طرق التعامل مع الأطفال بعد الانفصال عن الأب

طرق التعامل مع الأطفال بعد الانفصال عن الأب

شعوب وعادات

الجمعة، ٢١ أغسطس ٢٠٢٠

معاملة الأطفال بعد الطلاق ومهما كان عمر الطفل، تترك الكثير من الآثار النفسية والسلوكية السيئة، نظراً لما يعانيه الطفل من مضاعفات نفسية بفعل انفصال والديه ، وهدم البيت الذي كان يجمع أسرته الأب والأم والأبناء، وهنا نقول: إن هذا الأمر يؤثر على الطفل بشكل عام بداية من مرحلة الرضاعة -من وقت الولادة وحتى سن الثالثة- إلى مرحلة الطفولة المبكرة، والمراهقة أيضاً؛ حيث إن هذه الفترة تشكّل مرحلة التطوّر والنمو النفسيّ للطفل فيبدأ اكتشاف عالمه، وتكوين العلاقات مع أبويه وأفراد عائلته ومحيطه. عن طرق التعامل مع الأطفال بعد الانفصال عن الأب، تحدثنا الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة الطب النفسي والمستشارة الاجتماعية.
تأثير الطلاق على الرضع والأطفال
على الرغم من عمر الرضيع وعدم استيعابه للكثير من الأمور، فهو يتفاعل مع التغيرات المحيطة به، خاصة أوقات الشجار الحادّة والتغيّرات الملحوظة في مزاج الأم، مما يدفعه إلى فقدان شهيته وانعدام رغبته في الرضاعة، إضافة إلى حدوث اضطرابات ملحوظة في المعدة وميله إلى البكاء الدائم والخوف من دون أي سبب.
في مرحلة الطفولة يكون في مخيلة كل طفل أن أبويه هما أفضل شخصين على وجه الأرض. يرى الدنيا من خلالهما، وحدوث المشاكل المختلفة التي تؤدي إلى الطلاق يجعل الطفل يفقد الصورة المثالية التي رسمها لوالديه، مما يفقده ثقته في كليهما، وبالتالي يكون رافضاً لأي أوامر أو توجيهات تصدر من الأب أو الأم.
طلاق الوالدين يجعل الطفل في حيرة من أمره، فاقداً للثقة في نفسه خصوصاً إذا كانت العلاقة بين أبويه بعد الطلاق متوترة ، ويحاول كل منهما أن يكسب الطفل في صفه ويسعى إلى إفساد علاقته بالطرف الآخر.
موقف الأبناء من المشاكل الأسرية
الأبناء غالباً ما يحبون الأب والأم معاً ويكرهون الشجارات التي تحدث بينهما، ويتمنون أن يبقى الأبوان معاً؛ لأنهم لا يستطيعون الاستغناء عن أحدهما، لكن إذا تحولت علاقة الأب والأم لعلاقة مؤذية لأحدهما، فهذا كفيل بتشويه الطفل، بقدر ما يشوهه حدوث الطلاق.
كثرة المشاكل داخل البيت الواحد تؤثر على نفسية الطفل وتنتج شخصاً غير سوي، حتى لو حاول الوالدان إخفاء مشاكلهما عن الأبناء؛ فالأطفال لا يجب أن يروا ليشعروا. يكفي إحساسهم، فهم يعرفون الحقيقة دائماً.
حياة الطفل مع والديه هي الحالة الأكثر صحية لتنشئة الطفل، لكن إذا وصلت الأمور بين الوالدين إلى طريق مسدود يمكن وقتها أن يكون الطلاق خياراً أفضل، بشرط أن يتعاون الوالدان في تربية أطفالهما وأن يفصلا بين مشاكلهما الشخصية والأبناء ويحاولا معاً تجاوز مشاكلهما لصالح الأبناء.
