حفل تأبين وتكريم للشاعر الراحل فايز خضور … يانا خضور: تمسّك والدي بمبادئه الوطنية والقومية وترك إرثاً ثقافياً مهماً

حفل تأبين وتكريم للشاعر الراحل فايز خضور … يانا خضور: تمسّك والدي بمبادئه الوطنية والقومية وترك إرثاً ثقافياً مهماً

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ٦ يوليو ٢٠٢١

سوسن صيداوي - ت: طارق السعدوني
الرسالة يجب أن تبقى مستمرة، ويجب أن يكون هناك دائماً أشخاص يتبنونها بحكم عملهم، أو حبهم، وجميعاً من منطلق إيمانهم الكبير، بأهمية الثقافة العميقة، البعيدة عن الثقافة السطحية التي طغت مؤخراً على المشهد الثقافي السوري. وهذا الحديث بمناسبة إقامة اتحاد الكتاب العرب حفل تأبين وندوة نقدية عن الشاعر الكبير فايز خضور، في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
 
وكان قد بدأ برنامج الحفل بالنشيد العربي السوري، ليتبعه عرض فيلم قصير عن الشاعر الراحل فايز خضور، ومن ثم كلمة لرئيس اتحاد الكتاب العرب ألقاها د. محمد الحوراني، وبعدها جاءت كلمة الحزب السوري القومي وقدمها د. صفوان سلمان، وبعدها كلمة الأصدقاء التي ألقاها أ. الشاعر حسين عبد الكريم، وأخيراً كلمة آل الفقيد وكانت قدمتها ابنة الراحل يانا فايز خضور.
 
ليبدأ من بعدها برنامج الندوة النقدية خلال جلستين، الأولى قام بإدارتها المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب د. ثائر زين الدين، وليشارك في المحور: الصورة الإبداعية عند فايز خضور، من لبنان البلد الشقيق، د. وجيه فانوس.
 
وفي محور التجريب وتراسل الأجناس لدى فايز خضور، قدمه د. سعد الدين كليب.
 
وقام بإدارة الجلسة الثانية، د. وجيه فانوس، ليتحدث في محور فايز خضور وقصيدة التجربة، د. نزار بريك هنيدي، على حين شارك د. جمال أبو سمرة في بحثه بالمحور بناء القصيدة عند فايز خضور، وأخيراً تحدثت د. بتول دراو في محور حوار في حوارات الشعر والشاعر. إضافة إلى شهادات من الشعراء شوقي بغدادي ونزيه أبو عفش قُدمت في سيرة الراحل.
 
احترام الآباء أو المؤسسين
 
في تصريح خاص بـ«الوطـن» شدد رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني على النهج المستمر في اتباعه اتحاد الكتاب العرب، باحترام ثقافة الآباء والأجداد قائلاً: «من لا يمكنه أن يحترم حاضره ولا ماضيه ولا مستقبله، لا يمكنه أن يحترم ثقافة الآباء والأجداد، ومن هنا عندما نقيم حفلات تأبين أو ندوات عن شخصيات مرموقة مثل شخصية فايز خضور، المنحاز للوطن وللإنسان وللتجديد. وباستمرارنا بهذا النهج فنحن نؤسس لثقافة جديدة يجب أن تبقى إرثاً لأبنائنا والأجيال الجديدة وهي ثقافة معمقة بعيدة عن الثقافة السطحية، والتي غزت المشهد الثقافي عموماً، ونحن عندما نقوم بتكريم فايز خضور إنما نقوم بتكريم أنفسنا وثقافتنا. مضيفاً في كلمته التي ألقاها: «أي فراغ سيتركه رحيلك وأنت الذي لم تأت إلى الحياة بإرادتك، ولم تختر والديك، أو اسمك وشكلك، ولكنك اخترت الأهم من هذا وذاك، اخترت قصائد باهرة، ولغة عالية جمعت بوح الأنبياء وتأمل الفلاسفة ورؤية الفنانين وشغف المحبين. لقد حرصت يا راحلنا الكبير أن تتظهر بالكلمات على مدار ستة عقود أو يزيد فأسفر وضوءك عن أيقونات في الثقافة السورية والشعر السوري سيخلّدها التاريخ وتخطها الأجيال».
 
