إلى المعلم العربي في عيده انحناءة حب وتقدير

إلى المعلم العربي في عيده انحناءة حب وتقدير

شاعرات وشعراء

الخميس، ١٥ مارس ٢٠١٨

محمد الحريري

من صدور الأنبياء انحدر المعلم
هامساً أقوالهم
حاملاً أنفاسهم
خضّب الحرف الذي قالوه بالألم
لم.. يخن مثلهم الأسماع مره
فمه في كل أذن
يغرس الألفاظ شجره
ثم يبقى دون ظلْ
يمنح الأزهار للغيرْ
ويبدو عارياً من كل زهره
***
تقف الشمس على هامته
تشعل السيجار من زفرته
ثم تحبو للغياب
وهي تشهق
أنت مثلي يا مُعلم
لستَ تزهقْ
أنت باقٍ لا شروقا لا غروبا
فبكَ الجيلُ معلقْ
تحرق الأيامَ لكن لستَ تحرقْ
***
هذه مائدة العلم على الأزمان منصوبه
وعليها ألف كأس من شراب المعرفه
وحواليها يُرى سقراط رب المعرفه
رفع الزند وأقسم
إن كأس المعرفه
إن أردناه على الدهر سليماً لا يحطمْ
فلتصنه أبداً كف المعلمْ

أحمد شوقي

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ
علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته
وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا
وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً
صدئ الحديدِ ، وتارةً مصقولا
أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشداً
وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا
وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّداً
فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا
علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا
عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا
واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ
في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا
يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه
بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا
ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم
واستعذبوا فيها العذاب وبيلا
في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً
بالفردِ ، مخزوماً بـه ، مغلولا
صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ
من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا
سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ
شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا
عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة
فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا
إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ
ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا
إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً
لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا
الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ
كيفَ الحياةُ على يدي عزريلا
واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ
دارتْ على فطنِ الشبابِ شمـولا
وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم
تغزو القنـوط وتغـرسُ التأميلا
عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ
كالعيـنِ فَيْضَـاً والغمامِ مسيلا
تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي
من أن تُكافـأَ بالثنـاءِ جميـلا
ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه
عند الشدائـدِ يُغنيـانِ فتيـلا
ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى
تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا
فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً
وهوَ الذي يبني النفوسَ عُـدولا
ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ
ويريه رأياً في الأمـورِ أصيـلا
وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى
روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا
وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ
جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُـولا
وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى
ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا
وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ
فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا
إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم
من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا
وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ
رضـعَ الرجالُ جهالةً وخمولا
ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من
هـمِّ الحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا
فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما
وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا
إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ
أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا
نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ
ألاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا
قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم
دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا
حَيّـوا من الشهداءِ كلَّ مُغَيّـبٍ
وضعوا على أحجـاره إكليـلا
ليكونَ حـظَّ الحيّ من شكرانكم
جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا
لا يلمس الدستورُ فيكم روحَـه
حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا
ناشدتكم تلك الدمـاءَ زكيّـةً
لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا
فليسألنَّ عن الأرائـكِ سائـلٌ
أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا
إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَ ناقصـاً
لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا
فادعوا لها أهلَ الأمانـةِ واجعلوا
لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا
إنَّ المُقصِّرَ قد يحول ولن تـرى
لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا
فلرُبَّ قولٍ في الرجالِ سمعتُـمُ
ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا
ولكَمْ نصرتم بالكرامـة والـهوى
من كان عندكمُ هو المخـذولا
كَـرَمٌ وصَفْحٌ في الشبـابِ وطالمـا
كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا