الشعر عند النساء

الشعر عند النساء

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١٢ فبراير ٢٠١٨

د.عفاف يحيى الشب 
هل تساوت المرأة مع الرجل في حلبات الشعر.. هل تسابقا تنافسا وتناحرا وتفوق فريق على آخر في ملاعب الإبداع والخيال..؟
عرفت المرأة العربية الشعر منذ القدم وحتى اليوم وتملكت مساكنه الباسقات، فكانت الخنساء وفدوى طوقان ونازك الملائكة وغيرهن ممن تناولن موضوعات الشعر الشاملة ومحفزاته الوطنية والتفاخرية وغير ذلك من قطافات بهية لمحاصيل شهية من مواسم الشعر العربي المرمرية.
ليبقى السؤال: وهل استطاعت الشاعرة العربية الاقتراب من الحدود الشائكة للشعر العاطفي الغزلي وسط مجتمعات لها منظورها وقيمها الخاصة وفاضت ببوح مشاعرها إلى مكامن الصنعة وبث الهيام والأشواق؟
في المجمل لا نستطيع القول: إن المرأة تمكنت من القفز شعرياً فوق حواجز المحرمات إلا فيما ندر، ولم تستطع أن تقترب من شعر الغزل كما فعل عنترة وعمر بن أبي ربيعة أو نزار قباني..
ليبقى شعر النساء خجولاً مرتبكاً في هذا الجانب، وإن نجح بعضهن في نظم القصائد التي فيها رثاء وحماسة وفخار ووطنية شماء.
إن شعر الغزل يحتاج جرأة ما، وكلمات لها وقع وتأثير، وخيالاً يروح بقارئه إلى الافتتان، والمرأة في الأدب بصفة عامة ليست مثل الرجل وإن جاء حبر الأنثى أحياناً متوهجاً جياشاً قادراً على تجاوز أدب الرجال بعيداً عن الشعر.
الكثيرون يتساءلون عن أسباب تهيب المرأة من تناول موضوعات مهمة في الأدب بصفة عامة، إلى جانب أنها قد تخشى أحياناً صناعة مقال سياسي له صوت يدوي في كل مكان، ولا نلمح أطياف روائيات وشاعرات لها توهج وفيها إبداع؟؟
هذه النظرية خاطئة فإن حروف المرأة جميلة وقوية هادفة وفاعلة، لكن هذه الحروف خضعت للهيمنة الذكورية كما هي الحال في الكثير من المجالات.
الرجل في المجمل يحب المرأة لكنه يخشى تفوقها حتى لو كانت الحبيبة أو الزوجة أو الأخت.
ومع ذلك فقد عبرت حقول الإبداع الشعري العاطفي نساء شهيرات، وقلن شعراً فيه جزيل التعابير، له سحر وتأثير، لكنهن لم يحصلن على الشهرة كحال شعراء الغزل، وهنا لابد من التنويه بأن شعر الغزل عموماً ليس قريباً من قلوب البعض من المتلقين…
فكم وكم من أشخاص يرفضون شعر نزار قباني وينددون به، وكم من نقاد هاجموا عمر بن أبي ربيعة ووصفوه بالشاعر الماجن المغرور.
ومع كل ما ذكرت فإن شعر الغزل العاطفي النسائي ليس فواحاً لأن طبيعة الأنثى إن عشقت فهي تحب بصمت ولا تتباهي بذلك كما يفعل الرجل..
ويبقى لكل قاعدة استثناء، وهذا الاستثناء شهدناه عند بعض الشاعرات، منهن الشاعرة علية بنت المهدي شقيقة الخليفة هارون الرشيد وتدعى العباسة التي عاشت التناقضات بين تصرفها كأميرة وتظاهرها بالوقار وبين ألا تحضر مجالس الغناء التي تحبها، ولاسيما حين سيطر عليها عشق أحدهم وهو دونها في المستوى، فما كان من الشعر إلا أن استفاض كموج بحر، حيث قالت فيما قالته:
سلم على ذاك الغزال/الأغيد الحسن الدلال/سلم عليه وقل له/ياغل ألباب.. الرجال
وكذا الحال بالنسبة إلى ولادة بنت المستكفي الأندلسية، أشهر النساء ذات العينين الزرقاوين التي حوّلت منزلها إلى مجلس لأهل الأدب والشعر، وقد هام بها ابن زيدون شاعر الأندلس وأحبته، لكنه إثر خلاف بينهما قالت معاتبة شعرياً:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
لم تهو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصناً مثمراً بجماله
وجنحت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن دهيت لشقوتي بالمشتري
أمكن عاشقي من صحن خدي
وأعطي قبلتي من يشتهي
ولقد عاشت ولادة طويلاً، لكنها لم تتزوج قط.
هناك الكثيرات ممن تناولن الشعر العاطفي ولو بشكل خجول، وإن أجمل أشعار النساء ما راح إلى قضايا المجمع والطفولة والوطن، كحال فدوى طوقان ونازك الملائكة و… وغيرهن اللواتي قدمن نماذج عن شعر الغزل والحب النسائي..