أزواج في دائرة زملاء العمل.. خلافات زوجية مستمرة ومنافسة محتدمة لإلغاء الآخر

أزواج في دائرة زملاء العمل.. خلافات زوجية مستمرة ومنافسة محتدمة لإلغاء الآخر

شعوب وعادات

الخميس، ٤ يونيو ٢٠٢٠

لم تهدأ وتيرة حياته بعد أن استطاع تأمين فرصة عمل لزوجته في مكان عمله كما كان يتوقع فبدلاً من أن يضيف ذلك السعادة والراحة لأسرته بات مصدر قلق وإزعاج دائم نظراً لمحاولات كل منهما إثبات تفوقه في العمل على الآخر كونهما يحملان ذات الشهادة هذا عدا عن الكثير من القضايا الأخرى المتعلقة بعلاقات العمل وملاحظات كل منهما على علاقات الآخر.
ولايختلف الحال مع منير المصطفى الذي كان اشتراكه في مهنة واحدة مع رولا في مقدمة الأسباب لاستمرار خلافاتهم بعد الزواج، حيث بدأت الغيرة تأكل الحياة الأسرية فالزوج يتحسب من نجاح زوجته وتفوقها، ولا يتوانى بدوره في كل مناسبة بالتلميح إلى تقصيرها في البيت، وضجره من البيت الذي تحول إلى مكان آخر للعمل يسوده النقاش العملي عن القضايا والقصص والمحاكم بالرغم من إيجابياته، إلا أنه يثقل جو العائلة والبيت ليحل محل الأحاديث الحياتية والعاطفية، كما أنه لا يفوت فرصة دون التلميح إلى إهمالها لأولادها لصالح عملها ونجاحها، فهل يندرج زواج المهنة الواحدة ضمن قائمة الزواج الناجح أم إنه فاشل بامتياز؟.
 
تحقيق الذات
حسب معظم الدراسات الحديثة وآراء الذين التقيناهم، فإن زواج المهنة الواحدة فاشل بنسبة عالية جداً، لعدة أسباب اجمعوا عليها مثل الغيرة والتنافس والشهرة على حساب الحياة الزوجية، وتقارب السن بين الأزواج، فكافة المهن تخلق نوعاً من التحدي بين الأزواج، لأن لكل منهم طموحاً يريد أن يحققه، وهذا يعني وجود تنافس بينهما وإن حاولا إخفاءه، لكنه سيظهر بصورة واضحة عليهما بلا شك، وحسب الدراسات النفسية للرجل الشرقي فهو دائماً يريد تحقيق ذاته من خلال نزعته الذكورية التي تعطيه حق القوامة على المرأة، وإذا ما رأى أن زوجته ناجحة يسعى لتضييق الخناق عليها، ويعمل على إفشال مشاريعها، ويبدأ بمطالبتها بالاهتمام بالأطفال والبيت.
 
طموح مشروع
منير أبو حمرة وكميليا محمود أكدا أن اشتراك الزوجين في مهنة واحدة أو مكان عمل واحد، سيصب في ميزان التوافق بين الزوجين، لاشتراكهما في نمط وظروف العمل، وسيتفهم كل منها ظروف عمل الآخر، وهذا من شأنه أن يحد من الخلافات الزوجية التي تنشأ بين أي زوجين نتيجة عدم تقدير الظروف، وأن التقارب الفكري والثقافي ضروري لنجاح الحياة الزوجية، وعملهما متكامل كتعويض نقص معين من أحد أنواع الأدوية في إحدى الصيدليات أو المناوبة في أيام العطل، ولا مجال للغيرة والتنافس لقناعتهما أن لكل مجتهد نصيب، ويؤكد منير أنه لا يمكن أن نحد من طموح المرأة، لأن ذلك سينعكس سلباً على أجواء المنزل، لذا يجب إفساح المجال أمامها لتحقيق طموحها إثباتاً لذاتها.
 
المرونة المطلوبة
وأكدت لينا عبد الباقي “محامية” على أنها تحترم عمل زوجها المهندس وتراعي ظروف عمله الذي يتطلب البقاء خارج المنزل كثيراً، موضحة أن زوجها هو الآخر يتفهم طبيعة عملها ووجودها خارج البيت في العمل فضلاً عن تبادلهما الخبرات فيما بينها وبين زوجها، لافتة إلى أن ظروف الحياة الصعبة تتطلب أن يكون كلا الطرفين متمسكاً بمبدأ المرونة حتى تسير دفة الحياة بهدوء، مبينةً أن زواج المهنة الواحدة قد يكون عاملاً للنجاح في حياة الزوجين.
 
ضريبة النجاح
واجتمعت الآراء على أن شهرة الزوجة ونجاحها وتفوقها، إحدى أهم المشاكل التي تواجه كل الأزواج بغض النظر عن المهنة الواحدة، إلا أنها تتضاعف في الأسر التي تجمعهم مهنة مشتركة أو متماثلة، فالرجل الشرقي يرفض أن يبقى في الظل وزوجته في الأضواء، حسب رأي جمانة الحلبي التي تحدثت عن أسباب فشل علاقتها بزوجها الذي تزوجته عن حب، وهو زميل لها يعمل بنفس الاختصاص “الطب”، فقالت كانت حياتنا الزوجية تسير بشكل طبيعي، وكان هناك تبادل للأفكار ونقاشات جميلة في صميم عملنا، إلى أن أصبحت رئيسة القسم، فخلق منصبي الجديد لديه نوعاً من الغضب غير المبرر، ولم يلتزم بأي أمر إداري أقره لدرجة أصبحنا نتشاجر أمام الزملاء، وتكررت المواقف حتى أخذت قرار الانفصال وانتقلت من عملي.
 
طبيعة العمل
تتحمل العلاقة الزوجية النجاح أو الفشل حسب رأي العديد من الاختصاصيين الاجتماعيين الذين أكدوا على أنه يعود لطبيعة المجتمع وطبيعة الأفراد أنفسهم، فالعمل بنفس المهنة والاختصاص يخلق نوعاً من التفاهم والتفهم لطبيعة العمل من قبل الزوجين، بحيث يختلف معظم الأزواج نتيجة لجهل طبيعة عمل الآخر، ففي أصحاب المهنة الواحدة تكون هناك مراعاة ودعم بدلاً من المحاسبة والشجار، وتستطيع المرأة مراعاة ظروف عمل زوجها، كما يستطيع الزوج تفهم الضغوطات والالتزامات المترتبة على زوجته في عملها، ولكن هناك الكثير من الآثار السلبية للمهنة الواحدة وأهمها التنافس والعمل على إحراز التقدم والنجاح والشهرة بين الزوجين، ما يولد جواً أسرياً مشحوناً بالغيرة والتنافر نتيجة لإحساس الآخر بالعطاء دون مقابل، والغيرة بسبب نجاح أحد الزوجين.
 
بالمحصلة
يبدو أن الموضوع يعود إلى قدرة الشركاء على استيعاب وتفهم ظروف عملهم في مهنة واحدة والالتقاء في نقطة تقديم التنازلات للطرف الآخر من أجل تحصين حياتهم الأسرية وتدعيم مقومات سعادتها، كما يجب على الطرفين التخلص من الأنانية والغيرة ودعم النجاح والتفوق الذي يحققه كلاهما.
البعث