طريقة غريبة؛ لنسيان الأفكار غير المرغوب فيها

طريقة غريبة؛ لنسيان الأفكار غير المرغوب فيها

شعوب وعادات

الثلاثاء، ٨ نوفمبر ٢٠٢٢

يعاني البعضُ من عدم القدرة على تجنُّب بعض الذكريات المؤلمة أو الأفكار السيّئة، مثل: عدم القدرة على تجنُّب تذكُّر شريك الحياة بعد الانفصال، عند تخطّي زاوية شارع ما أو سماع لحن أغنية ذات ذكرى مؤلمة، أو أن يتخيل نفسه بينما يقطع أصبعه أثناء الطهي، أو أن طفله يسقط أرضاً أثناء حمله إلى سريره. ووفقاً لموقع (news.trenddetail)، هناك سؤالٌ حول، ما إذا كان من الممكن إبعاد الأفكار غير المرغوب فيها عن الذهن؟ وتعَد الإجابة القصيرة والسريعة هي نعم، ربما يمكن تجنبها.. ولكن ما إذا كان من المستحسن القيام بذلك على المدى الطويل؛ فهو أمر أكثر تعقيداً.
 
الأفكار العابرة
 
التعامل مع الأفكار غير المرغوب
قال جوشوا ماغي، عالم النفس الإكلينيكي، الذي أجرى بحثاً عن الأفكار والصور غير المرغوب فيها، والحث على الاضطرابات العقلية، إن أفكار الناس أقل تركيزاً بكثير، وما يمكن السيطرة عليها أقل بكثير مما يتخيله الكثيرون.
أفكار غريبة قال ماغي: إن "الأفكار تنحسر وتتدفق باستمرار، والكثير منا لا يلاحظها".. فإن ثلث هذه الأفكار ظهرت تماماً من العدم، وأضاف ماغي، أنه من الطبيعي أنْ تراود المرءَ أفكارٌ مزعجة، كأن يتخيل الشخصُ نفسه وهو يقطع أصبعه أثناء الطهي، أو يسقط طفله بينما يحمله إلى سريره.
 
في بعض المواقف، من المنطقي قمع هذه الأفكار غير المرغوب فيها.. في امتحان أو مقابلة عمل، على سبيل المثال، لا يريد المرء أن يشتت انتباهه بالالتفات إلى فكرة أنه سيفشل.. في رحلة طيران، ربما لا يريد التفكير في تحطُّم الطائرة.. قال ماغي، إن هناك أدلةً على أنه من الممكن القضاء على هذه الأفكار.
 
في دراسة أُجريت عام 2022، ونُشرت نتائجها في دورية PLOS Computational Biology، أظهرت النتائج أن 80 مشاركاً قاموا بمتابعة سلسلة من الشرائح تَعرض أسماءً مختلفة.. تم تكرار كل اسم في خمس شرائح مختلفة، أثناء مشاهدة الشرائح، قام المشاركون بتدوين كلمة ربطوها بكل اسم، على سبيل المثال: تم تدوين كلمة "الطريق" عطفاً على كلمة "سيارة".. سعى الباحثون لمحاكاة ما يحدث عندما يسمع شخصٌ ما أغنيةً عاطفية على الراديو، ويحاول يائساً التفكير في أي شيء آخر غير شريك الحياة السابق. كشفت النتائج، أنه عندما رأى المشاركون كلَّ اسم للمرة الثانية؛ فقد استغرقوا وقتاً أطول من المجموعة الضابطة للتوصل إلى ارتباط جديد، مثل: "إطار" بدلاً من "طريق"، على سبيل المثال؛ مما يشير إلى أن ردهم الأول ظهر في أذهانهم قبل أن يفكروا.. تأخرت ردودهم بشكل خاص على الكلمات التي صنّفوها على أنها "مرتبطة بقوة" بالكلمة الرئيسية في المرة الأولى، ولكن كان المشاركون أسرع بعدها في كل مرة يشاهدون فيها نفس الشريحة؛ مما يشير إلى ضعف ارتباطهم بين الكلمة الرئيسية واستجابتهم الأولى؛ أيْ الصلة التي تحاكي الفكرة التي كانوا يحاولون تجنُّبها.
 
قال الباحثون، إنه لم يتم التوصل إلى دليل "على أن الشخص يمكنه تجنُّب الأفكار غير المرغوب فيها تمامًا".. لكن النتائج تشير إلى أن الممارسة، يمكن أن تساعد الأشخاص على التحسُّن في تجنُّب فكرة معينة.
المنطق العكسي
لا يتفق الجميع على أن عرض الشرائح للكلمات العشوائية، هو وسيلة جيدة لاستنباط كيفية قيام البعض بقمع الأفكار المحمّلة بالعاطفة، كما ذكرت Medical News Today.. وتشير أبحاثٌ أخرى، إلى أن تجنُّب الأفكار، يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.. قال ماغي: "عندما نقمع فكرةً؛ فإننا نرسل لأدمغتنا رسالة".. يصف هذا الجهد الفكري بأنه شيء يجب الخوف منه، و"في الجوهر، نحن نجعل هذه الأفكار أكثر قوة من خلال محاولة السيطرة عليها".
كما توصلت نتائج دراسة تحليلية لـ31 دراسة مختلفة حول قمع الفكر، نشرتها دورية Perspectives on Psychological Science، إلى أن قمع الفكر، يحقق نتائج وتأثيراً على المدى القصير.. بينما كان المشاركون يميلون إلى النجاح في مهام قمع الأفكار، برزت الفكرة، التي تم تجنُّبها في رؤوسهم، في كثير من الأحيان بعد انتهاء المهمة. في النهاية، يرى الخبراء أنه ربما يكون من المنطقي اتّباع نهج يقِظ في التعامل مع الأفكار غير المرغوب فيها، والانتظار ببساطة حتى تمُرّ؛ بدلاً من محاولة تجنُّبها، تماماً مثلما هو الحال مع آلاف الأفكار الأخرى، التي تتجول في رأس كل إنسان يومياً؛ أيْ أنه يمكن السماح لمثل هذه الأفكار، بأن تتواجد في الذهن فقط، من دون السعي إلى قمعها ونسيانها بشدة؛ لأنها تحصل على مساحة أكبر في هذه الحالة.