الذبح على أبواب الفردوس الصهيوني.. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

الذبح على أبواب الفردوس الصهيوني.. بقلم: المهندس ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

أي عصر هذا .. وأي ليل طويل حالك السواد شديد الظلمة!, وهل سيجرؤ العرب على كتابة تاريخهم الحديث؟ و ماذا سيكتبون ؟ أم سيتركونها مهمة ً للمستشرقين والغرباء والمستغربين ؟, أسيكتبون عن ربيعهم المزور , وسفكهم الدماء العربية , وتدمير أوطانهم وتوسيع الهوة أكثر فأكثر مع أقرانهم من ساكني الأرض .
أتراهم يَصدقون و يكتبون عن أعداء ٍ خططوا وتفرجوا و هزؤوا بنا , فيما نحن نتصارع ونتقاتل ويتسابق بعضنا لنيل رضاهم , أم سيحدثونا عن ثورات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ؟.. كم من الكذب و النفاق نحتاج لإقناع أجيالنا القادمة أن ثورات العرب قادها أتراكٌ وشيشانيون وبلغار وأنغوش وبلجيك وألمان, بدعمٍ وقيادةٍ صهيو- أمريكية , بعقيدة أوباما وبفكر كلينتون ورايس وليفي وبرجنسكي وكيسنجر ونتنياهو وأردوغان وترامب.

أسيصدق عرب المستقبل أن السعودية و قطر أرادا جلب الحرية والديمقراطية للسوريين بالمال والسلاح و الصواريخ والفتن والفتاوي الشيطانية وقاطعي الرؤوس واّكلي الأكباد لهدف ٍ "نبيل" !.
اكتبوا ما شئتم .. لكن اعترفوا أن الربيع ضل طريقه وأخطأ العنوان , واحذروا لعنة هيرودت و توكيديوس و ابن خلدون , واختاروا من عِبَرِهم إن كان " التاريخ يكرر نفسه " أم أنه "لا يعيد نفسه".
اكتبوا أنكم سفكتم دم السوريين لأجل فلسطين والجولان و كل ذرة تراب ٍ محتلة و مغتصبة.. و قولوا لقد تأخروا في تحريرها , وفضحوا القصة , فوجب قتلهم , والإنتقال إلى الدوران في فلك الصهيونية وتقبيل يديها والدعاء عليها بالكسر ... فقد استشهد الاّف الفلسطينين ولم تتحرر فلسطين , فلماذا لا نبيعها ونشتري لأولادهم ثيابا ً ليلبسوها في عيد الفطر و الأضحى , و خبز و كعكة الفصح ليأكلوها على قبر المسيح هناك .

هي الحرب القذرة .. التي تبدأ ولا تنتهي , حتى لو إنتهت في الميادين فإنها لن تغادر العقول والقلوب , فهناك من أراد للعالم أن يخرج عن السيطرة .. و يتحول فيه كل فعل ٍ إلى مباح و مطلب و ضرورة .
فالعالم يعيش حالة غليان .. والأزمة ليست في دول الصفيح الساخن , بل في عقول مصنّعيها من الديمقراطيات الغربية , وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية , وغالبية دول الإستعمار القديم الأوروبية والعثمانية التركية..
فالخطر يتهدد الجميع في وقت ٍ تغيب فيه الأمم المتحدة وتنحرف عن مبادئها التي أعلنتها زورا ً .. وتستباح فيه كل القيم والأخلاق الإجتماعية والدينية ويصبح كل شيءٍ مباح , و يسوده نظام ٌ مصالحي دون أي إعتبار للفارق بين الخير والشر , إستنادا ً إلى التعاليم الدينية أو القيم الأخلاقية .
فالحروب المصيرية الساخنة في سورية و ليبيا واليمن مستمرة بلا هوادة, ولا يزال الإرهابيون والمسلحون والمعارضات الخائنة  يحظون بإهتمام دول الشرّ الكبرى , وعلى مقربة من إكتمال العقد الإرهابي الجديد تستمر الفوضى والمشاريع الدامية , ويبقى السؤال إلى متى ؟.

