وجه لأنثى من زمان الوصل

وجه لأنثى من زمان الوصل

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٥ يناير ٢٠١٨

يواصل الشاعر قحطان بيرقدار في مجموعته الصادرة حديثا “وجه لأنثى من زمان الوصل” مسيرته في سلوك طرق شعرية جديدة مزاوجا هذه المرة بين نشوة الحب وتجليات الصوفية ضمن أسلوب غزير بالصور وبالرموز.

وتبدو النزعة الصوفية جلية في قصائد بيرقدار فهو يمزجها غالبا بالحب وكأن أحدهما سبيله للآخر وبداية لتوحده مع الحقيقة فهو يقول في قصيدة “من البحر بعد ارتعاش القلب”.. “وجهك غاية الإحساس بالأمل الكثيف.. وآية الجريان نحو الحب.. صوتك عودة المفقود مني.. صوتك البشرى بأني.. لم ازل ذا طلعة صوفية الإشراق”.

والشاعر حين يتحدث عن الحب يخلط الروحاني بالمادي والمحسوس متأثرا بأعلام المتصوفة ونزعاتهم التي انسجمت مع مشاعره العاطفية كما في قصيدة ملك حيث يقول.. “ما كان للحب أن يرتاد أوردتي.. غيما من السحر يهمي بي مع المطر وما ركنت إلى روحي أحاورها.. ولا تقطعت بين اليأس والضجر حتى لمحت صداي العذب مرتسما.. في وجهها هائما في جنتي خدر هجرت نفسي وما كانت معي أبدا.. وصرت من أجل عينيها من لبشر”.

والقافية هي في بعض قصائد بيرقدار محض لعبة يحطمها أنى يشاء فتكون مجرد صدى للفكرة أو يجعلها تتالى كأمواج موسيقية جميلة كقوله في قصيدة “سوف يغدو الزمان هشيما”.. “أنا لن أبوء بإثم الغزالة.. حين انطفأت بماء سناها.. وأطفأتها بالخيال اللطيف.. فهبت علي بكل شذاها.. ولن أستعيد الذي غاب مني.. ولن أتذكر ما فاض مني”.

ولكن الشاعر يقدم قصائد غزلية بعيدا عن تجليات الصوفية رغم حضور بعض مصطلحاتها كما في قصيدة “في حضرتها كلما غابت” لكنه يستعيض عن ذلك بكم من الصور التي تحكي عن الذات وتستحضر المعنى لا الشكل فيقول.. “هي لم تكن يوما سواي أنا.. والحب فيما بيننا سكنا ولكم جريت وراءها وأنا.. أجري إلي وألتوي حزنا من ذا يفرقنا أنا دمها.. ودمي شذا في قلبها وسنا”.

ويتحول الحب في قصائد المجموعة شيئا فشيئا ليصبح سيدها المطلق ليصير كأغنية لتترك أثرا في وجدان القارئ يدفعه لقراءته مجددا كقوله في قصيدة “فاتحة من وصايا الحبق”.. “تبيحين لي.. أن أقول جنونك بكل اللغات.. وأن أتمزق حرفا فحرفا.. لينبع من صخرة المستحيل.. دم الأغنيات”.

ختام المجموعة أراده الشاعر عبر مجموعة من المقطوعات الشعرية القصيرة فكأنها مجموعة من الرسائل الذاتية والوجدانية ولكنها جاءت مغلفة بالشعر فيقول في مقطوعة “منفية القلب”.. “اتركوها لصمتها لحظات.. لن تقول الهوى ولكن عساها”.

والشاعر قحطان بيرقدار حاصل على إجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب يعمل رئيسا لتحرير مجلة أسامة للأطفال إضافة لعمله مدققا لغويا في عدد من دور النشر ومؤسسات الإنتاج الفني داخل سورية وخارجها صدر له خمس مجموعات شعرية منها “في آخر الأعلى المضيء” و”من نغم إلى نغم” للأطفال.

سامر الشغري