أسباب كافية لتأكيد خسائر «إسرائيلية» فادحة .. بقلم: روزانا رمّال

أسباب كافية لتأكيد خسائر «إسرائيلية» فادحة .. بقلم: روزانا رمّال

تحليل وآراء

الجمعة، ٨ ديسمبر ٢٠١٧

أسباب كثيرة تحول دون اعتبار القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس قراراً منسجماً مع المصلحة «الإسرائيلية» الأميركية المشتركة، بل قرار مدمر يؤكد ان «إسرائيل» لن تكسب منه إلا «شعاراً» سيصبح حبراً على ورق الأيام، وهي:

أولاً: الفتنة السنية الشيعية التي عملت «إسرائيل» وأعوانها على تعميقها تصبح في تراجع مستمر، عندما تحضر أي قضية بحجم فلسطين والتوحّد على المقدسات الإسلامية التي تنتمي اليها أكبر طائفتين إسلاميتين أي السنة والشيعة. وهما أصلاً بدأتا بالتقارب التدريجي بعد خفوت نجم المجموعات الارهابية داعش والنصرة و..

ثانياً: الخلافات بين حماس وحركة فتح تذوب امام قضية كهذه. بالتالي فإن كل ما من شأنه تعزيز المصالحة التي رعتها مصر بين الطرفين سيكون الأوفر حظاً في الأيام المقبلة. فالخلافات بين الحركتين تصغر أمام قدسية الأزمة التي صار يشاطرهما فيها كل محبّ لفلسطين.

ثالثاً: ستواجه «إسرائيل» خطورة أن تعتزم المجموعات المقاومة مثل حزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي وغيرها، دعم وتشجيع اندلاع انتفاضة كبرى في الأراضي المحتلة وتدعيمها بكل ما تحتاجه من سلاح ومال وظروف وساحات شعبية. رابعاً: ضبط سلوك حركة حماس لن يعود ممكناً، خصوصاً أن تركيا أعلنت موقفها بشكل صريح من قضية نقل السفارة، وليست قادرة على التوسّط بعد الآن للضغط على الحمساويين غير القادرين بدورهم على المسايرة هذه المرة أمام الرأي العام المحيط بهم، عدا عن أن هذا الأمر، هو «مبدأ» بالنسبة للحركة ومن صلب خياراتها المتجذّرة، ولا أحد يناقش التساهل في مضامينه.

خامساً: التعاطف الدولي مع فلسطين سيزداد، ولو حصلت «إسرائيل» على تأييد يتيم من بعض الدول التي ترغب بحذو حذو واشنطن، إلا أنها غير وازنة ولا قادرة على إحداث فارق في المدى المنظور، خصوصاً أن فرنسا وألمانيا وإيطاليا ترفض ذلك رفضاً كاملاً وغير مستعدة للإضرار بالعلاقة بينها وبين بعض الدول الشرق أوسطية كتركيا وإيران و.. غيرها من الدول الاسلامية الكبرى، حيث تبادل المصالح الكبير كماليزيا وأندونيسيا، لأن المسألة لا تتعلق بعروبة القدس، بل بقدسية الملف عند المسلمين ككل.

سادساً: – كل هذا في السياسة اما الأمن: فإن تعزيز قدرات الفصائل الأمنية والاستخبارية ستكون مضاعفة وتقديم القوى والأطراف الخارجية والمنظمات التي تقاتل «إسرائيل» والمدعومة من دول كسورية وإيران ستزيد من عرض مساعداتها لفصائل القتال الفلسطينية، وأبرزهم حزب الله، كما أن درجة الحذر المرتفعة نتيجة اي تدهور للأوضاع ستجعل الحدود اللبنانية الجنوبية اكثر جهوزية لتنفيذ وعود كان قد وعد بها حزب الله كدخول «الجليل» في حال طلبت المقاومة الفلسطينية أي سند أو دعم لدى وقوع أي حرب مقبلة.

سابعاً: أما داخل الأراضي المحتلة فإن أحداً لن يجرؤ من المسؤولين «الإسرائيليين» على العيش والتجول بأمان، فكل مسؤول من الآن وصاعداً هو هدف لمقاومين فلسطينيين مستعدين لتنفيذ عمليات بالسلاح الأبيض والثقيل من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الإصابات والقلق وبث الرعب في نفوس المستوطنين كنوع من الضغط على الحكومة «الإسرائيلية»، ربما لا تعرف «إسرائيل» ما اقترفت، وربما تكون زهوة النصر الذي تبتغيه منذ 70 عاماً بإعلان «معنوي» أكثر مما هو جدي حائلاً دون أن ترى أكثر، الا انها ستكون على موعد مع الصدمات قريباً.

القول إن المسألة معنوية أكثر مما جدية يعود الى محطة أساسية، وهي ان دول العالم ليست مستعدة للتعاطي مع القدس كعاصمة رسمية لـ«إسرائيل» ولا الى نقل سفاراتها وتعريضها للخطر ولا لشيء من هذا القبيل ولا من يحزنون. وبالتالي فإن الفكرة لن تبقى سوى فكرة. واذا كان هناك من سيستغل هذه الفكرة فإنه سيكون كل منتمٍ الى فصائل القتال المسلح من فلسطين الى لبنان وغيرهما. وبالتالي فإن «إسرائيل» المزهوة بهذا الاعلان استحضرت اليوم أكثر ما يمكنه ان يشكل أرقاً بالنسبة إليها. وهي تدرك ذلك بطبيعة الحال، وما التأجيل السابق أي منذ شهور لإعلان هذا القرار الأميركي الا بناء على رغبة مسؤولين «إسرائيليين» نصحوا نتنياهو بالطلب الى ترامب بالتروي وبالتالي فإن هذا لا يغيب عن الأمنيين «الإسرائيليين» الذين قدّموا الذريعة الكافية لحركة حماس ولحركة فتح وللجهاد الإسلامي للتوحّد ضمنياً وعلنياً ضدها ناسفين كل التحالفات وأبعادها التي حكمت العلاقة بينهم لأكثر من سبع سنوات بعد التموضعات الأخيرة.

أي مكسب ممكن الحديث عنه بعيداً عن أي كيدية أو حسابات وشعارات بطولية احترفها العرب من خطوة كهذه، وصفت حتى الساعة بأحسن أحوالها بالمتهورة. واذا كان ولا بد لـ«إسرائيل» بمراقبة خطابَيْ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي استبشر خيراً بالقرار وإسماعيل هنية الذي أعلن الانتفاضة فإنه سيكون على «إسرائيل» قريباً الاعتراف بفعل الندامة على الاستماع لنصائح عربية وشرق أوسطية من نوع أنها قادرة على ضمان أن أي انتفاضة للفلسطينيين ستكون تحت السيطرة، كما كل مرة، وعلى سوء تقدير يلاحقها منذ أن اعلنت قدرتها على قلب هوية الشارع العربي وتحويله دويلات طائفية متقاتلة بناء على نصائح مشابهة.