لا تكن إلا حقيقياً
 
من جانبها ألقت ابنة الراحل يانا فايز خضور، كلمة آل الفقيد بحزن شديد، مشيرة إلى أن عزاءها في مصابها هو تمسّك الشاعر فايز خضور بمبادئه الوطنية والقومية، متابعة «عزائي اليوم في هذا المصاب الجلل بما تركه الوالد الراحل من إرث ثقافي مهم، وما أسسه في تاريخ الحداثة الشعرية، وثروته الكبيرة في مكتبة تضم آلاف الكتب النادرة. عزائي بحياته الحافلة بالتحديات والنضال والثبات على مبادئه الوطنية القومية حتى آخر يوم في حياته، مؤكداً أن الحياة كلّها وقفة عز فقط. أذكر أنه قال لي يوماً: (لم أترك شيئاً في نفسي إلا وكتبته). عرفناه أباً صارماً بحجم حياته الصاخبة، علّمنا أن الحقيقة والصدق هما أساس الشخصية القويمة (لا تكن إلا حقيقياً) كانت تلك كلماته الدائمة لنا».
 
الصورة الإبداعية في شعر فايز خضور
 
تحت هذا العنوان تحدث د. وجيه فانوس، في مقارنة بين أبي تمام وسعيد عقل، مشيراً إلى أن الصورة الإبداعية في الشعر، تأتي لتكون ثقافية بشكل بحت، وهذا ما برع فيه نخبة من كوكبة من مبدعي الصورة في الشعر العربي، منهم أبو تمام وسعيد عقل وفايز خضور، والأخير الصورة عنده تدخل في رحاب المشهد الثقافي للإبداع في الصورة الشعرية ببهاء جديد وألق مختلف، شارحاً د. وجيه فانوس بأن هذه الصورة هي بعيدة عن الواقع، بل تقتحم الذات في عتمة دهاليز الوجع، فالشاعر خضور قادر على رسم صورته بعبقرية وعبر بناء عضوي ترتبط فيه الذات بالعمق الإنساني، معانقة الوعي السياسي بألق الرؤية القومية، خاتماً د. وجيه بالقول: «يأخذنا الراحل على ضفاف جمالية، تصوغ برفرفة إبداع تندر له أن عُرف له سابق. إنها مع فايز خضور، دراميّة الإبداعيّة، ودراميّة الغرائبيّة، تتوسد راضية ذراع العبقرية معطاء، وتنام في استقبالنا الأدبيّ لها، عروس جمال من صميم وجدان يعاني الحياة فرحاً وحزناً ووجعاً وراحة، ولكن في دنيا من الشعر الجميل».
 
التجريب وتراسل الأجناس
 
وأخيراً وتحت هذا العنوان تحدث د. سعد الدين كليب شارحاً الآداب والفنون عبر تاريخها، كيف أنها لم تشهد محاولات التطويع للمادة والشكل والأسلوب، وبأن محاولات التجريب فيها كانت واضحة فيما شهدته مع الحداثة الأخيرة التي فتحت الباب على مصراعيه لتلك المحاولات التي تتأسس على مفهوم الحرية بوصفه قانون الحداثة الأول، وبالتالي بات التجريب لا التطويع فحسب، هو المهيمن على الآداب والفنون، للخروج على الأشكال الفنية المتوارثة، بل للخروج أيضاً على الأشكال المستجدة المعمّمة. مضيفاً د. سعد الدين كليب: «لعل تجربة فايز خضور تكون من التجارب المهمة في هذا الشأن، حيث التجريب الفني في أقصاه وعلى مختلف الصعد لغوياً وإيقاعياً وتصويرياً، من جهة، وحيث التراسل الجمالي من جهة أخرى، وهذا واضح في مجموعته الشعرية الأولى». خاتماً بالحديث: «لا شك في أن تجربة فايز خضور واحدة من أهم التجارب الشعرية السورية والعربية في شعر الحداثة عامة، وذلك بما انطوت عليه من تشكيلات لغوية وإيقاعية وتصويرية، ومن أشكال فنية غنية ومتنوعة، ومن قيم جمالية وثقافية وفكرية عصرية، وهو ما أثرى حركة الشعر الحديث عامة، وإن ما اجترحه فايز خضور في تجربته هو ما أثرى حركة الشعر الحديث عامة، وإن ما اجترحه خضور في تجريبه الفني من تشكيلات وأشكال وأساليب بات في عهدة الشعر والشعراء والنقد والنقاد أيضاً».