صديق طفلك لا تعجبك تصرفاته.. فما التصرف السليم؟

صديق طفلك لا تعجبك تصرفاته.. فما التصرف السليم؟

شعوب وعادات

الأحد، ١٤ أغسطس ٢٠٢٢

يسعى الآباء لدمج أطفالهم في الحياة اليومية رويداً رويداً، خاصة في مرحلة ما قبل الروضة والمدرسة، لكي يتأقلموا مع أقرانهم، تمهيداً لغيابهم عن البيت لساعات طويلة يقضونها على مقاعد الدراسة، أو في النادي الرياضي.
واختيار أصدقاء للطفل يجعل الآباء يتابعون مهاراتهم الاجتماعية، ويمنحهم فرصة مراقبة الطفل عن بعد، وهو يلعب ويضحك ويكتسب بعض المهارات من رفاقه. كما أن الصداقات يمكن أن تعزز نجاح طفلك بطرق مختلفة، والأطفال الذين لديهم صداقات قوية عندهم مشاعر أعلى لتقدير الذات في مرحلة البلوغ. 
لكن، للأسف، من المحتمل أن تقابل صديقاً لطفلك لا تحبه، ربما لأنه يلعب بطريقة قاسية للغاية، أو يسب، أو هو متسلط أو متنمر، أو يبدو أنه قادر على فعل أشياء غير جيدة. عندها يشعر الآباء بالسوء، ويفكرون في طريقة لإبعاد طفلهم عن صديقه السيئ دون أن يسببوا أي رد فعل سيئ أو حزن لطفلهم.. فما الخطوات التي يجب اتخاذها في مثل هذه الحالة؟
 
الاعتراف بالقلق
تقول خبيرة علم النفس والاجتماع، منيرة صالح، إن على الآباء قبل بدء تحليل سبب عدم إعجابهم بصديق معين، الاعتراف بمشاعرهم وتقبلها، لأنه لا حرج على الإطلاق من الشعور بالضيق تجاه أصدقاء طفلك، وعلى الرغم من أنها مشاعر مزعجة، فإنها ليست خطأ أبداً في حد ذاتها. ويمكن التفكير لتحديد ما الذي أزعجك، وما هي المشاعر التي تثيرك. وهل تشعر بالخوف أو القلق أو الإحباط أو الغضب؟ حدد السبب بالضبط لتتمكن من مناقشة طفلك في ما بعد. مثلاً، قد تكون قلقاً بشأن كيفية تأثير سلوك الصديق على طفلك، فقد تكون سلوكيات صديقه تفتقر للأخلاق أو عدوانية، وأنت تخاف من اكتساب طفلك تلك السلوكيات. 
وتضيف: "إذا كان طفلك كبيراً بالعمر، فقد يتحول القلق من مجرد لعب بعنف وسب إلى مخاوف أكبر، مثلاً قد يعود ولدك إلى المنزل وهو غاضب أو ممتعض بعد قضاء بعض الوقت في منزل صديقه، الأمر الذي يجعل النوم يهرب من عينيك خوفاً مما حصل، خصوصاً عندما يرفض ولدك إخبارك بأي شيء، وأنت خائف من أن يتم استغلال ولدك أو طفلك بأي شيء مسيء. وهناك وجه آخر للشعور بالضيق من صديق طفلك، لكن الأمر غير متعلق بالصديق نفسه، لكنه قد يكون نتيجة الأسرة التي ينتمي لها الطفل. على سبيل المثال، تجد صديق طفلك لطيفاً وغير مؤذٍ، لكنك تخاف من البيئة التي نشأ بها الطفل، فقد يكون والده صاحب سمعة سيئة ولا يلتزم بالحدود، وأنت لا ترغب في أن يصاحب طفلك شخص من عائلة منحلة أو سيئة، لأن هذا سيجعلك أنت أيضاً في حالة من التواصل مع هذه العائلة وليس طفلك فحسب. لهذا، خذ الوقت الكافي لتقليب الأسباب والتفكير بها ملياً في عقلك قبل التحدث مع طفلك".
 
