شركة تعرض العمل داخل

شركة تعرض العمل داخل "كهف" لمنع تشتيت الهواتف للانتباه

شعوب وعادات

الجمعة، ١٧ أبريل ٢٠٢٠

هيا بنا نبدأ العمل، لكن انتظر ثانية واحدة، فهناك هذا الخبر الذي يتعين عليك ببساطة أن تطلع عليه، وهناك أيضا خمسة إخطارات جديدة من "فيس بوك"، ويستمر هاتفك الجوال في الطنين. ولا يتوقف أبدا.
 
ويمر الوقت سريعا، ويمسك العالم الحديث بزمامنا في قبضته بقوة على الرغم من اعتزامنا إنجاز قدر من العمل.
وهنا يأتي الحل على يد شركة "كيفداي" أي يوم في الكهف وهو كناية عن الابتعاد عن ضجيج العالم الحديث، ويشرح جيك كاهانا الهدف من الشركة قائلا "إننا ابتكرنا كيفداي لنعرف العالم كيفية التركيز".
 
ويلتف خمسة رجال و15 فتاة على شكل دائرة حول مكتب معدني، يقع في الطابق التاسع من مبنى إداري بوسط حي مانهاتن بنيويوك، وأولى التعليمات التي يصدرها كاهانا لهؤلاء الدارسين : ضعوا هواتفكم جانبا.
وتظل المجموعة جالسة للحظات، ويقول كاهانا إن "هواتفنا الذكية تجعلنا أكثر غباء"، ويضيف" إننا ".نفتحها 80 مرة في اليوم، ونضغط على الإخطارات التي تصلنا آلاف المرات".
 
ويوضح كاهانا الأمر قائلا أن الناس يركزون عادة على عملهم لمدة 40 ثانية إلى أن تشتت إخطارات الهواتف انتباههم مرة أخرى، ويضيف "هذا الوضع ينتج عنه عمل ضحل"، وفي ظل هذه الظروف لن تكون قادرا على التركيز في عملك لفترة كافية لتدون كتابا أو تصمم حملة جديدة أو تنتج مقطع فيديو، أو تؤسس شركة جديدة مثلما فعل كاهانا وشركاؤه.
 
ومنذ عامين أدرك المصمم كاهانا وشريكاه في تأسيس الشركة جيرمي ردليف وموللي سونستنج، كيف يحققوا مزيدا من الإنتاجية في حالة عزل أنفسهم عن إغراءات العالم الرقمي كما لو كانوا يعيشون داخل "كهف".
ومن هنا نظموا عام 2017 أول تجربة لهم للعيش داخل "كهف"، ومن هنا جاءت فكرة شركة "كيفداي". ويتذكر كاهانا قائلا إن "الناس أحبوا الفكرة".
 
 
ويرى الإخصائي النفسي الألماني تيم هاجمان أن مشكلة تشتت الانتباه أثناء العمل تزايدت مع اختراع الهاتف الذكي، وهذا له علاقة بحاجة البشر للتواصل الاجتماعي. غير أن مثل هذا التشتت سرعان ما يؤثر سلبا على التركيز، وفي حالة استجابتك للبريد الإليكتروني على سبيل المثال، فسيتغرق الأمر منك عادة خمس دقائق حتى تستأنف العمل من حيث انتهيت، مهما كانت نوعية عملك.
 
 
ويمكنك تخيل شركة "كيفداي" على أنها خليط بين مساحة للعمل والعلاج الجماعي، وفي بداية الدورة التعليمية يطلب كاهانا من كل شخص يقف في الدائرة أن يذكر اسمه والهدف الذي يريد تحقيقه من عمله، وترى البعض منهم يعكف على الكتابة والبعض الآخر على الرسم أو الدراسة.
 
 
ثم يسأل كهانا المشاركين عما يريدون إغلاقه اليوم، ويختار كثيرون إنستجرام ويوتيوب والبريد الإليكتروني، وبعد موجة من "التصفيق المدوي" الجماعي المحفز، يبدأ الجميع في العمل على أحد المكاتب الخشبية. وتتحول الغرفة إلى صمت مطبق.
 
 
والفارق بين شركة "كيفداي" وبين غيرها من مكاتب العمل الجماعي الأخرى، مثل "وي وورك" أو "رايترز رووم" في نيوروك التي تتيح مساحة لعمل الكتاب الشباب، هو أنها تشجع التفاعل الجماعي الحيوي والنشط، وفي هذا الصدد يقول كاهانا إن "العنصر البشري المتمثل في أن المشارك محاط بآخرين هو ما يجعل شركتنا مميزة".