جرار الخوف ومطر ناعم…لرضوان فلاحة

جرار الخوف ومطر ناعم…لرضوان فلاحة

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١٧ يوليو ٢٠١٧

(جرار الخوف ومطر ناعم) عنوان باكورة إصدارات الشاعر رضوان هلال فلاحة وتحتوي قصائد يعبر فيها عن أدب حداثوي يمتلك مقومات الشعر المنثور الذي استطاع في الآونة الأخيرة أن يأخذ مكانه في عالم الأدب.

يعتمد فلاحة في المجموعة الشعرية على تكثيف الأفكار ورصفها وفق عبارات وألفاظ استعارها ليكني بها معانيه من المحيط بما فيه من تناقضات مختلفة إيجابية وسلبية مؤديا إلى معنى مبتكر وجديد ومبتعدا فيه عن التقليد ليصل إلى ما يريده من تغيير كل ما يراه رديء كقوله في نص آخر قبلة بين السماء والأرض..”هناك بين آخر قبلة بين السماء والأرض.. فقأت عيني خطيئتي.. واعتصرت من خثرات القلب.. خمرا لآلهتي.. هناك تشكلت برزخا هلاميا..
علي أرى نهاية لأسطورتي”.

ويسعى الشاعر فلاحة إلى تكوين مسافات خيالية في التعابير الشعرية التي جاءت في النصوص عبر جماليات الكون وما يحتويه من بنى خارقة ثم يصل في النتيجة إلى مكون شعري يشعر المتلقي أن ثمة موسيقا داخلية تلامس مشاعره في كل النصوص فيقول في قصيدة زهايمر.. “ويكأني أني أحضن الغيم .. لم يبق لليوم إلا رائحة الفرح أو الوجع..وهي تدك وقتي الحجري .. ليشع نور النبوة يقرئء حليب أمي السلام .. فأتماثل للسكون”.

ولعل أهم مقومات القصيدة الشعرية في نصوص فلاحة هي العاطفة فتبدو متصاعدة رغم وجود الدلالة في كل النصوص ولا سيما من تناولت الحمية الوطنية من دون تكلف فهي تأتي عفوية ومنسابة بشكل تلقائي فيقول في قصيدة حصة درسية “المعلم.. بلادكم جميلة .. أشجارها تربض فوق صدور الأمهات ترضع السحب العابرة .. سنابل القمح خضراء .. خضراء ..ارتمى الحصاد بين جوانحها .. يعد نجوم الفصول”.

وجاء الشهيد في نصوص الشاعر فلاحة ساميا فوق القيم مستخدما لذلك استعارات لفظية تتوافق مع الأسلوب التعبيري تليق بمكانة من فدى البلاد بروحه ودمه فيقول في قصيدة وحي الشهيد.. “وحي الدماء ماؤه النور .. شظاياه التراب .. بنياته حنطة .. وجدائل حمائم غراء ..نبضه لهفة الروح والسماء حمراء ..بداء أنا .. واللغة تتعثر قبيل طفل الغداة .. أمطر شآما وقدسا .. قطرا مخضبا بالحناء”.

على حين تبقى فلسطين هي أهم ما تذهب إليه عواطف الشاعر فلاحة مشكلة على هيئة صور شعرية معبأة ومكونة من الشوق والجمال والفداء والحب فيقول في قصيدة فلسطين “فلسطين الأسماء جدباء .. تبحث عن معانيها .. في إسراء السماء إلى ترابك والقصائد الملعونة.. تؤءوب إلى معراج الروح .. في ملكوت انتمائك”.

ويتصدى الشاعر فلاحة للهجرة على أنها حالة سلبية على الوطن والأهل والتراب عندما ترى أبناءها تاركين ديارهم إلى غياهب المجهول في نص تكون من عاطفة مشبوبة بحب الوطن فقال في قصيدة (تنهد التراب وأطلالهم بحر).. “في البحر لا تنفض غبار الذاكرة.. خبئه لطقس الفقد الأخير.. أجل إيقاعات الجسد المترامية على أعتاب الأسطورة.. إلى أن تباغتك ذاتك في دهاليز اللاانتماء”.

وتحتوي المجموعة الشعرية على الأسس المكونة للقصيدة النثرية وتدل على اطلاعات الشاعر في عالم الثقافة.

يذكر أن الشاعر فلاحة شارك في العديد من الأنشطة الثقافية والمهرجانات وينشر في الصحف والدوريات السورية بمختلف أنواعها وله دراسات في النقد الأدبي وسيصدر له قريبا كتاب في نقد الشعر.

محمد خالد الخضر