أستاذة سورية تتحدى أزمة النقل وتقود دراجة للوصول إلى جامعتها

أستاذة سورية تتحدى أزمة النقل وتقود دراجة للوصول إلى جامعتها

شعوب وعادات

السبت، ١١ ديسمبر ٢٠٢١

تتحدى أستاذة جامعية سورية أزمة النقل وتقود دراجة للوصول إلى جامعتها.
متحدّية المألوف، ومتحررة من قيود النمطية المتوارثة وثقل “الهالة” التي تحيط بالأستاذ الجامعي، والأزمات التي تعصف بقطاع النقل في بلادها، تقود الأستاذة الجامعية، روز حمراء، دراجتها الكهربائية للتنقل بين منزلها وعملها في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية.
 
“على الوقت” تصل الدكتورة حمراء إلى محاضرتها الصباحية في كلية التربية، من دون أن تسجل أي حالة تأخير على الطلاب، وتعزو حمراء في حديثها لوكالة “سبوتنيك” السبب وراء ذلك إلى استخدامها الدراجة الكهربائية كوسيلة نقل مريحة وسريعة، ناهيك عما تحققه من توفير وأمان.
وأضافت حمراء: “باستخدامي الدراجة الكهربائية لم أعد أعاني من هدر الوقت ولا الازدحام ولا سماع حكايا السائقين وهم يشرحون معاناتهم في الوقوف ساعات طويلة أمام محطات الوقود بسبب الأزمة الناجمة عن العقوبات والحصار”.
 
رغم اللحظات التي تشعر بها حمراء بالضيق والانزعاج بسبب بعض التعليقات أو النظرات المستهجنة التي تنضوي على الكثير من تنمر المجتمع الذي لا يزال يرفض أن يرى أحداً يغرد خارج سرب المألوف، إلا أن حمراء دائماً ما تنظر إلى “النصف الملآن من الكأس” وإلى التعليقات المشجّعة التي تثني عليها لجرأتها وتكيّفها مع واقعها الذي ابتدعته بنفسها، إذ تقول حمراء: “هناك طلاب ينظرون إلي بإعجاب ويكبرون في هذه المبادرة التي وصفوها بالمشجعة، ويقولون لي إنهم يرغبون في تقليدي”.
 
واستدركت حمراء بالقول: “في المقابل، هناك طلاب لا يزالون حتى الآن عندما يرونني يشهقون ويتمتمون بتعليقات تصب في معنى الاستهجان من فكرة أنني دكتورة وآتي للجامعة على “موتور”، لكن نظرات الاستهجان وتعليقات التنمر سواء من داخل الجامعة أو من خارجها لم تؤثر في قناعتي بما أفعل.. تعليقاتهم تزعجني بضع ثواني ثم سرعان ما أتجاوز تلك التعليقات، وأراضي نفسي بحقيقة أنهم “مقهورين مني”.
 
صلابة موقف حمراء أمام ردة فعل المجتمع المحيط، وعدم شعورها بالحرج لركوبها الدراجة بوصفها أستاذة جامعية، مرده حسب قولها، أنها اعتادت على ركوب الدراجة الهوائية منذ كانت في الصف الخامس الابتدائي، حيث كانت كلما تكبر تستبدل دراجتها بالحجم الأكبر، حتى عندما دخلت الجامعة وأصبحت معيدة، حافظت على ركوب الدراجة الكهربائية.
 
وأضافت حمراء: “في عام 2017، عندما حصلت على درجة الدكتوراة وعدت من الإيفاد إلى الجامعة، شعرت بالتردد حيال ركوب الدراجة باعتباري أصبحت أستاذة جامعية، لكنني كنت أعاني من أزمة النقل والازدحام ومن ضياع الوقت في انتظار وسيلة نقل تقلني إلى عملي، وتكمل: في العام الماضي ومع استفحال أزمة الوقود إلى جانب أزمة النقل، وانتشار فيروس “كورونا” قررت أن أشتري دراجة كهربائية، وأثبت للجميع صوابية ما أفعله رغم مل ما تعرضت له من معارضة وتنمر”.
وتابعت: “كثير من المعارف والأصدقاء وحتى الناس العاديين الذين كانوا يعارضون الفكرة، باتوا اليوم يحسدونني ويرغبون في شراء الدراجة للتخلص من أزمة الوقود والازدحام، لما للدراجة من مزايا، خاصة أنها تستطيع المرور من بين السيارات العالقة في طريق مزدحمة”.
 
وأردفت حمراء: “كما أن زملائي، أساتذة الجامعة، يشجعوني، وأحياناً يحسدونني عندما يتحدثون عن معاناتهم في تأمين الوقود لسيارتهم، بالإضافة لما يهدرونه من وقت وهم عالقون في زحمة المواصلات”، واستدركت: “حتى أنهم عندما يركنون سياراتهم في الجامعة يتركون لي مجالاً لركن دراجتي”.
 
مواقف كثيرة تتعرض لها حمراء أو تشاهدها بأم العين تجعلها تتأكد في كل مرة من صواب قرارها شراء الدراجة، إذ تروي إنه أثناء مرورها بجانب إحدى محطات الوقود في المدينة رأت صديقتها تقف بسيارتها على دور تعبئة البنزين، ألقت عليها السلام وتابعت مشوارها لتعود بعد ساعتين وتجدها لا تزال تنتظر أن يحين دورها.
حمراء التي أشارت إلى التوفير الذي تحظى بها بسبب استخدامها الدراجة التي لا تتطلب أي عملية صيانة أو إصلاح كما السيارات، ولا انتظار لساعات على دور البنزين، بينت في الوقت ذاته أنها تعاني من الانقطاع الطويل للكهرباء، إذ تنقطع الكهرباء خمس ساعات مقابل ساعات تغذية واحدة، وتضيف: “لا أستهلك كامل شحن بطارية الدراجة، كما أنني عندما أعود بعد الظهر إلى المنزل أضع بطارية الدراجة بالكهرباء لأستفاد من شحن ساعتين لليوم التالي، مشيرة إلى أن العقوبات جعلت حياة السوريين صعبة للغاية ولا حل أمامهم سوى تكييف شؤون حياتهم اليومية وفق الإمكانيات المتاحة”.
بمتعة وشغف لا يخلوان من التصالح مع الذات قبل الواقع، تتحدث حمراء عن ضرورة أن يترجم الشخص رجلاً كان أم إمرأة، قناعاته على أرض الواقع، وأن يدافع عنها، وأن يدير الطرشاء للتعليقات الساخرة وعبارات التنمر، وتؤكد أن التغيير يبدأ بخطوة مفعمة بالإرادة والجرأة للوصول إلى مجتمع صحي.
 
سبوتنيك