الصديق قبل الطريق

الصديق قبل الطريق

شعوب وعادات

الأحد، ٢١ أغسطس ٢٠٢٢

قديماً وصف الفيلسوف اليوناني، أرسطو، الصداقة بأنها إحدى الحاجات الضرورية للحياة. وإذا تأمل كل منا مراحل حياته المختلفة، فسيتأكد من صدق هذه المقولة، بل إن الصداقة هي العلاقة الاجتماعية الوحيدة ـ خارج نطاق العائلة ـ التي تمنح الإنسان التوازن في مختلف دروب الحياة: الدراسة، العمل، والجيرة، وغيرها. وكأي علاقة، هناك أسس لنجاح الصداقة بين شخصين أو أكثر، فهي تقوم على مشاعر الحب، والتقارب العمري، والتماثل في السمات الشخصية، والقدرات، والاهتمامات، وربما الظروف الاجتماعية. لكن تبقى صفة «الوفاء» القيمة الأعلى، أو لنقل الأساس الذي يُبنى عليه صرح الصداقة؛ ليزداد شموخاً وقوةً ومتانةً، وكما قال أوليفر هولمز: «الصداقة جبل شاهق، لا يتسلقه إلا الأوفياء».
في ملف العدد، نحتفي بقيمة الصداقة، التي يتزامن يومها العالمي مع شهر يوليو من كل عام، والذي خصصته الأمم المتحدة إدراكاً لجدوى الصداقة، بوصفها أحد المشاعر النبيلة في حياة البشر بجميع أنحاء العالم. بدَوْرنا، نلتقي عدداً من الأصدقاء، الذين استثمروا صداقاتهم للنجاح في مجالات مختلفة، ما زاد قوتها، ومنحها معنى إضافياً في حياتهم، مؤكدين صدق مقولة «الصاحب ساحب»، فهو من يأخذ بيد صاحبه إلى أعلى أو العكس. والمحظوظ حقاً هو من يلتقي - في طريق حياته - صديقاً حقيقياً يكون له بمثابة الأخ الذي لم تنجبه أمه.
 
سمية المرزوقي وبشاير العبيدلي:
اختلافاتنا الشخصية أضافت إلى صداقتنا
رغم صغر حروفها، فإن كلمة «صداقة» تحمل بين طياتها معاني أعمق وأجمل، هذه المعاني هي التي جمعت الصديقتين وسيدتَي الأعمال: سمية عبدالرحمن المرزوقي، وبشاير العبيدلي؛ لتؤسسا مشروعهما «ستوديو بركة»، وتكون صداقتهما نبراساً أضاء لهما درب نجاح المشروع وتميزه، فأصبحتا نموذجاً يُحتذى في عالم الأعمال.. التقتهما «زهرة الخليج»؛ فتحدثتا عن علاقة الصداقة القوية التي تربطهما منذ أكثر من 15 عاماً، وما كان لها من أثر في إنجاح مشروعهما: 
 
تقول سمية عبدالرحمن المرزوقي، عن علاقة الصداقة التي تربط بينها وبين صديقتها بشاير: قمنا بتأسيس مشروع «ستديو بركة»،  لممارسة رياضة اليوغا، وشاهدنا نجاحه يوماً تلو آخر، وكانت الصداقة التي جمعتني وبشاير العبيدلي، منذ أكثر من 15 عاماً، أحد أهم أسباب نجاحه؛ فالصداقة الحقيقية أفضل هدية من الله عزَّ وجلَّ؛ فقد نختلف أنا وبشاير في نقاط القوة بالعمل، لكن هذا ما دفع مشروعنا ليمضي قدماً في طريق النجاح.
 
وتستكمل سمية، قائلة: تقود بشاير العمليات الإدارية لـ«ستوديو بركة»، وأعمل أنا على الجوانب الإبداعية والتسويقية للمشروع، ولأن علاقتنا مستمرة لفترة تفوق الـ15 عاماً؛ استطعنا أن نتفهم أن في اختلافنا قوة، وهذا ما دفعنا إلى التوجه لريادة الأعمال يداً بيد. 
 
