في دورة المتوسط سقط القناع.. بعد لعنة الإصابات «معزوفة» التحكيم شماعة الفشل … الرياضة تحتاج إلى البناء من الجذور بالعلم والمال

في دورة المتوسط سقط القناع.. بعد لعنة الإصابات «معزوفة» التحكيم شماعة الفشل … الرياضة تحتاج إلى البناء من الجذور بالعلم والمال

الأخبار الرياضيــة

الخميس، ٣٠ يونيو ٢٠٢٢

أغلب لاعبينا المشاركين بدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط غادروا البطولة من دون أي إنجاز يذكر، لم يترك لاعبونا للأسف أي بصمة أو ذكرى حسنة، كانوا يتساقطون في المنافسات أمام خصومهم بوضع يدل على أن الرياضة عندنا بواد، والرياضة عند الآخرين بواد آخر.
وأكثر شيء تابعناه في هذه البطولة كان الصور التذكارية التي ملأت مواقع «الفيس» وقد التقطها الإعلاميون المرافقون والإداريون، كأن الغاية من هذه المشاركة سياحية، لدرجة أن الوفد الإعلامي لم يبث أي رسالة ولم يرسل أي صورة عن مشاركة لاعبينا وأحوالهم وأوضاعهم وأسباب هذه الخسائر.
وما تابعناه كان بجهد خاص، وأكثر شيء سمعناه أن الإصابات هي سبب كل هذه الخسائر، وللأسف هو عذر يدين رياضتنا ولا يشفع لها، فالخسارة أمر وارد في عالم الرياضة، أما أن تكون الخسارة مترافقة مع الإصابة فهذا يدل على سوء الإعداد وعدم الجاهزية الفنية والبدنية للاعبينا.
وعندما رافقت البعثة مجموعة كبيرة من أعضاء المكتب التنفيذي واللجنة الأولمبية السورية ظننا أن هؤلاء (سيشيلون الزير من البير) ولكن الأمر لم يكن كذلك، حتى إن المراقبين استغربوا سفر عضوة مكتب تنفيذي وبعثتنا لا تضم أي لاعبة، ولم نشارك بأي رياضية أنثوية، فما الداعي لسفرها؟ ولو انتظرت أي بعثة أنثوية وسافرت معها لكان خيراً لها ولرياضتنا.
ولم يكن أمام سوء الحال والنتائج إلا اللجوء إلى (معزوفة) التحكيم لتكون الشماعة التي أرادوا تعليق فشل مشاركة المصارعة والملاكمة عليها فلعل ذلك يحفظ ماء الوجه.
للأسف الشديد نقولها بحرقة، عادت المصارعة والملاكمة بخسائر أليمة محملتين بإصابات بدنية وعضلية متفاوتة الشدّة, ومقارنةً بالدورة الماضية التي حصلت فيها ملاكمتنا على ثلاث ميداليات (ذهب وفضة وبرونز) والمصارعة التي حصلت على برونزية نلاحظ مدى التراجع في هاتين اللعبتين التي كانتا وهج الرياضة في المتوسط. وها هم نخبة الجمباز يحتلون المراكز الأخيرة كدليل على البعد الفني الكبير بين جمبازنا والجمباز المتوسطي وكأنه بعيد بعد السماء عن الأرض، ووحده لاعبنا غيث نجار (المقيم في أمريكا) وصل إلى النهائي بجهاز الحلق وجاء في المركز الخامس.
دمعة حزن
نكتب بهذه القسوة ليس من باب النقد أو الاتهام أو اللوم والعتب، إنما نكتب من باب تحفيز الهمم للعودة إلى جادة الصواب، ومن يجهل تاريخنا الرياضي فعليه أن يعرف أن رياضتنا كانت أسياد العرب (على الأقل) في ألعاب القوة، وكنا دائماً نتصدر البطولات ولنا جولات وصولات في كل المشاركات مهما كان حجمها ووزنها ومستواها.
القضية قد لا تكون مرتبطة بأشخاص بقدر ارتباطها بصراعات ومنافسات على المراكز والمناصب، القضية هي فكر احترافي يجب أن يقود رياضتنا نحو شواطئ البطولات، القصة تبدأ من تحديد الهدف، فماذا نريد من رياضتنا؟
هل نريدها رياضة هاوية أم رياضة بطولات وإنجازات؟
إذا كنا نريد من رياضتنا الألقاب والتتويج فعلينا أن نبحث عن الرياضة الاحترافية بكل معانيها، وأن نقدّم لها كل ما يلزم وصولاً إلى الهدف المنشود.
