هل تتفوق العواطف على عدم التوافق العلمي بين الزوجين؟

هل تتفوق العواطف على عدم التوافق العلمي بين الزوجين؟

شعوب وعادات

الأحد، ٦ ديسمبر ٢٠٢٠

دينا عبد   
هل يؤثر الاختلاف بالمستوى الثقافي والدراسي بين الزوجين في نجاح العلاقة بينهما؟ .. سؤال يتردد كثيراً بين الأوساط الاجتماعية المختلفة، وربما يكون سبباً من قبل أي من الطرفين لرفض أو قبول الزواج، فالاختلاف بين الزوجين في الثقافة أو الدراسة متهم رئيس في حال حدوث الطلاق، وهو ما يجعل كثيرين يطالبون بمراعاة ذلك عند الإقبال على الارتباط، وذلك بالبحث عن الشريك المناسب للمستوى التعليمي، وفي الوقت نفسه يرى آخرون أن التوافق التعليمي والثقافي، ليس بالضرورة سبباً في التفاهم أو عدم الانسجام بين الزوجين، فذلك يرجع لمدى توافقهما وانسجامهما العاطفي.
فقد تنازلت علياء (34 عاما) عن شرط ارتباطها برجل يكافئها في التحصيل العلمي، حيث اقترنت بشخص غير متعلم، تقول علياء وهي حاصلة على شهادة جامعية: وجدت فجوة كبيرة في طريقة تفكيري واهتماماتي بيني وبينه منذ البداية، وحاولت معالجة الأمر، لكنني حتى الآن لم أنجح أو أصل لنتيجة ترضي الطرفين، وتتابع : أحيانا أشعر أن لديه عقدة نقص وغيرة من الفارق العلمي بيننا، يفرغها بالغضب والعناد مع قناعته بأنه مخطئ ، منوهة بأنه لا يقبل على هذا التصرف عندما نكون بمفردنا، بل أمام الآخرين ما يتسبب لي بالإحراج وعدم متابعة الحديث مع الأطراف الموجودة.
وتضيف: من تجربتي هذه زاد يقيني بضرورة أن يكون الزوج متكافئا مع الزوجين في المستوى العلمي والثقافي، لافتة إلى أنه عندما يكون الزوج مثقفاً يقدر المرأة ويحترمها أكثر، فضلاً عن أن الرجل المتعلم -وفق رأيها- لديه أسلوب مختلف في النقاش والحوار مع زوجته، كما قد يكون داعماً لها ولمسيرتها المهنية.
من جهتها سماهر تعبر عن رأيها في هذا الموضوع فتقول: أنا لا أرى في الفارق التعليمي مشكلة إطلاقاً، فيوجد الكثيرون لديهم ثقافات عالية مع غياب الشهادات، فمن وجهة نظرها كما تشير أن المشكلة تكمن في طريقة تفكيرهم ونفسياتهم، وما يساعد على تفاهمهما هو وجود عامل أن المرأة قد تكون أعلى في الشهادة، وهنا قد يشعر الزوج بتعالي زوجته بدون أن تظهره، أو ربما بلحظة غضب تجرحه بكلمة أنها أفضل منه، وعندها من الصعب أن يلتئم جرحه بسهولة، وأيضاً قد يتوهم الزوج ذلك بسبب إحساسه بالنقص، وهذا لايعتبر نقصاً، إنما النقص في التفكير, فالمهم هنا هو رجاحة العقل والتعامل اللطيف حتى وإن أخطأ أحد الطرفين بحق الآخر.
أما جهاد وهو موظف فيرفض هذه التقاليد، ويؤكد أنه لا فرق فيما إذا كانت متعلمة أو لا، مادام من واجبات المرأة تربية الأبناء والإشراف على متطلبات المنزل وتأمين الأمان والراحة لزوجها، وفي الوقت نفسه حتى لو كانت متعلمة لن يخلو الموضوع من المشاحنات والمشاجرات الأسرية.
د.محمد العبدالله – أستاذ في كلية الآداب قسم علم الاجتماع يرى أنه أحيانا تتغلب العواطف على عدم وجود الشهادة، خاصة إذا كان هناك حب وانسجام في العلاقة بين الطرفين، فالحب النابع من القلب والبعيد عن المصالح يخلق حالة من التوافق الزوجي، ويعد مقوماً أساسياً من مقومات نجاح الحياة الزوجية، وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية والسيكولوجية أن المستوى التعليمي ضروري لنجاح واستمرار الحياة الزوجية، ووفقاً للدراسة كلما كان المستوى العلمي عالياً خفت الخلافات بين الزوجين، ويعتبر التحصيل العلمي مقوماً أساسياً لنجاح الحياة, فضلاً عن وجود بعض الحالات التي من شأنها تحطيم عرى التواصل بين الزوجين، وهي كما قلنا حالات نادرة .
بدورها د. منال مرعي -كلية الآداب- جامعة دمشق بينت أن أهم ما يمكن أن يحدد العلاقة بين الزوجين هو التكافؤ بينهما, ولاسيما (الثقافي المعرفي) لأنه الخط الرئيس الذي يرسم العلاقة في تكوين أسرتهما, فبقدر ما يكون التكافؤ العلمي موجوداً بين الزوجين بقدر ما ينعكس ذلك محققاً نوعاً من الانسجام والتوافق بينهما, بدءاً من صغائر الأمور ووصولاً إلى كبرياتها.
لكن اللافت للانتباه أن هذا الشرط الذي يعد في نظر الكثيرين الشرط الرئيس لنجاح أي علاقة زوجية, لا يمثل إلا رأياً تقليدياً رائجاً بين الناس, ذلك أن نجاح أي علاقة زوجية لا يتوقف على هذا الأمر وحسب، ولدينا في المجتمع حالات كثيرة كانت على مستوى واحد من التكافؤ الثقافي، لكنها لم تنجح وفشلت في الاستمرارية، في مقابل وجود حالات كثيرة لم يتواجد فيها هذا التكافؤ المعرفي ونجحت في مشروعها الأسري بكل حب وود, لا بل كان الزوج داعماً للطرف الآخر ليس مادياً فقط بل ومعنوياً.
 
ما نود قوله هو إننا نرى الأمر من زاوية تخالف الرأي العام، وفحواها أن تفهم أحد الزوجين للآخر والمحبة الصادقة له هما من يشكل السبيل الداعم لتحقيق التكافؤ الأسري وليس فقط المعرفي, بمعنى أن هذا يتوقف على مدى تفهم الشريك لشريكه في المؤسسة الصغيرة (الأسرة), ذلك أن مقوم التكافؤ المعرفي هو جزء من كل, لذا ينبغي علينا ألا نجعله السبب الرئيس في مقابل إغفال عوامل أخرى عاطفية ومعنوية لا تقل أهمية عنه.
تشرين