من جانبها، تقول بشاير العبيدلي: بدأت صداقتي مع سمية منذ أيام المدرسة، وكنا وقتها بالمرحلة الإعدادية، وكان السبب في صداقتنا هو تقارب الاهتمامات، والأفكار والرؤى. ورغم وجود اختلاف في الشخصية، فإننا وجدنا أن هذا الاختلاف في مصلحة هذه العلاقة؛ لأننا نكمل بعضنا بعضاً.
 
وتضيف بشاير: مع مرور الأيام، نمت ثقة كبيرة بيننا مع ازدياد صداقتنا، وفكرنا في أنه بإمكان كل واحدة فينا أن تكون مصدر دعم للأخرى في مجال ريادة الأعمال، وبالفعل لم نتردد في بدء مشروعنا «ستوديو بركة» لممارسة رياضة اليوغا. وبالتالي، توفير مساحة خاصة وآمنة وملهمة للسيدات لممارسة «اليوغا»، وغيرها من الرياضات التي تجمع بين تنمية البدن والذهن معاً مع مدربات متخصصات، الأمر الذي كنا نرى فيه افتقاراً بالمنطقة سابقاً.
 
وعن افتتاح المشروع، توضح بشاير: أثمرت علاقة الصداقة القوية بيننا افتتاح «ستوديو بركة» عام 2020 في إمارة الشارقة، كأول ستوديو متخصص في هذه الرياضات بالإمارة.
 
وتلتقط صديقتها سمية أطراف الحديث، قائلة: قمنا بتوزيع المهام بيننا من أول يوم، لاسيما أن التنظيم يعتبر أحد أهم أسباب نجاح أي مشروع، فنحن موظفتان حكوميتان، إذ تعمل بشاير في دبي، وأنا في أبوظبي، ونجتمع معاً عبر الهاتف بعد ساعات العمل؛ لتنظيم وتنسيق مهامنا، ومهام زميلاتنا في الـ«ستوديو»، ونلتقي في نهاية كل أسبوع لقضاء أوقاتنا معاً، ومناقشة سير العمل في الـ«ستوديو». 
 
وعن نصيحتها لمن ترغب في أن تبدأ مشروعاً جماعياً ناجحاً، تلفت سمية النظر إلى أن معرفة نقاط قوة وضعف الطرفين من الأمور المهمة جداً، ومن ثم يكمل كلٌّ منهما الآخر، ويصبح مصدراً مهماً لدعمه وتشجيعه. وبالتالي، وضع لبنة قوية في المشروع منذ اليوم الأول، وعليهما الانتباه إلى أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وأن الصداقة لابد أن تستمر في المقام الأول.
 
وعن خططهما المستقبلية، تشير سمية إلى أنهما تأملان توسيع مشروعهما، وأن يكون الـ«ستوديو» في كل إمارات الدولة.
 
وتقول بشاير عن سر نجاح مشروعهما: اخترنا أن تكون الصداقة عامل النجاح المشترك بيننا؛ فحرصنا - في عملنا من منطلق الثقة، التي نمت بيننا عاماً تلو آخر - على تقسيم الأدوار في العمل؛ لتقوم كل واحدة بالإشراف على مهام مختلفة ومنفصلة، مع الحرص على وجود حوار دائم حول رؤية المشروع ورسالته.
 
وتستكمل: كما حرصنا على فصل أي آراء ونقاشات في العمل عن علاقتنا الشخصية؛ لإيماننا بأن الهدف الذي نحمله مشترك، رغم أي اختلاف قد ينشأ بطبيعة الحال، لاسيما أن صداقتنا قد أثرت بشكل إيجابي جداً في مشروعنا؛ لأنها تمنحنا الشعور الدائم بوجود دعم باستمرار، ونتشارك معاً الصعوبات، وبالتالي نصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وتخطي العقبات.