هل تؤدي ضغوطات الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى إضعاف منظومة القيم المجتمعية.. والحجة «الغاية تبرر الوسيلة»؟!

هل تؤدي ضغوطات الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى إضعاف منظومة القيم المجتمعية.. والحجة «الغاية تبرر الوسيلة»؟!

شعوب وعادات

الثلاثاء، ١٧ نوفمبر ٢٠٢٠

الهام العطار   
هل يمكن للأزمات التي نتعرض لها من اقتصادية واجتماعية أن تؤدي إلى تغيير في القيم المجتمعية، وهل يمكن أن تكون تلك الضغوطات السبب في تحول الشخص إلى سارق مثلاً من أجل لقمة العيش، والحجة أن« الغاية تبرر الوسيلة» حتى ولو كانت جريمته بحق أقرب الناس إليه؟ أسئلة كثيراً ما تتبادر إلى الأذهان في هذه الأيام، حيث زادت أخبار الجرائم بكل أنواعها وأشكالها عن المألوف، وبات من الضروري إعادة النظر في كيفية تعزيز القيم المجتمعية وترسيخها، وبخاصة عند شريحة المراهقين والشباب.
عن هذا الموضوع يقول خبير التنمية البشرية- وائل الحسن خلال وقفة مع «تشرين»: الأزمة الاقتصادية تتمثل بتراجع مستويات النمو وارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستويات الدخول، وهي تطورات جميعها يترتب عليها معاناة الفئات الأكثر عرضة للتأثر بهذه التطورات، مثل الشباب أو ذوي التعليم المنخفض، والسبب انخفاض واضح في مستويات دخولها، الأمر الذي قد يولد الشعور بالإحباط لدى قطاع كبير من هؤلاء، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية يتولد الميل بين الأفراد نحو السلوكيات غير الشرعية، ويضيف: بالطبع يفترض ألا يكون تأثير الأزمة الاقتصادية في الجريمة آنياً، بمعنى أن اتساع نطاق الجريمة يأخذ وقتاً حتى تستجيب الفئات الأكثر عرضة لارتكاب الجريمة للضغوط الاقتصادية، ولذلك يفترض من الناحية النظرية أن تكون هناك فترة تأخير بين انطلاق الأزمة وارتفاع معدلات الجريمة، فخلال هذه الفترة الزمنية تتراكم الضغوط الاقتصادية على الأفراد إلى الحد الذي يدفعهم بعدها إلى هذا السلوك غير الشرعي، ويستطرد الحسن موضحاً: من الناحية النظرية يفترض أن الأوضاع الاقتصادية السيئة توفر الدوافع بصورة أكبر لدى السكان نحو اللجوء إلى الممارسات غير الشرعية، مثل السرقة أو القتل أو غيرها من أشكال الجرائم المختلفة، ومع اتساع انتشار الأزمة ترتفع مستويات الجريمة وتتعدد أشكالها كاستجابة طبيعية من الأفراد لانخفاض مستويات الدخول التي يحصلون عليها وارتفاع معدلات البطالة، فضلاً عن الآثار الاجتماعية والنفسية التي تنتج عن ارتفاع معدلات البطالة بين السكان، ولذلك فإن المسؤولية الاجتماعية للحكومة نحو الأفراد تتمثل في التخفيف من وقع الأزمات الاقتصادية عن كاهل السكان من خلال تقديم مختلف أشكال المساعدات والدعم للمحافظة على حد أدنى من مستوى المعيشة لسكانها من ناحية، وللحد من الآثار التي يمكن أن تنجم عن الأزمة على الاستقرار الاجتماعي من ناحية أخرى.
ويشير الحسن خلال حديثه إلى أنه في جميع حالات الكساد التي مررنا فيها, شهدت البلاد ارتفاعاً في معدلات الجريمة، وبخاصة سرقة المساكن وسرقة الأشخاص، والتي تعزى بصفة أساسية إلى التغيرات في الظروف الاقتصادية، حيث إن العوامل الاقتصادية مرتبطة بصورة كبيرة مع معدلات الجريمة في العالم سواء كنا نتحدث عن الأوقات العادية الخالية من الأزمات أو في أوقات انتشار الأزمات.
ورداً على سؤاله عن دور أهل الاختصاص والإعلام في تعزيز القيم المجتمعية عند الأفراد على اختلاف مستوياتهم؟ لفت إلى أن وسائل الإعلام تعد في الظروف الراهنة من أهم المؤثرات، بعدما أصبح النشاط الإعلامي هو النشاط الثالث الذي يمارسه المواطن بعد الأكل والنوم، ولأنها باتت تساهم بقوة في تشكيل المواقف، وآراء المجتمع تجاه القضايا المختلفة، وفي ترسيخ قيم النظام الاجتماعي، إضافة للدور الحيوي الذي تلعبه في حياة الناس نظراً للتطور الواسع في الحقل الإعلامي، فالمسؤولية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام في هذه الأوقات كبيرة، فهي تساعد على تناسق السلوك الاجتماعي، وتحدد العادات للأفراد والجماعات على هذا الأساس، فالتنمية الفكرية للمجتمع تعدّ من أهم عناصر السياسة الإعلامية وجانب مهم من جوانبها الرئيسة والأساسية.