بعد الانفصال على الوالدين أن يكونا أكثر حذراً في التعامل مع أطفالهما، فالطفل يشعر بحزن كبير وبألم الفقد نتيجة انفصال والديه، كما أن هذه الفترة الحساسة ستؤثر على حياته كلها، سيظل متذكراً هذه الفترة طوال حياته، لذلك هناك بعض الأمور التي يجب مراعاتها للحفاظ على الصحة النفسية لأطفالكما ومستقبلهم.
خطوات يجب اتخاذها قبل الطلاق
لوقاية الطفل من المضاعفات الجانبية لانفصال الوالدين، لا بدّ من اعتماد هذه الخطوات التالية:
من الضروري تجنب الجدال أمام الطفل مهما كان صغيراً، مع تفادي الخلافات التي ستضعه في حالة من التوتر والحزن والخوف.
قبل الطلاق يجب على الوالدين تحديد من سيقوم بتربية الطفل الصغير، وكيف ستكون علاقته بالطرف الآخر.
بعد الطلاق يجب الحفاظ على الاحترام المتبادل الذي سينعكس على الطفل وصحته النفسية.
كيف يؤثر طلاق الوالدين على المراهقين؟
ذكرت العديد من الأبحاث أن الانفصال يؤدي إلى إصابة المراهقين بالعديد من الأزمات والاضطرابات الصحية.
مثل: حالات متفاوتة من الصداع الدائم واضطرابات في النوم. التوتر والقلق والشعور بالخوف من كل الأحداث التي تدور حولهم. حالة من فقد الشهية والضعف العام والتعرض
إلى النحافة وسوء التغذية والهزال. وفي بعض الحالات قد تتفاقم الأزمة النفسية لديهم ويدخلون في حالات اكتئاب شديدة وحادة.
أمراض نفسية يتعرض لها الابن بعد الطلاق
حب العزلة والانطواء.. الاستقرار الأسري والجو العائلي السوي يعتبر من أهم العوامل التي تدعم سلامة الأبناء النفسية، وتُساعدهم على الانخراط في المجتمع بشكل طبيعي ومثمر، يحقق الانسجام والراحة بين جميع الأطراف، عكس التشتت والانفصال الأسري الذي يدفع بالطفل إلى تفضيل العزلة والانطواء عن المشاركة الاجتماعية الإنسانية مع آخرين.
الانحراف السلوكي والفكري.. بعد الانفصال قد ينشغل كل من الأم والأب في حياة زوجية جديدة، وينسيان ضرورة التقويم السلوكي والفكري لأبنائهم؛ مما يجعل الأبناء في مرحلة المراهقة ينساقون وراء أي أفكار أو سلوكيات منحرفة دون وجود رقابة أبوية ترشدهم إلى الطريق الصحيح.
العدوانية والثورة
الطفل المراهق في حاجة دائماً إلى الاحتواء؛ لأن مرحلة المراهقة تعتبر من أهم وأصعب المراحل في حياة الإنسان، وبالتالي إذا لم يجد الطفل الدرجة الكافية من الاحتواء والحنان؛ فإنه يُصبح طفلاً أكثر عدوانية ومراهقاً أكثر ثورة.. ناقماً على كل من حوله ويشعر بأن الجميع ضده.
كيف يتجنب الآباء تأثير الطلاق؟
بعض الآباء والأمهات ينجحون في أن يمر الطلاق بسلام على أبنائهم، دون أن يترك أي آثار سلبية على صحتهم أو سلوكهم، وللحفاظ على سلامة الأبناء النفسية، على الآباء أن يحافظوا على علاقة الود والتقدير والاحترام بينهما، وألا يكون بينهما صراعات أو نزاعات.
 
