رضوان فلاحة والفرق بين قصيدة النثر والنثر الآخر

رضوان فلاحة والفرق بين قصيدة النثر والنثر الآخر

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٦ نوفمبر ٢٠١٥

الأزمنة| نبوغ أسعد
الناقد والشاعر رضوان فلاحة يكتب شعره بإحساس الإنسان المثقف ويذهب إلى النقد بمنهج ناضج جديد من دون أن يهمل أي أساس من الأسس النقدية ومعه كان الحوار التالي:
 
* ما الشعر برأيك؟
** إن الشعر تشظي الانفعال في هيولى العاطفة المتماهية مع المتناهي واللامتناهي خارج الذات، وإيقاظ العاطفة والحس في الأشياء على تباين وجودها شكلاً ومضموناً والانسياب الانبساطي في السيال التعبيري المتخيل، ويبنى هذا التشظي سواء كان أفقياً أو عامودياً باختلاف وتنوع المعمارية الفنية والإبداعية باللغة كأداة تعبيرية كتابية بأبعادها المكونة والموجدة لها كالبيئة والثقافة والمعرفة الإنسانية في حراكها المتطور والمتحول عبر خط الزمن للسيرورة والصيرورة البشرية.
* ما النقد أيضاً لكونك تشتغل بمنظومة نقدية حديثة وواعية؟
** أما النقد فرأى فلاحة أنه إبداع فني وتذوق يغذيه التراكم الفكري والثقافي الشمولي والخبراتي وهو عملية تفاعلية بين الشاعر والنص وهو بالضرورة ناقد معبر عن رؤى محددة تتلازم مع ذائقته المعرفية والفكرية والفنية بإعطاء قيمة غير معروفة للمتلقي ورفد المادة الشعرية بسواقٍ إبداعية متجددة ومتغيرة للوصول إلى إغناء وإنماء الإنتاجات الأدبية والشعرية بعد تفكيك النص وفق أسس نقدية ومنهجية.
إن الناقد يقوم بعملية تحليلية للكتلة الأدبية منطلقاً من الكل إلى الجزء وبقدر الدهشة التي يحدثها النص الشعري عند الناقد والتي تحدث التجاذب بين ملكة المتذوق الناقد والنص الأدبي أو الشعري وهي تفعل مخزونه الثقافي والمعرفي والفني إضافة إلى خبرته النقدية.
فتتشكل عند الناقد مساحة يتواصل خلالها ويتفاعل مع النص الذي يريد أن يفكك بنيته وينقد بعد أن تترسم الأدوات الفنية التي تمكنه من الولوج إلى مكنون الكتلة الأدبية.
* ما سبب الاتجاه الشبابي لكتابة النص النثري بشكل ملحوظ ؟
** إن الخلفية الثقافية والمعرفية هي الموجه الأساسي لتعاطي الشباب مع الأدب والشعر تذوقاً وكتابة وتأثرهم بالحالة الأدبية عموماً وبمن يقرؤون لهم ويطلعون على نتاجاتهم، وهذا يساهم في توجهاتهم الثقافية وتكوين الشكل الفني.
وهناك أسباب أخرى وغالباً لها آثارها السلبية والمشوهة أيضاً كغربة الشباب عن الأدب العربي الأصيل والمفاهيم المغلوطة عن بناء قصيدة النثر والظن الواهم بعبثية التشكيل اللفظي في معمار جملها الشعرية وبنائها الفني والاستسهال الناجم عن إشكالية القواعد الفنية للنص النثري. وبين فلاحة أن خلو النص النثري من الوزن والقافية لا يعني عدم امتلاكه للموسيقا وأن الصورة السمعية ليست مكوناً أساسياً فيه كموسيقا تختلف عن موسيقا البحور، فالشعر الحديث إيقاع داخلي ويستند هذا الإيقاع إلى حركات تؤدي إلى بعض الأنغام الموسيقية المنوعة كما فعل مظفر النواب في بعض قصائده وصلاح عبد الصبور أيضاً وممدوح عدوان. فمن يقرأ أغلب قصائد مظفر النواب يجد أن هناك حركات موسيقية متنوعة ومختلفة جاءت بشكل عفوي من دون قصد إضافة إلى العاطفة التي بدورها هي المفجر الأساسي لخبايا الذات الشاعرة.
وإن هناك أدوات فنية أخرى ذات ضرورة وأهمية كالصورة البصرية والبنية الموضوعية المحملة بالخطاب الفكري والمعرفي كوحدة متكاملة ومتوازنة التي ينافح بها النص النثري عن وجوده الثقافي الأدبي الإبداعي بأنه الأقدر في إيصالها إلى الجمهور المتلقي تأثيراً وإشباعاً لذائقته.
* ألا يوجد فرق بين النثر وقصيدة النثر برأيك؟
** هناك التباس في الحقل الأدبي الثقافي عند بعض النخب بين النثر العربي وقصيدة النثر الحداثوية، فالنثر العربي سابق في حالته الإبداعية عن الشعر وله بنية موسيقية منضبطة ذات إيقاع متواتر، أما النثر الحداثوي هو ولادة خلفتها الترجمات والثقافات الغربية والتفاعل العربي معها، فكان النص النثري الحداثوي بشكله المتطور والمتجدد وتسربت عنه أشكال فنية متنوعة تدل على أنه حقيقة فنية.
إن هناك حالات مشوهة يعود سببها إلى الترهل والاستجرار الفكري عن الغرب وتعطل الإبداع وغياب المواهب الحقيقية كما أن سوء علاقة الشباب مع القراءة والثقافة سبب إلى افتقار الكم المعرفي والثقافي بالإضافة إلى أن بعض الشباب يمارس الكتابة ويتعاطى مع الأدب، ولا يمتلك وجهة نظر بالرغم من قراءته التي لا تعدو الاطلاع السطحي، فالقراءة الحقيقية هي الإنجابية والتفاعلية مع الشيء والتي تعطي فكراً أو فلسفة.
وختم فلاحة: لقد وجدت في الشعر كل ما يشبع رغبتي في فهم ووعي كل ما يتناهى إلى حواسي من باطن الأنا أم خارجها وتضافر هذا مع محبتي وشغفي قي تذوق الفن والموسيقا والأدب والتي أراها مجتمعة تماهياً في الشعر مع الأخذ بالاعتبار كل مرحلة تاريخية وأبذل ما بوسعي في أن أفرغ في عروق ما أكتبه تذوقي للفن والموسيقا والأدب محملاً إياه خطابي الثقافي والمعرفي.
يذكر أن الشاعر والناقد رضوان هلال فلاحة شارك في العديد من المهرجانات والأمسيات في دار الأوبرا والمراكز الثقافية، كما أنه نشر بعض أشعاره في الصحف والدوريات، ونشر دراسته النقدية في صحيفة الأسبوع الأدبي والأزمنة وكفاح العمال.