ضمن السلوكيات العدوانية العنف الأسري.. محاولات للسيطرة وفرض الآراء الفردية وانفعالات تبرز الحالة النفسية

ضمن السلوكيات العدوانية العنف الأسري.. محاولات للسيطرة وفرض الآراء الفردية وانفعالات تبرز الحالة النفسية

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٨ فبراير ٢٠٢٠

يتسم العنف الأسري بالسلوك والفعل العدواني الذي يقوم به أحد أفراد العائلة ضمن مجموعة أفراد تربطهم علاقة أسرية قوية، ولكن يتفاوتون مادياً، وثقافياً، واجتماعياً، وهذا النوع من العنف يعرف بأنه جملة من الانفعالات المؤذية والمضطربة التي يتسببها شخص لمجموعة أفراد آخرين كاللجوء إلى الضرب، والتسبب لهم بجروح وإعاقات مختلفة، والتسبب في إعاقة، أو القتل والسباب باستخدام ألفاظ مهينة، أو تقييد حركة وحرية باقي الأفراد، والتحكم في حاجاتهم الأساسية، وإجبارهم على القيام بأفعال لا تتناسب مع إرادتهم، بالإضافة إلى التسبب لهم بالخروج القسري، والهروب من المنزل، ويصنف العنف الأسري ضمن حالات، ويوصف بالهيكلي، وهو يعود إلى مفهوم الظلم الاجتماعي الذي يعتبر جزءاً من عقلية المجتمع، والفئات المختلفة فيه، ويمكن أن يكون عنفاً جسدياً، أما العنف الشخصي أو المباشر فيقصد به أن مرتكب العنف يكون له دائماً هدف محدد يسعى له، كما أن للعنف أشكالاً عديدة كالعنف الكامن، والعنف الواضح والمقصود، والعنف غير المقصود، وهناك أيضاً عنف فردي، وهو الذي يحدث بين الأشخاص في الحياة اليومية، أما العنف الجمعي فيتمثّل في حالة الإرهاب أو الحرب.
 
عنف شرعي
بالنسبة للقانون يميز بين العنف غير الشرعي، وهو الذي يعاقب عليه القانون، والعنف الشرعي الذي يتأسس من خلال المعايير والقيم المتعارف عليها، كالعنف المرتبط بالتنشئة الاجتماعية، أو بتفريغ الطاقة الغريزية، أو ببعض العبادات في المجتمعات المغلقة، وهنا تبيّن المحامية لمى الناصر أن لبعض المجتمعات قوانين وأحكاماً مرتبطة بموروثها الثقافي، وتقاليدها الاجتماعية الخاصة التي يقف القانون أمام أفعالها عاجزاً وغير قادر على المعاقبة، منها قضايا الشرف والشتيمة والسباب، ويقسم إلى نوعين: الأول يسمى العنف الفيزيقي المقصود الموجّه لإحداث ألم في حد ذاته، وهو سلبي دائماً، والثاني العنف الأدائي الذي يقصد به استخدام الضوابط الفيزيقية بشكل تهديدي، أو عقابي لدفع شخص ما أو أشخاص لتنفيذ سلوك بعينه، وتضيف الناصر: تسيطر على الإنسان بعض الغرائز الفطرية التي تدفعه للقيام بفعل معين كالاعتداء على الآخرين دون أسباب، وهذا النوع هدفه إخراج جميع الطاقات السلبية والعدائية لدى الشخص، وفي حالات الإحباط يكون الهدف من السلوك العدائي التخلص من القلق الناتج عن موقف فاشل، وهناك إجماع على أن الشخص المحبط في معظم الأحيان يقحم نفسه في السلوك العدواني نتيجة الربط بين حالة الشخص والفعل العدائي، ومن وجهة نظر سيكولوجية فإن الشخص الذي يشعر بالفشل وعدم القدرة على مجاراة الآخرين يتسبب بخلق سلوك عدواني مع أفراد عائلته ومجتمعه، وفي هذا النوع يكون الهدف من العدوان التركيز على أهمية متطلباته ورغباته التي تصطدم بعوارض عديدة، وكلما ازدادت حالة الإحباط زادت حالة العنف وردة الفعل، منها حالات الإحباط الناتجة عن حرمان عاطفي، أو سوء الحالة الاقتصادية.
 
مبدأ القوة
تشكّل يومياتنا الكثير من الأزمات والضغوطات المختلفة التي تعتبر عوامل خارجية مؤثرة على الجانب النفسي، والتي قد تساهم في اللجوء لفعل عدواني تجاه أفراد العائلة مصدرها الأب أو الأم، وهنا لابد من التنويه إلى أن مشكلات العمل ومجريات الأمور غير السارة في الحياة اليومية تدفع إلى اتباع العنف للتعبير عن الهموم والمشكلات، وقد يكون للازدحام وتلوث البيئة والأحوال الجوية كالحرارة المرتفعة محرك لاستخدام هذا العنف، وهناك بعض الأشخاص الذين يعتبرون التدخل بحياتهم والتعدي على خصوصيتهم دافعاً لممارسة العدوان، والمزيد من العنف مع الآخرين، وتبرير إيذاء الآخرين، ويفسر المختص في علم الاجتماع أحمد عبد الغني أن العنف الأسري ينتج من مبدأ الأقوى والأضعف بين الرجل والمرأة، وغالباً يكون الرجل هو الأقوى، لذلك معظم حالات العنف الأسري تكون ضد المرأة، وتساعد في ذلك جملة الصراعات والانفعالات الجانبية، أما باقي أفراد العائلة فهم على الأغلب يواجهون الرفض في تلبية متطلباتهم الأساسية، أو المقارنة غير المتكافئة بينهم، وحصول بعضهم على امتيازات خاصة بهم، على الرغم من أن تماسك الأسرة هو واجب مطلوب من الجميع، وهم مجبرون ولديهم مسؤولية تجاهها من أجل أن تستمر حتى لو كان ذلك على حساب راحة ومصلحة الآخرين.
 
الرغبة في السيطرة
تفرد شخص واحد باستخدام الصلاحيات والسلطة هو ما يحدث في العائلة، حيث يسيطر الأب على باقي الأفراد، فهو المتحكم باقتصاد العائلة ومواردها، ويمتلك قوة التهديد والعقاب والثواب، وذلك بعكس نظريات بعض العلماء الذين يرون أنه كلما ازدادت قوة الشخص وتملكه للموارد قل استخدامه لسلطته بطرق عنيفة، وبحسب عبد الغني أن الأب أو الزوج الذي لا يمتلك مستوى تعليمياً عالياً، أو حالة اقتصادية جيدة، أو مستوى اجتماعياً مرموقاً هو أكثر ميلاً للجوء إلى أساليب التعنيف في تعامله مع متطلبات أفراد أسرته، فالعنف يعتبر السلوك الأمثل له لاستخدام سلطته، وطريقة فعالة للتحكم لفرض آرائه ورغباته على الآخرين، والسيطرة على جملة رغباتهم ومتطلباتهم.
 
ميادة حسن