رأس البغل… !!.. بقلم: نبيه البرجي

رأس البغل… !!.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ ديسمبر ٢٠١٧

من يخدع الأمير محمد بن سلمان؟ السؤال يشغل الكثير من المواقع الحساسة في الخليج، وحيث الخشية أن تكون المملكة على أبواب زلزال كبير لا بد أن تكون له تداعياته الدراماتيكية على سائر بلدان مجلس التعاون.
الذين، وبغباء منقطع النظير، زيّنوا له بأنه ما ان يقع الرئيس سعد الحريري أرضاً حتى يلحق به الرئيس ميشال عون. أما الضاحية فتتحول الى مطحنة، أو الى زنزانة، لـ«حزب الله».
هل يفهم هؤلاء ما هو لبنان، بمن فيهم تلك الظواهر الدونكيشوتية التي فرشت السجادة الحمراء أمام بهاء الحريري حتى قبل أن يظهر طيفه، على أنه رجل صاحب السمو الذي يقلب الدنيا رأساً على عقب.
مأزق الرئيس الحريري في هذه الأيام ماثل أمام الجميع، وان كانت الدول الكبرى وضعت حوله دائرة حمراء، وبالخط العريض. ولكن أين بات السيناريو الذي كان يفترض أن ينفذ خلال أسابيع لتكون ليلة رأس السنة ليلة الشامبانيا لثامر السبهان، وحتى لأصحاب اللحى الذين يبيعون لحاهم في المزاد العلني؟
على التوالي، تسقط بيروت وتسقط صنعاء، لتتهاوى العواصم المتبقية الواحدة تلو الأخرى. الخطة التي وضعت للعاصمة اليمنية استغرقت أشهراً. أقمار صناعية اسرائيلية زودت المستشارين الذين يعملون على الأرض، وهم ينتمون الى جنسيات مختلفة، بصور في منتهى الدقة ليكون السيناريو متكاملاً، على أن تنفذ قوات التحالف عمليات انزال كثيفة للاطباق على المدينة من كل النواحي. ثمة مستشار لصاحب السمو أبلغ اعلاميين بأن القمة الخليجية في الكويت ستشهد حدثاً يذهل الاقليم والعالم.
السيناريو لحظ سيطرة صاعقةعلى صنعاء التي تصبح في عهدة علي محسن الأحمر، في حين يطير علي عبدالله صالح الى الكويت ليكون ضيف الشرف على القمة، حتى اذا ما عاد الملك سلمان بن عبد العزيز الى بلاده أعلن تنازله عن العرش لولي العهد.
الأن يلقي التحالف باللائمة على الرئيس القتيل، بعدما كان «يتمتع» بلقب «الرئيس المخلوع»، لأنه كان نقطة الضعف الرئيسية في السيناريو. ادار العملية بـ«رأس بغل». هكذا بالحرف الواحد قال عضو في الوفد السعودي الى القمة.
قد يكون التوصيف دقيقاً. حين زار علي عبدالله صالح بيروت، كنت بين المدعوين الى حفل عشاء أقامه الرئيس رفيق الحريري على شرفه. وفي حين كان رئيس الحكومة الراحل يوزع الابتسامات على الحضور، بدا الضيف اليمني على شاكلة تمثال حجري، رافعاً رأسه على طريقة معمر القذافي.
مستشاره الاعلامي كان عبده برجي من تعز، وكنا نتواصل على أنه قريب لي. قلت له «اهمس في أذنه بأنه في لبنان وليس في كوريا الشمالية. على الأقل يبتسم للوزراء…». «فاجأني المستشار، وقد بدا الارتباك على كل انحاء جسمه، «هل تريد أن يفرغ مسدسه في رأسي؟».
الخطة التي وضعت في ظل خلافات بين أركان التحالف حول من يضع يده على مناطق الجنوب أظهرت أن «عاصفة الحزم» ارتطمت بالحائط. الخيار العسكري أثبت فشله بالرغم من آلاف الغارات، وآلاف الأطنان من القنابل. كان لا بد من طريقة أخرى للدخول الى صنعاء. علي عبد الله صالح هو المؤهل ليكون حصان طروادة.
الاعتقاد كان أن الحوثيين مجرد حالة طائفية أو قبلية تفتقد الرؤية والتخطيط، كما تفتقد المشروع السياسي، قبل أن تظهر أحداث الساعات الأربعين، انهم أداروا عملية احتواء الانقلاب بدقة مثيرة، وأن لديهم ادمغة استثنائية احبطت الخطة التي وضعت كل الامكانات لتنفيذها بفصولها كافة.
الذي فوجئ بكل هذا هو عبد ربه منصور هادي. اليمنيون يتندرون حوله بالقول، وفي ضوء أحداث عدن، انه استهلك الى الحد الذي لم يعد يظهر سوى حذائه في الصورة.
أخيراً، مات علي عبدالله صالح، وعاد سعد الحريري الى بيروت بعدما كانت خطة السبهان، بالتواطؤ مع جهات لبنانية، تلحظ اختراع أي تهمة لابقائه في الاقامة الجبرية في الرياض.
لا أحد يعتقد أن الأزمة اليمنية ستقفل أبوابها. لكن الذي حدث في بيروت، وفي صنعاء، قد يقنع الأمير محمد بن سلمان بعبثية رهاناته على تغيير قواعد اللعبة عسكرياً أو استخباراتيا في المنطقة. بدل الأيدي الخشبية القفازات الحريرية.
لن نغفل ما قاله أحدهم «لو نجح السيناريو في لبنان، ولم يتم استيعابه، أية رؤوس كان يمكن أن تشبه رأس علي عبد الله صالح؟».