ليزا خضر وباكورة نتاجها الشعري “لا أثر لرأسي الأول”

ليزا خضر وباكورة نتاجها الشعري “لا أثر لرأسي الأول”

شاعرات وشعراء

الأحد، ٦ ديسمبر ٢٠١٥

تذهب ليزا خضر في مجموعتها الشعرية الأولى “لا أثر لرأسي الأول” إلى ما خلفته الحرب على سورية من آلام وأحزان إضافة إلى وجدانيات جاءت على شكل منمنمات شعرية تشكل منها ومن الألم صورا فنية تنم عن وجود خيال يتسع لآفاق قصيدة جديدة تمكنت خلالها من أن تقدم نصا حديثا يصل إلى مستوى الشعر ومستوى الأدب.

في نصها “عزف جماعي” تزفر ليزا خضر أنين محارق الحرب العمياء الظلامية التي راحت تعيث خرابا في أرجاء وطنها في دفقات شعورية مخضبة بالحزن والألم الطافي على صورها التي التقطت من جوانح خيالها ذروات السواد الواخز للوجدان في تجل للصورة كدلالة تعبيرية فتقول.. “تتعرق الحنطة في أحلامك .. من فرط جوعك .. ونبيذك في قبو الجنازات .. موسيقا تكذب ..لملم قوافيك عن الصدى ..كي تنجو من علق الحناجر .. روح القصيدة”.

للومضات في ديوان ليزا خضر حضور ذهبت فيه إلى تكوين الحدث القصصي في جمل تعبيرية رمزية مكثفة ودلالات ذات بعد تخيط الصورة بحركات تكسر الثبات الإيقاعي فتحاكي في منمنمتها الموت الذي اغتال براءة الطفولة وألقها فتقول في نصها “موت سعيد” .. “يقول المسافر إلى فوق .. أنا الصفر الهجين ابن الخيبات.. يكرج الملح من نظرتي صوب الرغيف .. كلما هدا صوت الرصاص .. جعت .. كثير شبهي بالرمادي المحتال .. حين اذرف الطفل الخائف .. آت من أمسي .. إلى بؤسي”.

وفي مونولوجها الدرامي الذي تتشكل عليه أغلب نصوصها في سردية تعبيرية تتشكل تراكيبها التصويرية اللونية في مقاربات يتكشف فيها الأبيض والأسود في تنازع دلالي تحاكي فيه مواجع الفقراء والمهمشين فتقول في نصها “إعياء” .. “كنت ذات قطيعة دفء .. أتساءل .. اين أسارير الأبيض ..ضيعتها .. وأنا أشف السر عن أحاديث الكبار .. كنت تركت الحصة الأولى على دفتري .. في المقعد الثالث .. من جهة القذيفة .. وكان ظل الركام أعسر .. والصباح كان مدورا بالدهشات”.

وفي نصها “وحيدات” تكشف لنا الشاعرة عن روح شفيفة منطلقة بأنوثة تعي ذاتها في معترك الحياة مجنحة باللغة التعبيرية الموشاة بمناخ موسيقي داخلي لتروي عبر هذه اللغة الشفافة عن الأم المفجوعة بأبنائها الذين اغتالتهم خفافيش الظلام والمسكونة بالوجع الجاثم على يقينها المشبع بأجل المشاعر الإنسانية وبالحب والعطاء الذي لا ينضب فتقول.. “أنا الشتوية .. ما زلت أهجئ لكنات الندى .. على رحمي يورق نبضا .. وسنابل روح تتفتح .. عل حناجرهم سارقة سكوني .. لا تزعق كم أني عاقر .. أتشاغل بطمأنة الدمى”.

بوح شعري وقلق وجداني في مخاضات الإلهام وتداعيات الفكر في خيالها الخصيب تنثره ليزا خضر مشرعة فضاءات الرمز والإيحاء لتداعيات الكتابة فتتجلى جملها الشعرية في مكونات موضوعية عن عفوية موهبة وحس إبداعي وافر فتقول في نصها “يقولني الشعر” .. “يغضب الحبر أحيانا .. فيرشق أسراري الجليلة .. ودونما أدنى ضجيج .. يقض مضاجع الورق .. آتيه بيدين جديدتين .. وعن عمد .. أترك له خواطري مفتوحة”.

عوضت الشاعرة خضر عن موسيقا الشعر بالإيحاء الفني الذي امتزج بعاطفة أنثى شاهدة على عصر يغص بالألم ويعج بغبار الكوارث حيث أرادت أن تظهر براعة في التركيب الشعري بصفته إبداعا نثريا تخلى عن مقومات الشعر الموزون.

يشار إلى أن مجموعة لا أثر لرأسي الأول الصادرة عن دار بعل هي باكورة نتاج الشاعرة ليزا خضر التي هي من مواليد طرطوس وتخرجت من كلية الهندسة الكهربائية في جامعة تشرين وتكتب الشعر بكل أشكاله وخاصة قصيدة النثر حيث شاركت في عدد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية في أكثر من محافظة.

محمد خالد الخضر