لن نناقش صراعا ً أزليا ً بين الخير والشر , إنما نتحدث عن صراع أدوات كل منهما , في ظل إنقسام ٍ واضح وضع فيه نصف العالم نفسه بشكل ٍ أو بآخر في خدمة الأول , فيما وضع نصفه الاّخر في خدمة الثاني .. ويطرح السؤال نفسه , من سيقف بينهما ويقول كفى؟ هل أصبحنا نبحث عن معتدلين أم حياديين , أم عن منصفين؟.
إن صراع الإيدولوجيات و المصالح الجيو- سياسية , ُتفجر ينابيع شرعيتها من طبيعتين الأولى مادية والثانية "إيمانية", وما بين الإثنين يحدث التشابك ومن تضاد إلى توافق إلى شراكة وشركاء... ويدخل التضليل الإعلامي طرفا ً أسياسيا ً, يفرض ضبابيته على كلا الطرفين , فتضيع الحقيقة وسط الإعلام المسيس و المأجور والشاشات والصفحات الصفراء .. فيما القتل مستمر والفوضى سائدة.

فقد استطاع الغرب أن يحولنا إلى شعوب ٍ تندفع وراء مصالحه , وتحفر قبورها بأيديها .. فيعلّق بعضنا اّمالهم على بعض الدول العربية الحاقدة , والعدو الإسرائيلي أو جامعة الدول العربية والأمم المتحدة , ومنهم من يعيد التفكير بمنظمة دول عدم الإنحياز والعالم الإسلامي , ومجلس التعاون الخليجي .... وغاب عن ذهنهم موقف وإنجازات أولئك الأبطال من المقاومين الذين هبوا للدفاع عن أوطانهم و مصيرهم وحياة شعوبهم.

لم نر أحدا ً يعترف بخطأه , و ينسب لأفعاله مصالح شريرة , ولا بد للحكومات العربية أن تسأل نفسها من نحن و إلى أين نحن ذاهبون؟ وهل سيتحقق العدل في ظل ربح وخسارة العراقيين واليمنيين والسوريين والفلسطينيين ؟
ففي ظل استباحة المارد الأمريكي و مشروعه الكبير في السيطرة على العالم , وبطريقة تفكيره وعقله المهيمن بأمراضه وعقده النفسية ودوافعه الراسخة في أحلامه وطموحاته وأهدافه , يقول برجنسكي : " الإيمان بأهمية القيم والمعتقدات لا تقل أهمية عن الإقتصاد" , وعليه فإن "استباحة كل شيء تجعل العالم خارج نطاق السيطرة" .. فيما يقول الروائي الروسي فيودور دستوفسكي :" إذا لم يكن الله موجودا ً فإن كل شيء عندئذ ٍ يصبح مباحا ً " .. الأمر الذي يؤكد أن الأول يؤمن بمملكة قيصر و الثاني بمملكة السماء , فيما يحتار ثالث ٌ لعدم فهمه كلام السيد المسيح " أوف ما لقيصر لقيصر ,  ما لله لله ".

لقد أصبحنا أمة ً تائهة وعلى حافة الهاوية, وما من أمل ٍ ينقذنا سوى أن ننقل السلاح من كتف المقاومة إلى كتف العمالة .. ونستبدل العدو الإسرائيلي بعدو ٍ إفتراضي آخر.. و أن نتسابق في حاجتنا للإعتراف بإتفاقية كامب ديفيد , ووادي عربة , و إتفاقيات أوسلو , و دولة غزة الكبرى ؟ أكثر من حاجتنا إلى تحرير الأرض وتطوير الذات.
 أفلم نعد نحتاج التضامن و التكامل العربي والوحدة العربية ؟ واكتفينا بالشرذمة والضياع والإقتتال العربي– العربي.. وهل من سبيل لإقناعنا  بحاجة سورية وليبيا والعراق واليمن لدليل ٍ "ديمقراطي" صحراوي بدوي بدائي , ليكون المُصلح والمُرشد والدليل نحو الديمقراطية ؟ ... فما "أروعنا" من أمة ٍ تذبح بعضها على أبواب الفردوس الصهيوني لحجز بطاقة الدخول.
ولن يسمح شرفاء الأمة ومقاوميها بضياع فلسطين , ولن يطول زمن إنتصارهم, فقد اختبر الطغاة باس المقاومين وصلابة إيمانهم بالله والنصر والحرية.