يجب أن يتم الخضوع إلى رغبة الطفل سواء كان يريد البقاء مع والده أو مع والدته، مع الحفاظ على حق الطرف الآخر في رؤية الطفل بانتظام، وأن لا يحاول أحد الأبوين أن يفسد علاقة الابن أو الابنة مع أمه أو أبيه؛ لأن ذلك يعود بشكل سلبي للغاية على الطفل.
 
الانفصال والانشغال بحياة جديدة لا يعني ترك الأبناء وشأنهم؛ بل يجب على كل أب وأم أن يقوما بدورهما في توجيه الابن إلى السلوك القويم والأخلاق الطيبة، واحتوائه على أكمل وجه، والمسئولية لا ترتبط بإيفاء المصروفات المالية
 
فقط بل الرعاية تشمل الجوانب النفسية والصحية والاجتماعية والدراسية أيضاً والترفيهية.
 
طرق التعامل مع الأطفال بعد الانفصال
 
 
أن يكون أسلوب التفكير صحياً ومتحضراً وتربوياً للوالدين لمساعدة الطفل؛ ولتقبله فكرة الانفصال، وتجنب أنماط التفكير السلبية التي تفترض أسوأ الاحتمالات.
 
أن يكون الأطفال أكثر صموداً وهدوءاً وأقل توتراً أمام النزاع المتكرر بين والديهم بعد الطلاق؛ حيث إن الطلاق قد أخرجهم من بيئة مليئة بالصراعات لبيئة أخرى هادئة.
 
يتحسن أداء الطفل إذا استمر الوالدان في المشاركة بشكل إيجابي في حياته، وعلى وجه الخصوص إذا كان الوالد غير المقيم يقيم علاقة وثيقة وداعمة مع الطفل.
 
الاستمرار في الاستماع إلى الطفل حول مشاكله وتوفير الدعم العاطفي بالقضايا اليومية، والحفاظ على الحدود والقواعد المتفق عليها بين الوالدين مع الطفل.
 
اتباع منهج مستقر وثابت ويتوافق بين الأبوين في تربية الطفل أثناء وبعد الطلاق -الاتفاق على المسموح والممنوع في تربية الطفل
 
الانضباط الأبوي المتواصل يضمن حدوداً واضحة بين الوالدين؛ فلا يسمح الأب بشيء وتنهاه الأم ولا العكس.
 
أن يدعم الآباء سلطة الطرف الآخر، وعدم الاستهزاء بها أو التهاون بها.
 
الحفاظ على الروتين العائلي المستقر للأبناء بالمنزل قدر الإمكان؛ حتى في أوقات الاضطراب والتوتر.
 
الأطفال الذين يحصلون على الدعم ممن حولهم من الوالدين، هم الأكثر قدرة على التكيف مع تغيرات الطلاق.
 
يحتاج الطفل لمزيد من:
 
 
جرعات الحنان والاطمئنان من الطرفين في تلك الفترة، رغم صعوبة تقديم ذلك من الأبوين لانغماسهما في المشاكل.
 
الطفل بحاجة للشعور بالأمان والاستقرار؛ ويتم ذلك بالتأكيد بالقول والفعل على حبكما لطفلكما (أنا ووالدك نحبك).
 
اجعلا للطفل المساحة الخاصة به في كلا المنزلين، حتى يشعر بالخصوصية والانتماء للمنزلين.
 
اهتما بالتفاصيل الصغيرة لطفلكما.. وناقشاها، وحافظا على علاقة جيدة بينكما على الرغم من صعوبة ذلك بعد الانفصال، وبلغة حوار هادئة.
 
تحذيرات يجب تجنبها مع الأطفال بعد الانفصال
 
 
– لا تتحدث بسوء عن الطرف الآخر مع الطفل أو أمام الطفل، ولا تحرض طفلك عليه بأي صورة، ولا تسمح للآخرين بحديث السوء أمام الطفل سواء عن أبيه أو أمه.
 
حاول -حاولي- الحفاظ على صورة الطرف الآخر جيدة؛ حتى لا يفقد الطفل ثقته بكل منكما فيما بعد، مع عدم الذم في الطرف الآخر أمام الطفل.
 
لا تجعلا طفلكما وسيطاً بينكما، ولا تقحما الطفل فيها، فذلك يزيد من شعوره بالخلاف بينكما، خاصة إذا كانت لهذه الرسائل دلالات خلافية.
 
لا تجعل من طفلك جاسوساً على الطرف الآخر، يمكنك معرفة أي معلومة بطريقة أخرى بعيداً عن استخدام طفلك.
 
لا تحاول استمالة الطفل ناحيتك بكسر الحدود والقواعد المتفق عليها بينكما. فذلك سيجعله غير مستقر نفسياً، وستصعب عليه معرفة حدود الصواب والخطأ.
 
إذا فقدت السيطرة على انفعالاتك أمام الطفل فبادر بإصلاح ما قمت به في لحظتها.