة للمشاعر، لأن الدائرة الضيقة مهما كانت ذات مصداقية لصاحب القرار، لا بد أن تكون لديها القليل من النفاق، عدا عن أنّ معلوماتها ستكون مستندةً لرؤية شخصية، مهما كانت حيادية وتدّعي المصداقية، فالمسؤول الإداري مهما كان بحاجة للدائرة الضيقة لتمدّه بالمعلومات، ولكن أيضاً هو بحاجة للاطلاع ومعرفة رأي الآخرين بشكلٍ مباشر، ليتمكن من اتخاذ القرار البنّاء، فإيجاد الوقت للتواصل مع موظّفيه هو كسب للوقت وليس إضاعةً له، مهما كان حجم مؤسسته، فالاجتماع مع أبناء المؤسسة كل ضمن تخصصه، تساعده على ابتداع الحلول، وتنشيط دور كل عاملٍ وتفعيل حقيقي لورشات العمل والدورات التأهيلية والأبحاث والدراسات التي يقدّمها أبناء المؤسسة، ضمن الإمكانيات والقدرات والموارد المتاحة.
مؤسساتنا دون استثناء هي سر صمود وطننا ونهوضه، فالجندي العربي السوري منتشر على كامل تراب سوريتنا المقدّسة يرويها بالعرق والدم لكي تزدهر وتستقر، ودور باقي مؤسسات الوطن الوقوف إلى جانبه، لا استغلال عطائه في التقاعس وتحميله المسؤولية، والاكتفاء بالمسير اليومي، بل بذل الجهد لتفعيل أداء مؤسسته وتطويرها والنهوض بها، عندها نستحق كل منا، مهما كانت الرتبة أو المرتبة لقب مواطنٌ عربي سوري.