قد تكون ردة الفعل الأولى بحل الاتحادات الرياضية التي لم تحقق النجاح في هذه المشاركة المتوسطية، وقد لا يكون الحل بالحل، إن لم يكن البديل أفضل، وإن لم تكن الحلول ناجعة، والخطوات التي يجب سلوكها تستند إلى خطط علمية مترافقة مع إستراتيجية طويلة الأمد وعدم إقحام مقولة (الإمكانيات المتاحة) في هذه الخطط.
الاستثمارات الرياضية والأموال الوفيرة يجب ألا تكون لمصلحة كرتي القدم والسلة، هذه النعمة لم تعد تؤتي ثمارها، وقصة اللعبة الشعبية الجماهيرية يجب أن نستثمرها بطريقة أخرى، وبصراحة نحن لا نعرف كيف ندير الموارد المالية، بل نعمل على هدردها وضياعها من دون أدنى فائدة، وهذا الكلام يشمل كل المؤسسات الرياضية بلا استثناء.
الأرقام تتحدث عن أن المنتخب الوطني لكرة القدم الذي لم يجلب لكرتنا إلا الفشل والسمعة السيئة كلّف في مشاركاته الخارجية (كذا) مليون دولار، وهذه الأرقام ثابتة ويتداولها الجميع في المؤتمرات الصحفية التي عقدها اتحاد كرة القدم أكثر من مرة.
أما الأندية فإن مصروفها السنوي على كرة القدم يتراوح بين المليارين ونصف المليار ليرة سورية حسب النادي وإمكانياته واستثماراته ومستوى داعميه، ومع كل هذه النفقات لا نجد أي جدوى منها أو أي تقدم ملموس على صعيد كرة القدم سواء على مستوى الأندية أم المنتخبات أو على الصعيد الفردي، فلم نجد في السنوات العشر الأخيرة أن كرتنا قدمت لنا لاعباً مرموقاً يشار إليه بالبنان باستثناء لاعبين وربما ثلاثة.
الاستثمار المفيد
أكثر من مرة حضرنا مؤتمرات وندوات تبحث في كيفية تطوير الرياضة وصناعة البطل، ودوئماً كانت تنتج عنها لجان عقدت الكثير من الاجتماعات من دون أن تخلص هذه اللجان إلى واقع ملموس على الأرض.
الخطوات العملية تبدأ من وضع الخطط وتوفير المستلزمات والتجهيزات والنفقات المالية المطلوبة.
في مؤتمرات الأندية التي جرت نهاية الموسم الماضي كانت الطلبات تتلخص بقفازات الملاكمة وبساط للمصارعة ومثل هذه الأمور، لذلك نتساءل: كيف يمكننا الفوز بميدالية بالملاكمة وملاكمونا يطالبون بالقفازات؟
التناقض الرياضي
الأبطال الذين نعول عليهم في المشاركات الدولية خرجوا من رحم الأندية الريفية وربما آخرهم كان معن أسعد الذي صنع بطولته في غرفة مظلمة بقرية سلحب من ريف حماة، وأمام كل هذه الإنجازات التي يحققها أسعد فإن راتبه (الاستثنائي) لا يعادل راتب لاعب كرة قدم أو كرة سلة من المستوى الوسط الذي لم يحقق أي شيء للكرة السورية وسلتها.
وهنا نشير إلى أنديتنا الكبيرة التي تملك كل شيء من منشآت واستثمارات وإمكانيات ماذا قدمت للرياضة.
البطولات المحلية لا تعنينا بشيء، نحن نسأل عن الإنجازات الخارجية في البطولات الرسمية وليس في البطولات الخلبية أو الشاطئية السياحية.
ونحن لن نشير إلى ناد معين أو غيره بالاسم، لكن نقول: إن مسؤولية التراجع الرياضي تتحملها كل الأندية المعنية بالبناء الرياضي، وللأسف نجد أن كل أنديتنا تلهث وراء كرتي القدم والسلة وبقية الألعاب مهملة.
من المفترض أن يعاد بناء الرياضة من الجذور، عبر تحديث القوانين والأنظمة، وعبر العودة إلى الأندية التخصصية، وعبر توزيع الموارد المالية بعدالة على كل الأندية والألعاب، فليس من الضروري أن يكون ناد بحجم الوحدة وأهلي حلب يملك أفضل المنشآت وأكبر الاستثمارات أن يهمل الألعاب الرياضية في سبيل كرتي القدم والسلة.
ولا داعي لوجود أندية تملك منشآت واستثمارات ضخمة كقاسيون والنضال وبردى وغيرها ولا يقدم للرياضة بطلاً أولمبياً.
الرياضة ليست حماساً وخطابات.. الرياضة علم وعمل وإمكانيات، فهل سلكنا الطريق الصحيح نحو بناء رياضة احترافية تعيدنا إلى منصات التتويج العالمية.