70% من الإسرائيليين يسعون للحصول على جنسية ثانية للهجرة

70% من الإسرائيليين يسعون للحصول على جنسية ثانية للهجرة

الصحف العبرية

الأربعاء، ٨ يونيو ٢٠١١

ربما يستطيع المؤرخون أو علماء الأجناس الذين يبحثون في مجرى الأحداث البشرية، ان يحددوا لنا ارضا غير فلسطين، حيث نسبة كبيرة من السكان الاستعماريين الذين وصلوا اليها حديثاً يستعدون لممارسة حقهم في المغادرة، في حين ان كثيرين من السكان الاصليين الضاربة جذورهم في هذه الارض آلاف السنين يظلون ضحايا التطهير العرقي، يكافحون من اجل ممارسة حقهم في العودة.
ومن المفارقات العديدة الملازمة للمشروع الصهيوني الاستعماري في القرن الـ19 في فلسطين، هي الحقيقة التي مفادها ان هذا المشروع كان بمثابة الملاذ الآمن في الشرق الاوسط لعودة اليهود المضطهدين خلال فترة القرن الـ ،20 ولكن الآن وفي القرن الـ،21 اصبحت اوروبا هي التي ينظر اليها بصورة متزايدة من قبل محتلي الارض الفلسطينية، باعتبارها هي الارض المرغوبة اكثر بالنسبة لليهود، وقال الصحافي اليهودي جدعون ليفي «اذا كان اجدادنا قد حلموا بالحصول على جواز سفر للهروب من اوروبا، هناك الكثير منا الذين يحلمون الآن بالحصول على جواز سفر ثانٍ للهروب الى اوروبا».
وتظهر دراسات عدة، منها واحدة قام بها مجلس العلاقات الاميركية الاسرائيلية «ايباك»، وأخرى من قبل الصندوق القومي اليهودي في ألمانيا، أن نحو نصف اليهود الذين يعيشون في اسرائيل سيفكرون في مغادرة فلسطين خلال الاعوام القليلة المقبلة، اذا استمرت الازمات السياسية والاجتماعية الحالية.
وكشفت دراسة قام بها مركز «تراث مناحم بيغن» أن 59٪ من الاسرائيليين تعاملوا، او ينوون الذهاب الى سفارات اجنبية بهدف تقديم طلبات للحصول على جنسية وجواز سفر، وفي ايامنا هذه، فإن النسبة تصل الى 70٪.
وتتصاعد ارقام الاسرائيليين الذين يفكرون في مغادرة فلسطين بسرعة حسب ما ذكر الباحثون في جامعة بار ايلان، التي اجرت دراسة تم نشرها حديثاً على موقع «اريتس اشيريت» (مكان مختلف) التابع لمنظمة اسرائيلية غير ربحية تحمل ذات الاسم، تروج للحوار الثقافي. وكشفت دراسة بار ايلان عن ان 100 الف اسرائيلي يحملون الآن جوازات سفر ألمانية، ويتزايد هذا الرقم بمعدل اكثر من 7000 سنويا. وطبقا للمسؤولين الالمان، فإن اكثر من 70 الف جواز سفر تم منحهم لاسرائيليين منذ عام .2000 وإضافة الى المانيا هناك اكثر من مليون اسرائيلي يحملون جواز سفر اجنبياً وهم مستعدون للمغادرة في حالة تدهور الحياة داخل اسرائيل.
وتعتبر الدولة الأفضل بالنسبة للاسرائيليين الذين يفكرون في الهجرة، اضافة الى انها الاكثر ترحيباً بهم، هي الولايات المتحدة. ويحمل الآن اكثر من نصف مليون اسرائيلي جوزات سفر اميركية، كما ان هناك ربع مليون آخرين قدموا طلبات لذلك. وخلال زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاخيرة الى واشنطن تلقى تطمينات من «ايباك» حول متى وما ضرورة اصدار جوازات سفر بالنسبة لجميع اليهود المتقدمين بطلبات لذلك، ولم يقدم الاسرائيليون العرب مثل هذه الطلبات.
وبمعزل عن اليهود الاسرائيليين الذين يفكرون في الحصول على «جواز سفر ضمان» بالنسبة لارض شتات معينة، ثمة عدد آخر من اليهود في جميع انحاء العالم لا يفكرون في الهجرة الى اسرائيل. وحسب ما يقوله جوناثان ينهولد، وهو استاذ في جامعة بار ايلان، ومتخصص بالعلاقات الاميركية الاسرائيلية، فإن اليهود يمكن ان يكونوا اكثر امناً في طهران من وجودهم في عسقلان هذه الايام، الا اذا بدأت اسرائيل او الولايات المتحدة بقصف ايران.
وساعدت المقابلات التي اجريت مع بعض الأشخاص الذين ساعدوا على تنفيذ هذه الدراسة، على تحديد عوامل عدة توضح الاندفاع الاسرائيلي نحو الحصول على جوازات سفر اجنبية. وكان القاسم المشترك بين الجميع هو القلق وانعدام الاحساس بالراحة، سواء على الصعيدين الشخصي أو الوطني، حيث يعتبر جواز السفر الثاني نوعاً من سياسة ضمان، وهناك عوامل اخرى.
في الحقيقة إنه على الرغم من مرور جيلين أو ثلاثة أجيال في اسرائيل الا انهم لم يتمكنوا من زرع جذورهم في هذه الارض، ولهذا يوجد في اسرائيل نسبة كبيرة من الذين يعاودون الهجرة الى البلاد التي جاؤوا منها. وهناك تخوف من قيام نحو 600 الف مستوطن من المتشددين اشعال حرب اهلية، ويحولون اسرائيل الى دولة فاشستية متطرفة.
ثمة ضغوط ضمن المجتمع الاسرائيلي، خصوصاً بين المهاجرين الروس الذين يرفضون الصهيونية، ومنذ انهيار جدار برلين عام 1989 هاجر نحو مليون يهودي روسي الى اسرائيل من الاتحاد السوفييتي السابق، بحيث انهم عملوا على زيادة تعداد السكان بنسبة 25٪، ولكنهم يشكلون الآن اكبر مجموعة تهاجر من اسرائيل، وهم يعودون الى بلادهم لأسباب تراوح ما بين معارضتهم للصهيونية، والتمييز بين افراد اليهود في اسرائيل، وعدم تحقيق الوعود التي قطعت لهم في ما يتعلق بالتوظيف والحياة الرغيدة في اسرائيل.
ونحو 200 ألف من اليهود الذين جاؤوا الى اسرائيل منذ عام 1990 عادوا الى ديارهم. ويقول الحاخام بيريل لارزار، الذي كان كبير حاخامات اليهود الروس منذ عام 2000 «من غير العادي ان اعداداً كبيرة منهم عادت الى بلادها. والآن فإنهم يدركون انهم يستطيعون العيش في روسيا كجزء من المجتمع الروسي، وهم ليسوا بحاجة الى اسرائيل».
وليس هناك أي ثقة أو احترام لقادة اسرائيل، حيث يعتبر معظمهم فاسدين، وهناك شعور بالقلق والذنب بأن الصهيونية اختطفت اليهودية وأن قيم اليهودية التقليدية أصبحت فاسدة.