كيف تتحدث مع طفلك إذا كنت لا تحب صديقه؟ 
هناك الكثير من المرات التي يجب أن تتدخل فيها، إذا كان سلوك الطفل الآخر أو تفاعلاته مع طفلك سامة، لكن يجب أن تفعل ذلك بطريقة لا تجعلك بمحل جدال أو نقاش حاد مع الطفل.
اطرح أسئلة، تعرف على المزيد حول العلاقة من دون إصدار حكم، كأن تقول له مثلاً: "أخبرني عن صديقك، ما الذي يعجبك فيه؟ ما الذي تستمتع بفعله معه؟"، فقد تتعلم شيئاً يغير رأيك بشأن صديقه أثناء النقاش.
لا تسئ للطفل الآخر، ولا تقل شيئاً مثل: "أنا لا أحب ذلك الفتى!"، حاول اختيار الألفاظ جيداً، لأنه ليس من المناسب قول أشياء سلبية عن صديق طفلك أو عائلته، فمن المحتمل أن يحدث صدع بينك وبين طفلك، ومن المرجح أن يخلق المزيد من الصعوبات. وقد يخبر طفلك دون قصد صديقه، بقوله مثلاً: "أمي لا تريد مني قضاء الوقت في منزلك بعد الآن". فلا تضع طفلك ونفسك في هذا الموقف الصعب.
حاول تسليط الضوء على مشكلة محددة، واطرح أسئلة حول هذا السلوك، قد تقول: "كيف شعرت عندما قال لك صديقك كذا وكذا؟"، و"هل يتصل بك صديقك فقط عندما يحتاج إلى شيء منك"، أو "غالباً ما تبدو غريب الأطوار أو حزيناً بعد قضاء الوقت مع صديقك الفلاني".
بعد مشاركة هذه الملاحظات، امنح طفلك فرصة للتعبير عن وجهة نظره أيضاً، ربما كان طفلك غير مرتاح لكنه لم يكن قد تحقق من مشاعره أو كيفية التعامل مع الأمر، فالتحقق من صحة مشاعره من دون التسرع في إصلاحها له هو أداة تربية لا تقدر بثمن في أي عمر.
 
متى عليك التدخل لإنهاء الصداقة المسيئة؟ 
إذا كان صديقه يتصرف بطرق خطيرة أو غير آمنة، فهنا يمكنك التدخل ووضع حد لتلك الصداقة. ضع حدوداً صارمة مع طفلك حول قضاء الوقت مع هذا الصديق. مثلاً قل له إنه يمكن لصديقك المجيء وقضاء الوقت معك في منزلنا لكنك لن تذهب لمنزله، أو يمكنك قضاء بعض الوقت معه في المدرسة، ولكن ليس خارجها.
إذا لم يكن الموقف خطيراً، لكنك لست مرتاحاً لصديق طفلك، فدرب طفلك بدلاً من التصرف نيابة عنه، لأن مهمتنا هي الحفاظ على سلامة وصحة أطفالنا، وليس من واجبنا منعهم من تجربة المشاعر السلبية أو التجارب الصعبة. وقد يكون لهذا الأسلوب أثر كبير على تعزيز ثقة طفلك بنفسه، ليتمكن من إدارة مشاكله، ما يعزز ثقته بنفسه.
 
صداقات صحية
تشدد خبيرة علم النفس والاجتماع، منيرة صالح، على ضرورة التحدث إلى طفلك حول كيفية تعامل الأصدقاء مع بعضهم بعضاً، وكيف تبدو الصداقات الصحية وغير الصحية. والحرص على إخباره بأنه ليس من المفترض أن تدوم كل الصداقات، فقد نحتاج في وقت ما للتخلي عن العلاقات المسيئة. والأهم من ذلك كله، أن ترسل رسالة إلى طفلك مفادها أنك تثق به في اختيار الأصدقاء، والانخراط في العلاقات. لكن، قد تحتاج للتدخل بصورة مباشرة، ووضع حد في الحالات التي قد يسبب فيها الصديق ضرراً لطفلك.